IMLebanon

تسوية تضمن استمرار مناطق النفوذ الخارجي

 

حرب سوريا على مسافة شهر من إكمال عامها السابع. ولا أحد يعرف مدى المسافة الزمنية التي يسجلها عدّاد اللعبة الجيوسياسية للوصول الى نقطة البداية في سلام سوريا. فالنص في بيان جنيف – ١ وبياني فيينا وقراري مجلس الأمن ٢١١٨ و٢٢٥٤ على عملية سياسية جامعة بقيادة سورية ليس مطابقا للواقع. وما يدور في الكواليس وتدار به الأحداث على المسرح هو مزيج من الصراع والتنافس والتفاهم على مناطق النفوذ للقوى الاقليمية والدولية المنخرطة في الحرب، والبحث عن تسوية بين السوريين يتوقف نوعها ومحتواها على صيغة تضمن الاستمرارية لمناطق النفوذ. وهذه معادلة بالغة الصعوبة.

ومن هنا استهلاك الموفدين الدوليين والتعثر في محادثات جنيف، والنجاح الشكلي لمسار أستانا في مناطق خفض التصعيد، والمفارقات في مؤتمر سوتشي. فالأمم المتحدة تتولى الاشراف على التحضير لخيار سياسي يديره عمليا الروس والأميركيون، لا فقط مع استمرار الحرب، بل أيضا مع استمرار أكثر من طرف في الرهان على الخيار العسكري. والنظام حصل في محادثات جنيف على ما يريده: لا تفاوض جديا مع المعارضين على تسوية، لا مباشرة ولا عبر الوسيط الدولي. وموسكو وطهران وأنقرة حصلت على ما تريد في أستانا: تكريس دور الدول الضامنة للتهدئة الموضعية، وهي تشارك في القتال. ولم تتوقف روسيا أمام الاعتراضات على مؤتمر سوتشي، بحيث وصلت الى النتائج التي تريدها كما قال الخبير الروسي المشارك في المؤتمر فيتالي نعومكين.

 

ذلك ان الحديث عن حوار بين أكثر من ألف مدعو الى ما سمّي مؤتمر الحوار الوطني السوري هو شطحة سوريالية. وتأليف لجنة من أشخاص غير منتخبين لصوغ دستور هو من مهام مجلس تأسيسي منتخب، ليس سوى اشارة الى محدودية التسوية التي تريدها موسكو. ولا يبدّل في الأمر رشوة الأمم المتحدة بوضع اللجنة تحت اشراف الموفد الدولي الذي راهن على أميركا ثم على روسيا لمساعدته من دون جدوى.

والكل يرى ان الأولوية حاليا هي لترتيب مناطق النفوذ بين أميركا وروسيا وايران وتركيا: روسيا كرّست على الأرض وبالاتفاقات مواقع نفوذها عسكريا واقتصاديا وسياسيا. أميركا حدّدت منطقة نفوذها شرق الفرات. تركيا لم تصل بعد الى تثبيت منطقة نفوذها غرب الفرات. وايران تقاتل الى جانب النظام لتثبيت سوريا المفيدة كمرحلة أولى وضمان قاعدة بحرية على المتوسط ووجود بشري حول دمشق وصولا الى جبهة الجولان. واسرائيل الرافضة للوجود الايراني تضرب وتعمل على ضمّ تفاهمها مع روسيا الى تحالفها مع أميركا.

وفي سوريا ودول الجوار ١٣ مليون سوري في حاجة الى دواء وغذاء ومسكن.