يقول محمود درويش: “الموت لا يوجع الموتى… الموت يوجع الأحياء”
فخامة الرئيس الشهيد رنيه معوض
كم من الرؤساء ملأوا كرسي الرئاسة في غيابهم ورفعوها الى مرتبة الرمز والتخليد، وكم من الزعماء افرغوا كرسي الرئاسة من أجل رهاناتهم او لتحويل موقع الرئاسة مطيّة لمشاريعهم المستوردة من خارج الحدود.
فخامة الرئيس، من الجمهورية التي كتب لنا أن نصارع دوماً لجعلها وطناً، نكتب اليك عن حالة التردي التي وصلنا اليها، ولكن برغم الوجع لم نيأس، لم نيأس برغم صور عمالقة طبعوا ذاكرتنا الرئاسية، نراجع الماضي لنبحث عن الكبار الكبار، لنبحث عن كبار شغلوا سدّة الرئاسة وما زالت سدّة الرئاسة تبحث عنهم لتعود الى الدولة هيبتها وليعود الى لبنان الاعتبار.
إن رئيس الجمهورية هو رأس الدولة ورمز وحدة الوطن بحسب المادة 49 من الدستور اللبناني المعلق التنفيذ، فأي جريمة أكبر من قطع رأس الدولة وضرب وحدة الوطن. وصلنا الى زمن صار فيه انتخاب الرئيس يحتاج الى مؤتمرات دولية خارجياً ومؤتمرات تأسيسية داخلياً، فأي رئيس ينتج من مؤتمر دولي بين أطراف يختلفون على كل شيء حتى على عبادة الله؟ وأي رئيس ينتج من مؤتمر تأسيسي إن أفضى الى شيء فقد يفضي الى المثالثة، وبالتالي الى ثلث رئيس في الوطن الوحيد الذي يرأسه رئيس مسيحي في هذا الشرق؟
أي بلد أصبحنا نعيش فيه، مجلس نوابه ممدّد له تحت ضغط الصراع بين ولاية فقيه وإمارة أمير، وحكومة ممدّدة على الارض رازحة تحت ثقل الامن والاقتصاد وعاجزة عن اتخاذ أي قرار؟
أصبحنا نعيش في بلد تديره بقايا مؤسسات، لعل هذا الفراغ يكون خير معين لأصحاب ولاية الفقيه لاستمرارهم في حروبهم الكونية خارج الحدود وخارج كل حدود، فإن خالفناهم نحن عملاء، وإن قلنا بالدولة وبمؤسساتها نواجه الأخطار فنحن أيضاً عملاء لتصبح معادلتهم إما التكفير وسكاكينه، وبالتالي حمايتهم والتغطية على ارتكاباتهم داخل لبنان وخارجه، وإما العمالة لو أراد اللبنانيون تحييد وطنهم عن الحرائق الاقليمية والصراعات…
ولكن مهلاً، علمتنا مدرسة رنيه معوض أنه بالدولة ومؤسساتها نحمي لبنان. فالمؤسسة العسكرية لا تزال واقفة برغم الجراح ومعها يقف لبنان، وهدية الحماية الملغومة المهداة الينا من “حزب الله” مردودة مع الشكر، فنحن لا نرضى بحماية إلا من الله والجيش، ومن أنفسنا بعد الله والجيش.
لا تخف، يا فخامة الرئيس، لن نيأس برغم الوجع. فنحن أبناء الدولة وحرّاسها. ونحن أهل الجيش وحراسه. شهابيين كنا في زمن الشهابية من أجل بناء الدولة، ومقاومين كنا في زمن المقاومة اللبنانية يوم تهدّدت وجودنا أخطار.
يا فخامة الرئيس، لا تخف على ما إفتديته، لك دينٌ علينا أن نحوّل مبادئك الى حركة سياسية حزبية تضم في صفوفها الاحرار، وتتحالف مع السياديين الاحرار من أجل الدفاع عن لبنان الكيان التعددي الحرّ. وإن لم نفعل سنكون كمن يدفن ذكراك في التاريخ.
أرادوا باغتيالك أن تموت القضية، قضية المحافظة على لبنان التعددي الحر، ولكن لا أنت تموت ولا القضية طالما نحن ما زلنا هنا وعلى درب نضالك ما زلنا نسير، تماماً كما قال يوماً عن الشهادة الشاعر محمود درويش:
“نحاول أن نموت معك،
ففوق ضريحك ينبت قمح جديد،
وينزل ماء جديد،
وأنت ترانا نسير نسير ونسير”.
المحامي طوني شديد