منذ تاريخ الشغور الرئاسي، بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، تسعى مجموعة واسعة من النواب السنة إلى عدم الإنجرار نحو الإنقسام القائم حول المرشحين الرئاسيين، بالرغم من وجود مجموعة من النواب تميل لصالح رئيس “تيار المردة” النائب السابق سليمان فرنجية ولو عاطفياً، في مقابل أخرى تصب أصواتها لصالح المرشح الذي تتوافق عليه قوى المعارضة.
هذه المجموعة من النواب، من المتعارف عليه أنها تتأثر بأمرين أساسيين:
– الأول: “التمني” السعودي بالذهاب إلى هذا الخيار أو ذاك، ما يدفع البعض إلى الإعتقاد أن الرياض، حتى الجلسة السابقة لانتخاب الرئيس، لم تكن قد دخلت على الخط الرئاسي بشكل فعلي.
– الثاني : تدور في فلك “تيار المستقبل”، وبالتالي من الطبيعي أن يكون لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري تأثير على قرارها، مع العلم أن لها خلافاتها مع حزب “القوات اللبنانية”، بسبب الإتهامات التي توجه إلى الأخير بالوقوف وراء ما حصل مع الحريري.
لفترة طويلة، كانت هذه المجموعة تفضل عدم الكشف عن حقيقة موقفها، فيما لو ذهب الإستحقاق الرئاسي إلى مواجهة فعلية بين المحورين، مفضلة البقاء في الموقع الوسطي الذي يُبعد عنها الحرج، لكن اليوم يبدو أن هذه المجموعة قررت التقدم خطوة إلى الإمام، عبر تأييد الدعوة إلى الحوار التي أعلن عنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بالتزامن مع بروز بعض الأصوات داخلها التي ترى إمكانية الذهاب إلى التوافق على إسم قائد الجيش العماد جوزاف عون كمرشح ثالث، بعد سقوط خيارات سليمان فرنجية وجهاد أزعور.
ما تقدم، لا يلغي معادلة أن بعض أعضاء هذه المجموعة يفضلون فرنجية، بسبب العلاقات التي تجمعهم معه، لكن في المقابل لا يمكن لهؤلاء أن يذهبوا إلى أي خطوة من هذا النوع، في حال لم تكن الرياض موافقة عليها بشكل واضح وصريح، ما يدفع إلى القول أن هؤلاء سيبقون في موقع الكتلة غامضة التوجهات في المرحلة الراهنة، بإنتظار الإشارة السعودية الواضحة، من دون أن يعني ذلك إنخراطهم في الإنقسام إلى جانب قوى المعارضة.
في هذا السياق، تُشير مصادر نيابية في هذا الفريق الى أن مجموعة من النواب السنة يريدون طرح انفسهم اليوم فريقاً وسطياً بين طرفي الصراع، كاشفة أنهم بصدد دراسة طرح جديد يمكن أن يقدموه على القوى السياسية، يقوم على فكرة المرشح الثالث التوافقي لعدم الاستمرار في حال المراوحة القائم حالياً، بظل رفض الحوار من قبل شريحة نيابية تصنف نفسها في الموقع المعارض.
وترى المصادر أن النواب السنة اليوم بإمكانهم لعب دور الوسيط بين الشيعية السياسية والمسيحية السياسية التي صار اصطدامها أكبر، بعد قرار رحيل سعد الحريري عن المشهد، لكن يبقى هذا التوجه رهن الموافقة السعودية، إذ لا يمكن التقليل من مشهد جمع النواب السنة الـ 21 الى جانب المفتي دريان في دارة السفير السعودي، ولو أن هذه المصادر تؤكد أن اللقاء لا يعني بأي شكل من الأشكال أن النواب الـ 21 هم في خندق رئاسي واحد، فهل نشهد في الأيام المقبلة مبادرة سنية على الخط الرئاسي؟