يبدوملف النازحين السوريين في لبنان مشكلة عالقة الى امد طويل بحسب ما ترى مصادر سياسية مطلّعة على الملف، خصوصاً ان بعض الافرقاء دعوا الى التفاوض بين الحكومتين اللبنانية والسورية لحل هذه الازمة التي تضخّمت كثيراً ولم يعد مقبولاً السكوت عنها، في حين اعتبر البعض الآخر أن التفاوض مرفوض مع النظام السوري، في ظل غياب الخطة الفعلية لملف النازحين…
إنطلاقاً من هنا رأت المصادر بأن الافق مسدود في هذا الاطار إلا في حال وجود الحل السياسي الدولي لهذه الازمة، مع ان ذلك مستبعد حالياً لان المجتمع الدولي لا يشجع عودة النازحين قبل انتهاء الحرب نهائياً في سوريا. وما قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب في خطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة اكد ذلك وأثار بلبلة وإستياءً شديدين على الساحة اللبنانية، بعد طرحه توطين اللاجئين في البلدان التي يقيمون فيها، وقوله: «بكلفة توطين لاجئ في الولايات المتحدة، يمكننا مساعدة عشرة لاجئين في مناطقهم»، ما إعتبر تصريحاً علنياً لتوطين النازحين في لبنان والاردن وتركيا، لكن ردّ رئيس الجمهورية ميشال عون «بأننا لن نسمح بالتوطين والقرارُ في هذا الشأنِ يعودُ لنا وليسَ لغيرنا»، اراح اللبنانيين الذين عاشوا اخطار التوطين ولا يزالوا مع اللاجئين الفلسطينيين في ظل تبريرات واهية غير مقنعة دفع لبنان ثمنها كالعادة.
الى ذلك ذكرّت هذه المصادر بالفقرة «ط» الواردة في مقدمة الدستور اللبناني التي تؤكد أن لبنان وطن نهائي وارضه واحدة لكل اللبنانيين»، واشارت الى رفض معظم المسؤولين اللبنانيين للتوطين بإستثناء البعض الذين يؤيدونه لأسباب مذهبية، ولفتت الى تأكيد اكبر مرجعية في الدولة وهو رئيس الجمهورية الذي اشار الى الصعوبات التي يواجهها لبنان في إستقبال الاعداد الكبيرة من النازحين السوريين، لان تكرار الخطأ مرتين لا يجوز خصوصاً اننا دفعنا الاثمان الباهظة كوطن وكشعب، مؤكدة بأن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري هما على خط الرئيس عون برفضهم للتوطين.
واشارت المصادر عينها الى ان زيارة الحريري قبل اسبوعين الى موسكو اتت لهذا الهدف بعد لقائه الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الروسي ديمتري ميدفيديف ووزير الخارجية سيرغي لافروف، كما أتت ايضاً لتزخيم الدور الروسي في الشرق الأوسط إنطلاقاً من الساحة السورية بشكل خاص وما يرتبط بها من ملفات في الدول المجاورة من بينها لبنان، بحيث طرح ملف التوطين بصورة خاصة وطلب الحريري المساعدة الروسية لحل هذا الملف العالق، وقد وُعد خيراً عبر الحوار الروسي مع دمشق، لافتة الى ان روسيا إستجابت للطلب لانها تريد مواصلة التعاون مع لبنان وبالتالي فتح الابواب على مصراعيها بهدف الدخول بقوة الى الساحة السياسية اللبنانية ولعب دور مؤثر فيها تماماً كما هو دورها في سوريا، كما وعدت موسكو بتقديم الدعم الإقتصادي للبنان والمساعدة بعمليات التنقيب واستخراج النفط، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري من خلال تقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني.
وختمت المصادر نقلاً عن اوساط الحريري بأن النازحين السوريين سيعودون من دون شك الى بلادهم، ولكن على دفعات ومراحل وليس في الفترة المرتقبة، والامر يحتاج الى حوار جدّي روسي – سوري بحسب الوعود التي تلقاها رئيس الحكومة.