منذ أن وصف الوزير ثامر السبهان «حزب الله» بـ«حزب الشيطان»، بدا واضحاً أن ثمة من وضع الشيطان وراء الباب دون أي اعتبار لزعزعة الوضع اللبناني وربما… لتفجيره.
في أحد لقاءاته في بيروت، وحيث الجدران تتكلم، اقترحت شخصية حزبية رفيعة تدخّل الرياض لدى واشنطن لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، أو لاعادة التأكيد على البند (3) من القرار1559 القاضي بالدعوة الى «حل ونزع اسلحة الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية».
اذا حالت المعادلة القائمة في المنظمة الدولية دون ذلك، تكفي التغطية الأميركية للقوى المناهضة للحزب بتنظيم مهرجانات وتظاهرات تضم عشرات بل مئات الآلاف، وترفع شعارات اخراج الحزب من لبنان، وعلى غرار ما حدث عشية الخروج السوري عام 2005.
ولقد تردد وراء الضوء أن الشخصية اياها التي دأبت على دعوة «حزب الله» الى مغادرة سوريا، باعتبار أن وجوده هناك وراء ظهور «داعش» و«النصرة» في لبنان، تراجعت عن هذا الموقف وارتأت أن يبقى مقاتلو الحزب حيث هم، مع اللجوء الى كل «الوسائل المتاحة» لتفكيك الترسانة الصاروخية للحزب.
لعل المثير في المعلومات المتداولة أن الشخصية الحزبية رأت، وأمام الوزير السعودي، ان انهاء الوجود العسكري لـ«حزب الله» ليس بالمسألة المستحيلة. تظاهرات حاشدة ممولة من قبل الرياض، وعقوبات أميركية تضغط، سيكولوجياً ومادياً، اضافة الى تهديدات اسرائيلية، تزيد في عزلة الحزب وتزعزع، حتماً، البيئة الحاضنة.
لدى جهات لبنانية موثوق بها معلومات عن اجتماعات رفيعة المستوى (وللعبارة هنا معناها) عقدت بين مسؤولين سعوديين واسرائيليين ونتجت منها مقررات هامة، وتتعلق بالسبل الآيلة الى ازالة «حزب الله» من المعادلة الاقليمية بالتنسيق العملاني واللوجيستي مع قوى لبنانية ترتبط بالبلاط السعودي.
تالياً، ما يظهر الان من نشاطات سعودية حيال لبنان لا ينفصل عن اتصالات دقيقة، ومستمرة، مع كل من واشنطن وتل أبيب، على أن يتم تنفيذ السيناريو على مراحل، حتى ولو اقتضى الأمر برمجة هزات أمنية في بعض المناطق اللبنانية، ويمكن أن تستثمر في مجال التعبئة السياسية والمذهبية.
الرياض تسعى لاعادة ذلك الاصطفاف الثنائي القاتل والذي شلّ البلاد لنحو عقد من الزمن، وان كان واضحاً ان التفاعلات الاقليمية تجعل الحلبة اللبنانية، خصوصاً اذا ما توافرت الأموال والاسلحة، على فوهة بركان.
وكان نائب سابق عرف بلهاثه الهيستيري وراء المقعد النيابي قد أعلن الاتجاه الى تشكيل حركة سياسية تنضوي في اطارها أسماء اعلامية وفكرية (وحتى اسلاموية). أما الهدف، تبعاً لما أدلى به، فهو مجابهة «حزب الله» دون أن يكون لها أي هدف آخر في دولة يستشري فيها التعفّن السياسي والأخلاقي، وتفتقد الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
شيء ما يشبه 14 أذار، ولكن بإدارة أكثر ديناميكية، وأكثر قابلية للمواجهة، مع وضع ورقة عمل (استراتيجية) تتمحور، بشكل رئيسي حول نزع أظافر «حزب الله»، وترفض أي ائتلاف حكومي معه، ناهيك بالقطيعة القطعية مع نوابه.
هل باستطاعة الرئيس سعد الحريري أن يختط هذا الاتجاه ؟ يعلم أن رئاسة الحكومة هي خشبة الخلاص الوحيدة له، وأن لا حكومة دون الشراكة مع الحزب وحلفائه.
السيناريو يشمل الجهات التي تساعد على «تأمين التغطية الداخلية» للحزب، لا سيما التغطية المسيحية. الرئيس ميشال عون على رأس اللائحة، وقد لوّح وزير سابق، ويلعب في اطار السيناريو اياه، بتحويل الاقامة في القصر الى جحيم ان لم يعد رئيس الجمهورية الى «السراط المستقيم».
نجوم السيناريو هم نجوم الكوميديا التي تدعى «النأي بالنفس». الآن محاولة عبثية لاعادة رص الصفوف بعد فشل كل رهان على سقوط دمشق. مرة اخرى، أين المملكة على المسرح السوري؟ انه اللعب الفولكلوري على المسرح اللبناني…