Site icon IMLebanon

سلسلة اقتراحات للائتلاف في الشوف وعاليه سقطت بسبب كثرة المرشحين

 

منذ إقرار قانون الإنتخاب الجديد، أدرك رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّ مبدأ التصويت النسبي سيحرمه من سيطرته السابقة شبه التامة على الشوف وعاليه، وبدأ يسعى جاهداً لتشكيل إئتلاف واسع من القوى والأحزاب والشخصيّات في «الجبل» لتجنّب المعركة، وللإحتفاظ بأكبر عدد مُمكن من المقاعد النيابيّة التي تُشكّل السند الأساس لزعامته السياسيّة على الساحة الوطنيّة. لكنّ هذه الجُهود والمُحاولات لم تصل إلى خواتم إيجابيّة حتى الساعة، فما هي الأسباب، وماذا سيحصل في حال عدم حلّ المشاكل العالقة في المُستقبل القريب؟

بحسب مصدر سياسي مُطلع، إنّ رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» إقترح مراراً وتكراراً تشكيل إئتلاف إنتخابي واسع، لكنّه في الوقت عينه، قرّر الإحتفاظ بثمانية مقاعد من أصل ثلاثة عشر مقعدًا ضُمن دائرة «الشوف عاليه»، ما يعني بقاء خمسة مقاعد فقط لمختلف القوى الأساسيّة الأخرى مثل «التيّار الوطني الحرّ» و«القوات اللبنانيّة» و«الكتائب اللبنانيّة» و«الوطنيّين الأحرار» عن المسيحيّين، و«المُستقبل» عن السنّة، و«الحزب الديموقراطي اللبناني» عن الدروز (عبر ترك أحد المقعدين الدرزيّين في عاليه فارغاً)، الأمر الذي أدّى إلى سقوط هذا الطرح، بسبب كثرة عدد المُرشّحين في مقابل محدوديّة المقاعد الباقية، ورفض كل من «الوطني الحُرّ» و«القوّات» و«المُستقبل» تحجيمهم بمقعد واحد لكلّ منهم، ورفض النائب أرسلان مُعاملته وكأنّه في موقع ضعف وعجز. وتابع المصدر أنّ جنبلاط تابع بعد الفشل الأوّل، تقديم العروض الإنتخابيّة، وهو طرح عبر مُمثّليه خلال الأسابيع القليلة الماضية سلسلة من الإقتراحات لتشكيل إئتلاف واسع نسبياً، عارضاً رفع الحصّص أكثر من العرض الأوّل لبعض القوى على حساب أخرى بطبيعة الحال، من دون أن ينجح حتى الساعة في نيل مُوافقة نهائية من أي جهة.

وكشف المصدر السياسي أنّ مُفاوضي «الحزب التقدّمي الإشتراكي»، وبعد أن تخلّوا عن النائب دوري شمعون ومنحوا مقعده لصالح الوزير السابق ناجي البستاني، عرضوا على «التيّار الوطني الحُرّ» أنّ ينال المقاعد الثلاثة التي يُطالب بها على حساب التحالف مع «القوّات»، لكن بشرط أن يُقدّم مرشّح واحد عن الشوف، وعن المقعد الماروني بالتحديد أي على حساب النائب جورج عدوان وليس عن المقعد الكاثوليكي حفاظًا على مقعد النائب نعمة طعمة، وأن يُقدّم مرشّحان عن عاليه، أحدهما بطبيعة الحال الوزير سيزار أبو خليل، لكنّ التيّار رفض العرض مُطالباً بمقعدين في الشوف وليس في عاليه، علمًا أنّ «التيّار» كان أوعز إلى مجموعة من المرشحين بتحضير أنفسهم لخوض المعركة في الشوف ومنهم كلاً من غسان عطاالله كمرشّح كاثوليكي، وماريو عون وغياث البستاني كمرشّحين مارونيّين، وإيلي حنا كمرشّح أرثوذكسي، ووزير البيئة طارق الخطيب كمرشّح سنّي، إلخ.

وأضاف المصدر نفسه أنّ مُفاوضي «الإشتراكي» عرضوا أيضًا على «القوّات» التحالف معها على حساب «التيّار»، والمُوافقة على مطلبها بالحُصول على ترشيحين أحدهما عن المقعد الماروني في الشوف لصالح النائب عدوان والثاني عن المقعد الأرثوذكسي في عاليه لصالح أنيس نصّار على حساب المُرشّح الكتائبي النائب فادي الهبر، لكنّ «القوّات» بقيت مُصرّة على رفض التواجد على لائحة واحدة إلى جانب المرشّح المحامي ناجي البستاني.

وتابع المصدر السياسي المُطلع كلامه بالإشارة إلى أنّه وعلى الرغم من تأكيد كل من «الإشتراكي» و«المُستقبل» التحالف إنتخابيًا، فإنّ دائرة «الشوف -عاليه» ـ وبعكس باقي الدوائر، لا تزال عرضة للتجاذب بين الطرفين، حيث يتمسك جنبلاط حتى الساعة بترشيح بلال عبد الله (من بلدة شحيم) عن أحد المقعدين السنّيين في الشوف، في مُقابل إصرار «المُستقبل» على ضرورة سحب هذا الترشيح لعدّة أسباب، أوّلها أنّ «المُستقبل» مُتمسّك بترشيح النائب محمد حجار (من بلدة شحيم) عن أحد المقعدين السنّيين في الشوف، ما يستوجب أن يكون المرشّح السنّي الثاني من برجا وليس من شحيم، وثانيهما أنّ «المُستقبل» يخشى ذهاب أصوات بلدة برجا بما تُمثّله من ثقل شعبي وأصوات «الجماعة الإسلاميّة» فيها إلى مرشّحين منافسين في حال عدم تمثيل البلدة. والسبب الثالث لإستمرار عمليّة شدّ الحبال بين «الإشتراكي» و«المُستقبل» يتمثّل في مُطالبة «المُستقبل» بنائبين عن الشوف، أي إمّا مرشّحين عن الطائفة السنّية، وإما مرشّح سنّي وآخر مسيحي، وفي هذه الحال يكون الوزير السابق غطاس خوري عن أحد المقاعد المارونيّة في الشوف.

ودائماً بحسب المصدر السياسي المُطلع، إنّ جنبلاط لن يتمكّن من تشكيل إئتلاف إنتخابي واسع، لأنّ المقاعد الخمسة التي أبدى إستعداده للتخلّي عنها لا تكفي لهكذا تحالف في ظلّ الطُموحات الحزبيّة الكبيرة، ما يعني أنّ «الحزب التقدمي الإشتراكي» ذاهب إلى معركة قاسية في دائرة «الشوف عاليه». لأنّ التحالف مع «الوطني الحُرّ» سيُخرج «القوات» ويضعها في موقع المنافس، والعكس صحيح، من دون أن ننسى الخسارة التلقائية لدعم كل من حزبي «الكتائب» و«الأحرار»، ومن دون التطرّق أيضًا إلى مشاكل جنبلاط مع كل من «الحزب الديمقراطي اللبناني» برئاسة النائب طلال أرسلان، ومع «حزب التوحيد العربي» برئاسة الوزير السابق وئام وهاب، ومن دون إحتساب ثقل «الحزب القومي السوري» و«الحزب الشيوعي» والناخبين الشيعة ومؤيّدي المُجتمع المدني.

وختم المصدر السياسي المُطلع بتوقع الإعلان عن لائحتين قويّتين ـ على الأقلّ، بمواجهة لائحة المرشّح تيمور وليد جنبلاط، على أن تُبصرا النور فور إعلان النائب جنبلاط عن لائحته كاملة. وأضاف أنّ المُفارقة أنّ رفض رئيس «الإشتراكي» التنازل، قد يدفع خُصوم الأمس إلى التكتّل ضُدّه، وهذا الأمر يشمل إحتمالات عدّة، مثل توحّد أرسلان والوزير السابق وهاب ضمن لائحة واحدة، ومثل إعلان كل من «الوطني الحُرّ» و«القوّات» لائحة واحدة، وكذلك إحتمال تكتّل «التيار الوطني الحُرّ» إلى جانب «الحزب الديموقراطي اللبناني» أو «حزب التوحيد» ضُد جنبلاط، وغيرها من الإحتمالات. وقال المصدر إنّ إبعاد مجموعة من القوى الأساسيّة عن اللائحة المدعومة من جنبلاط حتمي بسبب محدوديّة المقاعد، ما يعني أنّ المعركة الإنتخابيّة الشرسة قائمة لا محالة، لكنّ الأطراف التي ستواجه جنبلاط لم تتظهّر بعد في إنتظار إنتهاء المهل القانونيّة أو التأكّد من فشل مُحاولة التواجد معه على اللائحة الإنتخابيّة نفسها.