Site icon IMLebanon

صفعة على وجه لبنان

 

لغة الرّدح التي سمعناها خلال اليومين الماضيين لا تبشّر بخريف هادىء، على الرّغم من ان السياسيّين عوّدوا اللبنانيّين على التناحر وتبادل التّهم وكيل الشتائم، ثمّ في لحظة فرض التفاهم ينسون كل ما فعلوه ويدخلون في نوبة مديح وثناء على التفاهم، هذه عادة سيئة لا يغيّرونها!

 

ومن المؤسف أنّ مفهوم «التوافق» في لبنان كُرّس «للتسهيل» فاستخدم «للتعطيل»، ومن المؤسف أنّنا نشهد منذ أكثر من مئة يوم تعطيلاً مدروساً ومتعمّداً لعمليّة تشكيل الحكومة وما يحدث هو خرق فاضح ومصادرة وتسلّط على صلاحيات رئيس الحكومة ومهمّته وتعطيلٍ لدوره الدّستوري، ولم يعد يجوز السكوت عن هذا الخرق الفاضح وهو أمرٌ مرفوض بكلّ المقاييس!

بالرّغم من مقولة أنّه في الماضي كان الخارج يعرقل الداخل اللبناني أما اليوم فهذا الداخل يعرقل نفسه بنفسه، ربما خلال هذه الأيام يتضح أنه كان لهذا الخارج منفعة فرض الاتفاق على اللبنانيين لأنّهم لا يتّفقون، رحم الله الرئيس الياس الهراوي الذي قال يوماً «نحن شعب لم يبلغ سنّ الرّشد»، ولا يبدو أننا سنبلغه!

العجز في المشهد اللبناني مخيف، وعلينا أن نعترف أن لبنانيين كثر يتمنون لأبنائهم «أن ينفدوا بجلدهم فقط» من هذا الوطن الذي تسكنه «عفاريت» الشرق الأوسط والخليج وإيران، والذي لا يعلم حتى الآن في فم من سيُبتلع لقمة سائغة، وإذا أردنا أن نتحدّث بموضوعيّة وصدق مع بعضنا البعض، علينا الاعتراف بأننا لسنا دولة، وأننا نعيش في وطن أسهل الأمور فيه إفتعال أزمات وعقد أو إشعال «فتن» متنقّلة، وصحيح أن الأمن ممسوك، ولكنّه في نفس الوقت أمن هشّ وأي نسمة ريح ستهزّه بعنف!

نحن في أزمة حقيقيّة، والذين يتساءلون اليوم عن التلهي بالحديث عن الصلاحيّات، نلفتهم أنّ العهد منذ اللحظة الأولى جاء معلناً أنّه سيمارس صلاحياته، من يُشكّل الحكومة؟ ضاعت الطاسة! من الذي أناط به الدستور مهمّة تشكيل الحكومة؟ وما هي صلاحيّات رئيس البلاد في عمليّة تشكيل الحكومة، وللمناسبة «الأعراف» مخالفة صريحة للدّستور، ولكن نحن في بلد يُخرق فيه الدستور تكريساً للعرف!! ينصّ الدستور اللبناني صراحة في بابه المتعلّق بمهام رئيس الجمهوريّة في المادة الرابعة أنّ رئيس الجمهوريّة «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة، ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم»،»توقيع المراسيم» أمر، والتدّخل في التشكيل والمطالبة بحصة من الوزراء أمر آخر، وهذا لم ينصّ عليه الدستور لا نصّاً ولا تلميحاً، ونصّ الدستور في الباب المتعلّق بمهام رئيس مجلس الوزراء في المادة الثانية أنّ رئيس مجلس الوزراء «يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها.

من يؤلّف الحكومة؟ حان الوقت لموقف حازم وحاسم من جميع المعنيين يضع النقاط على حروف هذا التعطيل والتعنّت، ما يحدث لعب بالنيران اللبنانية وخرق فاضح للدستور، حماية الطائف أولويّة، والتهاون مع ما يحدث لا يبشّر بالخير أبداً، خصوصاً مع هذا الحجّ الوزاري الذي يدين بالتبعيّة لنظام بشار الأسد من السّاعين إلى استعجال إعادته إلى لبنان!

يحتاج هذا البلد إلى صفعة على وجهه تعيده إلى صوابه لأنّه يغرق أكثر فأكثر في أزمات مفتعلة، أبطالها معروفون وسيرتهم موصوفة بافتعال الأزمات واستجلاب الكوارث!