IMLebanon

خطة امنية سرّية لمنع اي توظيف اقليمي للساحة الداخلية

 

ظهّرت حالة الخوف والهلع التي رافقت الإعلان عن كشف مواد قابلة للإنفجار في إحدى السيارات في وسط بيروت، مدى دقة وخطورة الوضع الأمني الذي تعيشه الساحة الداخلية في هذه المرحلة. وقد بات في حكم المؤكد، أن الخلايا الإرهابية التي تنتشر في أكثر من منطقة، وليس فقط داخل المخيّـمات الفلسطينية، تعمل وفق أجـندة «إرهابيـة»، وقد نجحت الأجهزة الأمنية في إحباط كل ما كان يجري الإعداد له لتنفـيذ عمـليات انتقـامية من قبل تنظيم «داعش» و«النصرة»، بعد انتصار الجيش اللبناني في الجرود الشرقية.

وبحسب مصادر ديبلوماسية أوروبية، فإن المناخ العام في سوريا لا يوحي حتى الساعة بوجود أي مؤشّرات على نهاية الحرب، ذلك أن ما يجري حالياً من معارك في حماه وبعض المناطق السورية، وخصوصاً عودة الوتيرة الكثيفة للغارات الروسية تزامناً مع غارات «التحالف الدولي»، إنما يدلّ على أن الأمور ما زالت تدور في أجواء استمرار الحرب، وسط توقّعات عن امتداد الصراعات العسكرية إلى مناطق أخرى جديدة، وتحديداً على الحدود السورية ـ التركية. وكشفت المصادر نفسها، أن دخول العدو الإسرائيلي على خط القصف الجوي في سوريا، يطرح تساؤلات حول تداعيات هذه التطورات على الداخل اللبناني أمنياً وسياسياً في آن واحد.

ونقلت المصادر ذاتها، عن تقارير لأجهزة مخابرات إقليمية، تشير إلى قرع طبول الحرب في تركيا، وذلك على خلفية الاستفتاء الذي تقوم به كردستان من أجل نيل استـقلالها، الأمر الذي سيفاقم من حجـم المخـاوف من خـلق دويلات جديد في المنطقة إلى جانب إسرائيل، وهذا بدوره سيولّد فرزاً طائفياً ومذهبياً، ويفتّت المنـطقة إلى دويـلات. وفي هذا المجال، لاحظت المصادر أن المخيّمات الفلسطينية هي تحت الأضواء كونها تشكّل عـامل تفجـير في أي توقيـت، خصوصـاً في ظل معلومات يتم التداول بها أخيراً عن وجود عناصر من جبهة «النصرة» وتنظيم «داعش» الإرهابيين، ينشطون في داخل المخيّم، ويهـدّدون أمنه وأمن المناطق المجاورة. وأكدت أن هذه المعطيات تبقي كل الاحتمالات الواردة في السياق الأمني لجهة التحذير من إمكان تسلّل أي مجموعة إرهابية لتنفيذ عمليات انتقامية ضد اللبنانيين. وبالتالي، فإن هذه العناوين قد بُحثت أخيراً في مجلس الدفاع الأعلى الأخير في قصر بعبدا، والذي اتخذ قرارات سرّية بغية مواجهة أي اعتداءات وتفجيرات سواء في المخيّمات الفلسطينية أو خارجها.

وترى المصادر الديبلوماسية الأوروبية عينها، أن ما يجري في المنطقة قد يحوّل لبنان مجدّداً إلى صندوق بريد لتبادل الرسائل السياسية والأمنية بين اللاعبين الإقليميين، في ظل انخراط معظم القوى اللبنانية في المحاور الإقليمية، وهو ما ترك انعكاسات على كل المستويات السياسية، وبشكل خاص على الحكومة ودورها وعملها، وبمعنى آخر، فإن كل الاستحقاقات المرتقبة، ولا سيما الانتخابات النيابية المقبلة، ستكون أيضاً تحت التأثيرات الإقليمية.

وفي سياق متصل، يعتقد أحد الوزراء السابقين، أن دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لتقصير ولاية المجلس النيابي، إنما قد تكون جاءت بناء على هذه المتغيّرات في المنطقة، وهو الذي لديه قراءة سياسية لمجريات الأوضاع داخلياً وإقليمياً، يدرك إلى أين يمكن أن يصل البلد واستحقاقاته فيما لو وصلت تردّدات التجاذب الإقليمي إلى المؤسّسات. وأضاف الوزير السابق، أنه من الممكن أن تكون قد تواترت إلى الرئيس بري معلومات عن «طبخة» يقوم بها أطراف داخليون وخارجيون لتمديد رابع لمجلس النواب، وهي التي دفعت إلى تقصير ولاية المجلس. وأضاف أن إمكانية الإتيان بمجلس نواب مغاير سياسياً للأكثرية النيابية الحالية لمواكبة ومتابعة استحقاقات رئاسة الجمهورية والملف السوري، وعودة التطبيع مع دمشق، هي التي تدفع بقوة نحو انتخابات نيابية مبكرة استباقاً لأي تحوّلات إقليمية.

وخلص المصدر الوزاري السابق، إلى أنه في مواجهة هذه التطوّرات، على كافة القوى السياسية أن تسعى إلى تحصين الساحتين السياسية والأمنية، مع العلم أن هنالك إجراءات أمنية مشدّدة متّخذة في كل المناطق يغلب عليها الطابع السرّي، كما أن حراكاً ديبلوماسياً لبنانياً يسجّل في عواصم القرار، ويؤكد على استمرار تحييد لبنان عن حروب المنطقة من خلال دعمه وإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم في أقرب موعد ممكن.