من الحضور المكثف لرؤساء «البرلمانات» الخليجية الى منع الوفد الايراني من المشاركة و«نبش» كل الخلافات مع طهران دفعة واحدة، وصولاً الى التلاسن اللبناني – السعودي، كان واضحاً أن السعودية و«توابعها» أرادت تحويل الدورة الـ14 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، في الرباط، منصة للهجوم على ايران، ولفرض رؤيتها الى قضايا المنطقة على الدول الأعضاء.
ايران التي رئست الدورة الماضية غابت بعدما رفضت السلطات المغربية السماح بدخول وفد ايراني استبق وصول رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني الى المؤتمر الذي بدأ الإثنين الماضي وينهي أعماله اليوم، ما دفع الأخير إلى إلغاء مشاركته. رغم أن النظام الداخلي للاتحاد ينص على رئاسة ثلاثية للاتحاد (رؤساء الدورات السابقة والحالية والمقبلة)، وعلى أن يتولى رئيس الدورة المنتهية (لاريجاني) ادارة الجلسة الافتتاحية لحين انتخاب رئيس مجلس البلد المضيف رئيساً للمؤتمر (رئيس مجلس النواب المغربي الحبيب المالكي). وقد أدّت إثارة الوفدين التركي واللبناني (مؤلف من النائبين قاسم هاشم وايهاب حمادة) لمنع الوفد الايراني من الدخول الى إثارة غضب المضيفين المغاربة.
وفيما سُجلت مواقف متمايزة للوفود التركي والجزائري والكويتي عن الموقفين السعودي والاماراتي، لوحظ التزام الوفدين الفلسطيني والعراقي «الحياد» تجاه القضايا الخلافية التي أدت الى مشادات وانسحابات. كما كان لافتاً الاقبال الخليجي على الترشح لعضوية لجان المؤتمر كاللجنة العامة للاتحاد، واللجنة التنفيذية، واللجان المتخصصة الدائمة للعام 2019، في ما بدا محاولة للامساك بمفاصل المؤتمر ولجانه المختلفة.
رئيس مجلس الشورى السعودي عبد الله آل الشيخ ورئيسة المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي أمل القبيسي أصرّا، من خارج السياق، على تضمين البيان الختامي توصيات تتعلق بـ«التدخل الايراني في سوريا وفي شؤون العالم العربي» و«الاحتلال الايراني للجزر الاماراتية الثلاث»، وطالبا بحذف الفقرات التي تشدّد على أهمية الاتفاق النووي الايراني وتشيد بجهود تركيا وايران وروسيا لوقف اطلاق النار في سوريا وتدين العقوبات المفروضة على طهران. وعندما سجّل النائب حمادة استهجان الوفد اللبناني للخروج على النظام الداخلي والآليات المرعية كون التوصيات المقترحة لم تُحل سابقاً على اللجنة التنفيذية لدرسها ووضعها على جدول الأعمال وفق الأصول، وأن ما يُطلب حذفه مرّ عبر اللجان المختصة وأُقرّ، بادره آل الشيخ بالسؤال: «هل أنت مندوب لبنان أم ايران؟»، ليحتدم النقاش ويردّ عليه حمادة بالقول: «بأي حق انت هنا وأنتم لا برلمان منتخب في بلادكم؟ أنت المستجلَب فيما نحن العرب الأقحاح الذين حفظنا كرامة العرب والمسلمين»، قبل أن ينسحب الوفد اللبناني من الجلسة ليعود بعد تدخلات.
سأل رئيس مجلس الشورى السعودي النائب حمادة: أنت مندوب لبنان أم ايران؟
وينص النظام الداخلي للمؤتمر على أن تتقدم الدول الأعضاء باقتراحاتها للتوصيات ومشاريع القرارات التي يفترض أن يتضمنها البيان النهائي الى اللجنة التنفيذية، قبل ثلاثة اشهر من انعقاد المؤتمر، على أن تجرى مناقشتها في اللجان المختصة وتحال الى لجنة الصياغة النهائية لاقرارها والمصادقة عليها في ما يسمّى «إعلان الرباط».
اللافت أن المندوب السعودي رفض، في الوقت نفسه، اقتراحاً تركياً بتضمين البيان الختامي فقرة تتعلق بـ«الوضع الانساني للمسلمين في اليمن» بذريعة أن الأمر لم يُطرح سابقاً على اللجنة التنفيذية! ورغم الموافقة السودانية والتأييد السوري واللبناني وكامل المجموعة الافريقية للاقتراح التركي، استمات آل الشيخ في رفض الاقتراح، وتضامن معه رئيس مجلس النواب المغربي الذي طلب من الأمانة العامة إعداد تقرير عن «أوضاع المسلمين في اليمن وغير اليمن لمناقشته في وقت لاحق»!
وعلمت «الأخبار» أن الوفد اللبناني اقترح شطب كلمة «الاحتلال الصهيوني اسرائيل» أينما وردت في البيان الختامي واستخدام عبارة «الكيان الصهيوني الغاصب» من دون استخدام لفظ «إسرائيل»، فتم إقرار الاقتراح.