يبقى ملف قانون الإنتخاب مادة خلافية تثير الإنقسامات ما بين القوى السياسية، وينذر باحتدام السجالات في الأسابيع القليلة الفاصلة عن موعد استحقاق القانون العتيد، خاصة وأن كل فريق يتطلّع إلى نظام انتخابي يحقّق له تطلّعاته. وفيما يؤكد العاملون على خط الإقتراحات الإنتخابية الحرص على الحقوق، وخصوصاً على الساحة المسيحية، فقد استوقف الكلام الأخير من قبل تيار «المردة» حول «النسبية».
وتقول مصادر واوساط قيادية في القوات اللبنانية عن كلام المردة ما يلي: كلام المردة ليس الا محاولة لإيهام الرأي العام، بأن موقفه من القانون الإنتخابي بتأييد النسبية الكاملة هو لصالح المسيحيين وتصوير «القوات اللبنانية» بتحفّظها عنه بأنها تفعل ذلك لأسباب تتعلق بمصلحتها الحزبية وبحسابات الربح والخسارة. واعتبرت الأوساط أن لدى المعنيين بهذا الملف غير مطلعين على حقيقة الأنظمة الإنتخابية المرتكزة على النظام النسبي والنظام المختلط، مما انعكس كمّاً هائلا من المغالطات لشرح واقع التحالفات السياسية «القوات اللبنانية» ولقدرتها الشعبية.
وعرضت الأوساط للموقف الفعلي لـ «القوات» من النسبية ضمن اجتماعات بكركي والتي حصلت في زمن سياسي آخر، حيث أن المصالحة المسيحية ووجود رئيس للجمهورية كالعماد ميشال عون في قصر بعبدا، سمحا للأحزاب المسيحية مجتمعة (إن أرادت البقية الإنضمام) بالمطالبة بنظام انتخابي يقترب من تحقيق المناصفة الفعلية التي نصّ عليها اتفاق الطائف.
وأضافت المصادر والاوساط القواتية: قامت في حينها بالمفاضلة بين قانون 1960، وهو القانون الذي تقدّم به الوزير سليمان فرنجية حين كان وزيراً للداخلية، والذي يعطي المسيحيين قدرة تأثير على حوالى 30 مقعداً وبين النظام النسبي الذي يعطي تأثيراً يترواح بين 43 و47 مقعداً وفقاً لحجم الدوائر. ووجدت الأوساط أنه من الطبيعي أن تتخلى «القوات» عن دعمها للنظام النسبي حين وجدت الفرصة متاحة للوصول إلى قانون إنتخابي مثل النظام المختلط المتّفق عليه مع «التيار الوطني الحر» والذي يعطي قدرة تأثير تصل إلى 57 مقعداً. فالفرق بين النسبية المطلقة كما هي مطروحة الآن والنظام المختلط يزيد عن 10 نواب.
وتابعت المصادر القواتية والقيادية «إن إصرار «القوات اللبنانية» على إبقاء بعض المقاعد المسيحية في الأقضية ذات الأغلبية المسيحية (ويصح الموضوع ذاته في الأقضية ذات الأكثرية المسلمة) على النظام الأكثري من ضمن صيغة النظام المختلط، إنما هو من أجل إتاحة المجال للناخب المسيحي للتأثير على أكبر قدر ممكن من المقاعد على النظام النسبي، لأنه كل ما نقص عدد المقاعد المسيحية على النظام النسبي كلما زادت قدرة التأثير للناخب المسيحي على المقاعد. وأوضحت أن من مصلحة كل الأطراف المسيحية أن توافق على النظام المختلط وخاصةً تيار «المردة» لأنه سوف يكون من أكثر المستفيدين منه. فلدى «المردة» الاكثرية الشعبية في قضاء زغرتا، لذا سوف يمكّنه النظام المختلط من المحافظة على قدرته التأثيرية على المقاعد الموضوعة على النظام الأكثري، وسوف يمنحه في الوقت ذاته قدرة لا يملكها وفق النظام الحالي لتجميع قواه الشعبية والتأثير على المقاعد الموضوعة على النظام النسبي في أقضية الشمال الأخرى. وأوضح أن النظام الأكثري الحالي والنسبية المطلقة لا يسمحان لتيار «المردة» بإحداث أي خرق خارج عن زغرتا، لأن تركيز «المردة» سوف ينصب على إيصال نواب زغرتا إلى المجلس النيابي. أمّا النظام المختلط فسوف يمنحه قدرة تأثير أكبر، بالتالي فإن لدى «المردة» مصلحة مسيحية ومصلحة ذاتية في تأييد النظام المختلط. ولاحظت أن تيار «المردة» يغلّب، كما جرت العادة، مصلحة «حزب الله» على أي مصلحة أخرى، لافتة إلى أن «القوات اللبنانية» لم تكن أبداً إقصائية في طرحها للنظام المختلط، إنما تيار «المردة» فضّل التضحية بنفسه إرضاءً لمصلحة الخط السياسي لـ«حزب الله».
واعتبرت المصادر القواتية: إن حزب «القوات اللبنانية» سيكون بالفعل من أكثر المستفيدين من أي تغيير في النظام الإنتخابي، حتى لو كان هذا النظام هو النسبية المطلقة في لبنان دائرة انتخابية واحدة، لأنه حزب لديه شعبية على مستوى لبنان من رميش إلى شدرا، حيث سيقوم بتجميع قدراته الشعبية، ويحصل على حجم سيفوق بالتأكيد حجمه النيابي الحالي، وهذا الأمر لا يتطلّب أي تحاليل سياسية عميقة، إنه يتطلّب عملية حسابية بسيطة يستطيع أي تلميذ مدرسة أن يقوم بها. من جهة أخرى، أشارت إلى أنه في حال تحالفت «القوات اللبنانية» مع «التيار الوطني الحر» أو شكلّت لوائح منفردة، فهذا لن يؤثر في حصتها، والحصة تبقى ذاتها في حال إقامة تحالفات انتخابية مع أي فريق سياسي آخر أو لا، ولكن من ستكون لديه مشكلة فعلية في التحالفات فهو تيار «المردة» الذي بإبتعاده عن «التيار الحر» سيواجه مشكلة فعلية في إقامة تحالفات انتخابية مسيحية جدية، ولذلك يطالب بإلحاح بإلحاق قضاء زغرتا بطرابلس والمنية والضنية، لتفادي مواجهة الثنائية المسيحية حيث ستكشف الأحجام الفعلية في أقضية الشمال، علماً أن هذا الأمر سوف يضعف من قدرة أهل زغرتا في التأثير على مقاعدهم.
وقالت المصادر القواتية القيادية رداً على اتهام «القوات اللبنانية» بأنها و«التيار الوطني» سيتحوّلان إلى «قاشوش» في وجه المستقلين، وقالت أنه تعمية عن الحقيقة، حيث تحافظ «القوات اللبنانية» على أفضل العلاقات مع الشخصيات المسيحية المستقلة والسيادية، والتي لديها تأييد شعبي حقيقي في مناطقها وهذه الشخصيات بالتحديد تتحضّر كي تخوض مع «القوات اللبنانية» الإستحقاق الإنتخابي المقبل سواء على النظام الأكثري، أو النسبي أو المختلط، سواء في قضاء زغرتا أو غيره. وشدّدت على أن شعبية «القوات» هي إلى زيادة بسبب وضوح رؤيتها، ثبات مبادئها، تفانيها في سبيل القضية، وبعدها كل البعد عن الفساد.
وختمت المصادر القواتية، أن سمير جعجع لا يتخبط، فيكفي فخراً للقوات اللبنانية بأن تبدّي المصلحة الوطنية على مصلحتها الذاتية، بحيث لا تنظر إلى المناصب من منطلق تحقيق المكاسب الشخصية، بل من منطلق تحقيق المصلحتين المسيحية والوطنية. فكم قد يكون من المجدي أن يتعلّم البعض من مسيرة «القوات اللبنانية» ويكفّوا عن التخبّط في سبيل تحقيق أحلامهم الشخصية.