Site icon IMLebanon

عنوان يفرض نفسه على أجندة الحكومة

           

سلك الأفرقاء الطريق الدستوري في تشكيل السلطات وصولاً إلى محطة تشكيل الحكومة، حيث تُعوّل كل كتلة نيابية على حصد الحقائب «الحرزانة»، فيما مُفترض بمن يُمني النفس للمشاركة بهذه الحكومة أن يأتي مُحمّلاً بحقائب تحمل حلولاً للقضايا التي تفرض نفسها والتي تصبّ كلها عند الوضع الاقتصادي.

وعلى رغم أنّ القوى نفسها التي أوصلت البلاد إلى هذه الأوضاع تشكّل السلطة الحالية، إلا أنه ليس أمامها إلّا الإسراع بتشكيل الحكومة وبتغيير ذهنية التعاطي والحُكم، فـ»إن لم يتراجعوا ليس أمامنا إلّا «المهوار»، على حد قول أحد النواب المتابعين بدقة لكل الملفات.

التحذيرات حول الوضع المالي – الاقتصادي ليست بجديدة، إنما صمّ الآذان عن التحذيرات لسنوات والاستمرار باعتماد السياسات نفسها، لا يعني أنّ الأمور لا تنحو نحو الأسوأ، واليوم يقف لبنان في الخانة الأخيرة من اللعبة التي مارستها السلطة المتعاقبة، والضوء الأحمر الذي أضيء في وجهها للتوقّف هو الأخير. فإمّا التوقف وتغيير الطريق وإمّا دفن ما يُسمّى بـ»الدولة اللبنانية».

يعتبر البعض أنّ رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري لا يُحسد إذ إنه واقع بين مطرقة الخارج وسندان «حزب الله». وعن قدرته على التعامل مع التصعيد الخليجي والدولي ضد «حزب الله»، والهامش الذي يتمتع به لتشكيل الحكومة، تقول مصادر تيار «المستقبل» لـ»الجمهورية» إنّ «مسؤولية إقناع «حزب الله» بالتجاوب وبإرسال إشارات إيجابية تسهّل عمل الحريري وموقف لبنان وصورته بالنسبة للخارج تقع على الرئيس نبيه بري».

وتعتبر المصادر المستقبلية أنّ «هذا الدور مُناط بالرئيس بري، فإن كان مقتنعاً أنّ هناك مخاطر حقيقية على البلد من المفترض أن يعمل في اتجاه «حزب الله» لدفعه على الأقل نحو العقلنة»، مشيرةً إلى أنّ «حزب الله» وغيره قد يعتبرون أنّ الحريري هو الطرف الآخر أو المواجه، فيما بري حليفهم وهو من يمكنه التحدث مع الحزب».

وبَدا لوهلة وكأنّ الجميع توقف عند الضوء الاقتصادي الأحمر لمحاولة إيجاد طريق بديل لتخليص البلد، وأنّ الجميع يحاول التعامل بإيجابية، إلّا أنّ إصرار كل فريق على حقائب معينة أثبت العكس.

من جهتها، تؤكد مصادر نيابية لـ»الجمهورية» أنّ «البلد بحاجة إلى هدوء ووحدة واتفاق بين الأفرقاء»، وتلفت إلى أنّ «الجميع يُدرك أنّ الوضع لا يحتمل مماطلة». وتعتقد أن لا «عقبات مؤثرة وأساسية، وأنّ التفاهم سيتمّ فمن الواضح أنّ غالبية الأفرقاء سيذهبون في هذا الاتجاه».

ولا ترى المصادر أنّ «الدفع في اتجاه حكومة وحدة وطنية بشكلٍ سريع مرتبط بالتصعيد الخليجي والدولي ضد «حزب الله»، بمقدار ما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي السيئ، الأمر الواضح والمعروف منذ ما قبل الانتخابات».

وتؤكّد أنّ «الوضع المالي الاقتصادي يفرض نفسه كأولوية على أجندة الحكومة المقبلة»، وتحذّر من «اننا لا نملك «رفاهية الوقت» ونحن ملزمون بالتسريع بتأليف الحكومة»، وتقول إنّ «هناك وعياً عند الجميع حول خطورة الوضع».

وهل ستتمكّن القوى نفسها التي أوصلت البلاد إلى هذا «الوضع الخطير» من إنقاذ لبنان؟ تجيب المصادر: «العودة عن الأخطاء فضيلة. وإن لم يتراجعوا أمامنا «المهوار». وتؤكّد أنّ «لبنان لم يعد قادراً على الدين كي ينتفعوا».

وترى هذه المصادر «اننا يجب أن نتبنّى شعار الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما «yes we can». وتلفت إلى أنّ «محاربة الفساد ليست مستحيلة، ولكن تتطلب إرادة قوية وشجاعة. واليوم نحن ملزمون بالسير في هذا المسار فلم نعد نملك رفاهية التردد، ومُلزمون بالإصلاح وإيقاف الهدر والفساد اللذين يدمّران الخزينة اللبنانية، وإذا أكملنا سيطال الدمار كل الشعب اللبناني وسنرى صورة أخرى بَشعة للبنان وللمجتمع اللبناني».

وتشدّد على «ضرورة معالجة عناصر ومسبّبات الأزمة الاقتصادية بصوت واحد وبوَعي».

في المقابل، لا تثق جهات سياسية أخرى من خارج السلطة وجهات اقتصادية متابعة بأيّ وعود، ولا تؤمن بأنّ هذه السلطة ستغيّر نهجها في الحكم، وترى أنّ جزءاً من الحل المالي-الاقتصادي يكمن في مناشدة الدول المشاركة في «سيدر 1» وغيرها من مؤتمرات الدعم لتقديم مساعدات عينيّة لا مالية للبنان، ولتُستخدم المليارات في معالجة أزمة النفايات وتسكير هذا الملف في لبنان، كذلك ملف الكهرباء وغيره من الملفات التي تستنزف المال العام منذ نحو 25 عاماً.