Site icon IMLebanon

اطار استراتيجي للعقوبات وحسابات واقعية للمواجهة

 

سياسة الضرب على الجيوب هي السلاح الأكثر استخداما في أميركا على المستوى العالمي. وما أطول لائحة المشمولين بالعقوبات المالية والاقتصادية من دول وكيانات ومنظمات ومؤسسات خاصة وأفراد. وليس ما أقرّه الكونغرس من قوانين تفرض عقوبات على حزب الله ومموليه وايران ومن يساعدها في تطوير الصواريخ الباليستية سوى تصعيد في معركة مستمرة منذ سنوات تحت عنوان محاربة الارهاب. لا مجرد تصعيد كمّي في مسار كانت الألعاب فيه واضحة ومحدودة بل شيء من تبدّل نوعي.

ولا أحد يعرف مدى تأثير هذه العقوبات على لبنان، وسط سماع التطمينات من وفود وشخصيات نشطت في واشنطن وتحدثت عن النجاح في تحييد القطاع المصرفي والحدّ من تأثر لبنان. وليس خارج المألوف ان يردّ حزب الله بأنه محصّن ضد الضغوط وقليل التأثر بالعقوبات التي تطاول لبنان في النهاية، وان العقوبات هي كالعادة أوسمة على صدور من تشملهم. حتى في الدراسات الجدية، فان الخبير بيتر نيومان سجّل فشل تخفيف التمويل على مدى ١٥ سنة في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز تحت عنوان: لا تتبع المال: المشكلة مع الحرب على تمويل الارهاب. كان منطقه ان العثور صعب على أموال الارهابيين لأنها ليست ضمن النظام المالي الكوني والمصارف. وكان اقتراحه هو انه يجب وضع محاربة التمويل في اطار قرارات سياسية وديبلوماسية وعسكرية واسعة، بدل تسليمها الى وزراء المال والتركيز على القطاع المصرفي.

وهذا هو الجديد في العقوبات الحالية. فالكونغرس لاقى استراتيجية ادارة ترامب التي عنوانها كبح النفوذ الايراني. وهو ترك لوزير الخزانة اكمال القوانين بالاجراءات العملية. والوزير ستيفن منوشين قال اننا نناقش مع حلفائنا حزمة اجراءات رادعة ضد حزب الله. ومستشار الأمن القومي الجنرال ماكماستر أعلن إن مواجهة ايران وأذرعها في المنطقة أولوية للادارة، وان أخطر اجراء هو الإحجام عن مواجهة حزب الله ووكلاء ايران. والترجمة البسيطة لذلك ان العقوبات المالية والاقتصادية جزء من قرارات سياسية وعسكرية وأمنية في اطار استراتيجي.

ومن هنا الحاجة الى القراءة الدقيقة في المتغيرات التي نسفت رهانات وسياسات بدت ثابتة في رؤية ادارة أوباما للمنطقة ودور أميركا فيها كما في استسهال قوى اقليمية لمواجهة أميركا متراجعة. فاللعبة الجديدة خطرة، حيث المزيج من الصدامات والتفاهمات بين اللاعبين. وأكثر ما يحتاج اليه لبنان في مواجهة العقوبات ومفاجآت اللعبة الخطرة هو الحسابات الواقعية تحت السقف الوطني.