Site icon IMLebanon

التسوية لا تبرر التجاوزات

 

تكشف معلومات وزارية عن ان ما رافق تعيينات المجلس الدستوري من جهة واتهامات وخلل باعتراف أكثر من جهة سياسية ونيابية مشاركة في الحكومة، يكرس التساؤلات والهواجس كما علامات الاستفهام لدى الرأي العام اللبناني كما لدى المجتمع الدولي من الخطوات المستقبلية المتصلة بملف التعيينات اولا وبالمجلس الدستوري ثانياً، خصوصاً وان ما شاب هذه العملية من التباسات قد قوبل بالعديد من الردود والبيانات والمواقف الوزارية والنيابية التي تؤكد وجود اساس للاعتراضات التي لم تقتصر فقط على «القوات اللبنانية» بل تخطت الحزب الى احزاب عدة وشخصيات حقوقية، اجمعت على رفض المقاربة السياسية البعيدة عن الآليات القانونية كما عن ابتعاد هذه الخطوة عن النهج الديموقراطي.

 

وبحسب المعلومات فان الوعود الكثيرة التي كشفت عنها «القوات» كما بعض الاطراف السياسية والتي لم يتم الالتزام بها لاسباب متنوعة، لا تلغي المعادلات السياسية القائمة والتي ترتكز الى نظرة تعاون وتحالف داخل الحكومة وصولاً الى التلاقي عند قواسم ونقاط مشتركة في العناوين الاستراتيجية كما في الملفات الحياتية مع كل المكونات ومن ضمنها «التيار الوطني الحر»، على الرغم من عملية «الاقصاء» عن المجلس الدستوري.

 

ومع انحسار القلق من الوضع المالي في الايام الماضية، وانتقال الاهتمام الى اجندة الحكومة في الجلسة الوزارية الاسبوع الجاري، تتوقع المعلومات الوزارية ان قواعد التهدئة الداخلية ستفرض نفسها في المرحلة المقبلة ولو بقيت بعض الترسبات في النقاشات الجانبية التي قد تسجل على هامش الجلسة خصوصاً وان الهدف الاول الذي تلتقي عليه كل الاطراف السياسية اليوم، هو الخروج من التصريحات التصعيدية ومن الحملات الاتهامية الى خفض التوتر والعمل من خلال الخلية الاقتصادية التي سيصار الى تشكيلها، على وضع خارطة طريق انقاذية تؤدي الى تمرير القطوع المالي الذي لا يزال يتهدد لبنان.

 

لكن هذا التسليم بالامر الواقع وبالضرورات الوطنية التي تحتم تضافر الجهود لمواجهة التحديات لا يلغي وجوب العمل على معالجة الثغرات التي سجلت في تعيين حصة الحكومة في المجلس الدستوري كما تضيف المعلومات الوزارية نفسها، لأن ما حصل على هذا الصعيد واستهدف فريقا معينا مرشح لان يتكرر ويستهدف افرقاء اخرين، وبالتالي فإن تمرير هذه الخطوة وحتى تبريرها، لا يتناسب مع حجم اثارها السلبية على الشراكة سواء داخل البيت المسيحي او على المستوى الوطني، علما ان القبول بكل ما رافق التعيينات من ملابسات والتباسات يعزز الاعتقاد لدى المكونات الحكومية الحليفة او المتخاصمة بأن التعاطي مع الاستحقاقات سيحصل على القطعة ووفق التسويات الآنية والخلافات المرحلية حيث لا خلاف دائم كما لا تحالف دائم وذلك بصرف النظر عن المرمى لدى الرئاستين الاولى والثالثة على السير بموجب التسوية الرئاسية ولكن من منظار حسابات الربح والخسارة لكل طرف وان كان طرف بارز في هذه التسوية هو الوحيد الذي يتحمل الخسارة المباشرة وذلك على امتداد المرحلة السابقة وليس فقط في تعيين اعضاء المجلس الدستوري.

 

وفي هذا المجال تحذر المعلومات من ارتدادات ومحاذير المعادلة المستجدة في مجلس الوزراء والتي لن تقتصر على جهة سياسية دون الجهات الباقية موضحة ان استبعاد الاصوات المعارضة او المنتقدة هو سيف ذو حدين لا سيما عند حصول تحولات في المعادلة السياسية وذلك في مرحلة سياسية واقتصادية هي الاصعب التي مر بها لبنان وتتطلب العودة الى الدستور واعادة الاعتبار الى الديموقراطية والى المؤسسات الدستورية وخصوصا مؤسسات الرقابة.