بعد نزاع سياسيٍّ وإعلاميّ انتصرت التسوية الحكومية، إنما ليس بالتزكية كفوز النائبين ألان عون ومروان حمادة بأمانة سرّ المجلس النيابي، إنما بسبب كلمة السرّ الداخلية وليس الخارجية كما يتصوّر البعض. فالاتّفاق على الحصص تمّ بعد اجتماع السيد حسن نصرالله والوزير جبران باسيل الذي رضخ لحكومة الأمر الواقع، حكومة «العشرات الثلاث» وبعد مطالبة باسيل بالكفّ عن طرح النظريات العدديّة لدقة التمثيل المسيحي أو غير المسيحي بهدف الحصول على 11 وزيراً لتأمين الثلث الضامن.
المعلومات تشير الى أنّ الحزب تمنّى على باسيل في الاجتماع الذي دام 3 ساعات تسهيل تأليف حكومة العهد الثانية قبل أن يُدركَ العهدُ سنتَه الثالثة نهاية الشهر الجاري، منعاً لتغريداتِ الشامتين التي بدأت منذ اليوم بالقول إنّ العهدَ يبدأ سنته الثالثة فارغ الجبهات.
وفي المعلومات أيضاً أنه تمّت الموافقة على إعطاء القوات أربع حقائب لم تحدَّد حتى الساعة، لكنّ نيابة رئاسة الحكومة حُسمت للقوات بعدما تخلّى عنها الرئيس عون لصالحهم، إلّا أنّ الحزب فضّل أن لا تكون وزارةُ العدل من بين تلك الوزارات وهذا ما يبرّر تشبّثَ عون بها ضمن حصته رغم أنّ مصادر القوات ما زالت تتكلّم عن «حلحلة» في احتمال إسناد هذه الحقيبة لها.
«أريد الأشغال»
المطلب الذي شدّد باسيل عليه هو حقيبة الأشغال، إلّا أنه لم يلقَ جواباً أو تجاوباً، علماً أنّ إطراء السيد حسن نصرالله للوزير باسيل كان بعد إيعاز الحزب له بالتصرّف بما يراه مناسباً بعد تصريح ناتنياهو، فاختار باسيل «جولة المطار» من بين أفكارٍ عِدّة رحّب بها «الحزب».
وفي السياق تقول مصادر مقرَّبة من تيّار «المردة» إنّ اختيار باسيل المطار ليس من باب صدفة بل «للتعليم» بشكل أو بآخر على إنجازات وزير الأشغال يوسف فنيانوس.
هكذا حُلّت العقدة الارسلانية الجنبلاطية؟
كذلك نشطت الحركة على خطّ الجبل والساحل فتسابق طلال ارسلان ووليد جنبلاط الى بيت الوسط فبعبدا، فيما علِمت «الجمهورية» أنّ التسوية بين الرجلين قضت بأن تكون تسميةُ الوزير الدرزي الثالث بيد الرؤساء عون والحريري وبري بعد أن يختار كلّ من ارسلان وجنبلاط خمسة أسماء لشخصيات محايدة ويستودعانها الرئيس المكلف الذي يسلمها الى الرئيس عون ويتمّ إطلاعُ برّي عليها.
وهذا ما حصل فعلاً أمس، حسب معلومات «الجمهورية»، بعد اعتراض ارسلان على إشراك جنبلاط في التسمية على اعتبار أنّ كتلته هي الضحية لا الآخرين.
لكنّ الرئيس المكلّف لم يوافق على طرح ارسلان فتوجّه جنبلاط الى بعبدا في زيارة فجائية بدعوة من الرئيس عون بعد شهور من القطيعة إثر إعلان جنبلاط فشل العهد في تغريدته الشهيرة التي لم يتراجع عنها. وبالإضافة الى تسليم جنبلاط لائحة بأسماء مرشحيه الخمسة قدّم للرئيس كتاباً عن الشهيد كمال جنبلاط وآخر بالإنكليزية بعنوان «سادة الصحراء».
وفي معلومات «الجمهورية» أيضاً أنّ «المعنيين» رأوا في هذه الآلية فرصة أكبر لأن يجدوا إسماً مشترَكاً بين جنبلاط وارسلان إذا طلب من الإثنين طرح خمسة أسماء عوض ثلاثة.
والعقدةُ السنّية؟
وفي سياق حلحلة العقد وبعد اعتراض الوزير السابق فيصل كرامي على تخلّي الحلفاء عنه ورفض الرئيس المكلّف التنازل عن أيٍّ من المقاعد السنّية، عاد الحديث عن تبنّي رئيس الجمهورية حلّ العقدة بتسمية الوزير السنّي من حصته.
وعقدةُ «القوات»؟
تبقى عقدة القوات التي سجّلت تقدّماً في حسم عدد حقائبها دون تحديدها، علماً أنّ القوات «تململت» من حقيبة التربية وفضّلت العدل لولا إصرار رئيس الجمهورية عليها. ويبقى السؤال: «إذا أُسندت التربية الى القوات فماذا سيُعطى الاشتراكي؟».
كلمةُ سرٍّ عابرة للحدود؟
وتفيد المعلومات بأنّ الرئيس الحريري هو مَن استدعى رؤساء الحكومات السابقين للِّقاء الثالث بغية إبلاغهم بنضوج الطبخة الحكومية في انتظار جوجلة بعض الأسماء المطروحة.
هذا على صعيد التسويات الداخلية، إلّا أنّ مصادر دبلوماسية أفادت بأنّ استعجالَ «حزب الله» تأليف الحكومة سببه العقوبات الأقسى المقبلة على لبنان «والعابرة للحدود»، ضف اليها اجتماع القمّة الفرنسية اللبنانية الاخيرة التي لوّح ماكرون فيها بإيقاف قروض «سيدر» في حال عدم تأليف الحكومة بعدما التزمت فرنسا الملفّ اللبناني فيما وضعه العالم جانباً في هذه المرحلة بالذات. وهذا ما نقله أيضاً باسيل الى «المعنيين» فور عودته من أرمينيا.
فيما تشير المصادر الدبلوماسية نفسها الى عدم إغفال الحركة السعودية الأميركية التركية التي قد يراها البعضُ حجّةً إضافيةً «لتمرير» الطبخة الحكومية وسرقة لحظة التبريد السياسي الإقليمي تجاه الملف اللبناني جراء انشغاله بالأزمات الخارجية المستجدّة والذي قابله تبريدٌ سياسيٌّ داخليّ من قبل جميع الأطراف اللبنانية خصوصاً «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» اللذين تراجعا بسحر ساحر عن خطوط الهجوم طالبَين من جيوشهما الإلكترونية وقف النار… حتى إشعار آخر.