عامي 2013 و2015، فازت شركة برازيلية أسسها إسرائيلي بمناقصتين لشراء تبغ برازيلي لمصلحة إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية، عبر وكيل محلي. فجأة، بعد انكشاف الأمر، «ذابت» الشركة لتحلّ محلها شركة جديدة يملكها المساهمون أنفسهم، فازت بمناقصة لمصلحة الـ«ريجي» عام 2016، وتستعد للمشاركة في مناقصة جديدة مطلع السنة المقبلة!
تطلق إدارة حصر التبغ والتنباك (ريجي)، مطلع السنة المقبلة، مناقصة لشراء تبغ برازيلي مُعاد تصنيعه. ما يثير الريبة في المناقصة أنها تنطوي على شبهة التطبيع مع العدو، إذ تشارك فيها شركة «غوغلي» ــــ عبر وكيلها المحلي ــــ التي تتعامل مع الـ«ريجي» منذ عام 2016، بعد تأسيسها مباشرة في 29/4/2016. و«غوغلي» شركة برازيليّة المنشأ، يملكها خوليو سيزار وجانيس إيل ـــ وانغر. وقد فازت بمناقصة وحيدة تحمل الرقم 20/صناعيّة/2016، تحديداً بعد إزاحة شركة «ريكون إنك» التي تعاملت مع الـ«ريجي» لسنوات، والتي يملكها خوليو سيزار أيضاً مع شريك إسرائيلي يدعى أفي تزور، عبر الوكيل المحلي نفسه، أي شركة «زيمكس» اللبنانيّة.
وقد أسس تزور «ريكون إنك» عام 2002، وشاركت في مناقصات عدّة للتبغ البرازيلي المُعاد تصنيعه في لبنان، وفازت باثنتين منها: الأولى عام 2013 وتحمل رقم 06/فنيّة/2013، والثانية عام 2015 برقم 27/صناعيّة/2015.
تطبيع منذ 2013
مصادر من داخل الـ«ريجي» لفتت إلى أن «غوغلي» تأسّست «بعدما انكشفت علاقة الشريك الإسرائيلي بالشركة الأولى («ريكون إنك») لمنع انفضاح أعمالها في لبنان. وقد حُصر الموضوع حينها ضمن حلقة ضيّقة داخل قسم المشتريات. علماً أن لهذه العمليّة مخاطر عدّة. إذ فضلاً عن أنها تشكّل تطبيعاً تجارياً مع العدو، فهي تسمح بدخول منتج لا يمكن معرفة تركيبته وما يحتوي، لكون التبغ المعاد تصنيعه عبارة عن تبغ مطحون ومعجون ويصدَّر كألواح لا كورق. كذلك تسمح بدخول مال إسرائيلي إلى لبنان، لأن تعامل الدولة اللبنانيّة مع الشركة الأجنبيّة يتيح لها تحويل أتعاب وكيلها إلى لبنان بطرق قانونيّة».
الوكيل المحلي: لا يمكننا وقف التعامل مع أي شركة لأن أحد مالكي أسهمها إسرائيلي!
إدارة حصر التبغ والتنباك أكدت لـ «الأخبار» فوز شركتي «ريكون إنك» و«غوغلي» بمناقصات تبغ معاد التصنيع خلال الأعوام 2013 و2015 و2016. لكنها أكدت أن «الشركتين غير مدرجتين على لائحة مكتب مقاطعة إسرائيل التابع لوزارة الاقتصاد والتجارة بوصفه المرجع الوحيد ذا الصلاحيّة للبتّ في هذه الأمور».
من جهته، مدير شركة «زيمكس» سيرج زوين، أشار إلى أن «الشركة ليست مُدرجة ضمن لائحة الشركات الممنوعة من العمل في لبنان وفقاً لقانون مقاطعة إسرائيل، وبالتالي لا يمكننا وقف التعامل مع أي شركة فقط لأن أحد مالكي الأسهم فيها إسرائيلي، كذلك لا يمكننا التدقيق بأسماء كل المساهمين قبيل التعامل مع أي شركة، وإلّا عندها علينا التوقف عن الأكل والشرب، باعتبار أن كلّ الشركات العالميّة يساهم فيها إسرائيليون». ونفى زوين معرفته بهوية مالكي الشركة، مشيراً إلى أن العلاقة مع «ريكون إنك» ومن ثمّ مع «غوغلي» «محصورة بخوليو سيزار فقط، ولا أعلم بالشريك الإسرائيلي. فضلاً عن أن كلّ ما يقال عن انكشاف هوية المساهم الإسرائيلي، وتدخّل قسم المشتريات لمصلحة الشركة أمر غير صحيح»، رافضاً في المقابل الكشف عن الأسباب التي أدّت إلى توقّف «ريكون إنك» عن العمل في لبنان، واستبدال «غوغلي» بها.
على ماذا ينصّ القانون؟
تنصّ المادّة الأولى من قانون مقاطعة إسرائيل الصادر عام 1955 على «حظر عقد أي اتفاق مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل، أو منتمين إليها بجنسيتهم، أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها، وذلك متى كان موضوع الاتفاق صفقة تجاريّة أو عمليّات ماليّة أو أي تعامل آخر أياً كانت طبيعته».
شركتان يساهم فيهما إسرائيليون فازتا بثلاث مناقصات عبر وكيل محلي
إذاً، القانون واضح، وما حصل في الـ«ريجي»، ومستمرّ حتى اليوم، يندرج في إطار التطبيع التجاري مع العدو. ويوضح أستاذ القانون في المعهد الوطني للإدارة عصام إسماعيل أن «التعامل مع الشركة الأولى ينطوي على خرق لقانون مقاطعة إسرائيل، لكون أحد مساهميها يحمل الجنسيّة الاسرائيليّة. كذلك إن استمرار التعامل مع الشركة الثانية، ولو أن مالكيها لا ينتمون بجنسيتهم إلى إسرائيل، ينطوي أيضاً على خرق للقانون نفسه، باعتبار أن لهذه الشركة علاقات مع اسرائيل أو مع شخص يحمل جنسيتها، تماماً كما يتمّ اعتبار أن تعامل أي شركة أجنبيّة مع إسرائيل سبب كافٍ لقطع العلاقة معها». وأضاف أن «هذا الأمر يستوجب تحرّكاً لوضع الشركة على القائمة السوداء اللبنانيّة، فضلاً عن فتح تحقيق مع الوكيل، ومع الـ«ريجي» حول قبولها التعامل مع الشركة الأولى سابقاً والذي قد يكون ناتجاً من سوء علم وإدارة بعدم التحقق من هوية مالكيها، وحول استمرار التعامل مع الشركة الثانية حتى اليوم بعد انكشاف الأمر».