لا يعرف كثير من اللاعبين في الشرق الأوسط كيف ستتطوّر الأوضاع خلال السنوات المقبلة، خصوصاً في سوريا ولبنان.
لقد شكّل التحالف الدولي- الإقليمي لمكافحة الإرهاب، وبخاصة «داعش»، نقطة تحوُّل في المنطقة، ودفع الأطراف المعنية في النزاع السوري الى إعادة ترتيب أوراقها، في محاولة لضمان مصالحها نتيجة الوضعية الجديدة التي ستنشئها ضربات التحالف العسكرية لاحقاً. هذه الحرب الجديدة التي تُكلّف واشنطن وحدها نحو مليار دولار شهرياً.
والبارز، هو التطوّر المستجدّ في العلاقات بين السعودية وإيران، والمبني على قناعة كل منهما بأن «داعش» إستفادت من النزاع الشرس بينهما لتقيم كياناً لها وتُعزّز نفوذها في المنطقة، وبالتالي تُشكّل خطراً مشتركاً يُهدّد أمنهما ومصالحهما.
أول هذا التقارب بين السعودية وإيران تجلّى في العراق. إستُبعد رجل طهران المستبدّ نوري المالكي. شُكّلت حكومة وحدة بعد سنوات من تهميش القوى السياسية السنيّة. وأُعطي دور أكبر للرياض بهدف إعادة التوازن الوطني والسياسي في العراق.
في اليمن، وعلى رغم مشاهد الحسم العسكري للحوثيّين ضد الحكومة، إلّا أنهما توصّلا الى اتفاق سلام بينهما لحل النزاع بدعم مشترك من السعودية وإيران.
أما في سوريا، فإن الخلاف بين القوّتين الإقليميّتين مستمر في هذه المرحلة على خلفية تبايُن المصالح بينهما، بين التمسّك الإيراني بنظام الرئيس بشار الأسد والرغبة السعودية في إسقاطه. وهذا أمر بديهي ما دام الحل السياسي مستبعداً، والأولوية للقضاء على «داعش».
وهذا الهدف، أي إنهاء «داعش» لن يتحقق في ليلة وضحاها، وإنما يتطلّب سنوات عدة، حسب الإستراتيجية التي وضعتها الإدارة الأميركية.
وفي نهاية الأمر، لا بد أن ينعكس التقارب الإيراني- السعودي على موازين القوى داخل سوريا، وعلى الوضع فيها بشكل عام، وأن يتمّ التوصل الى تسوية لتغيير النظام بدل إسقاطه.
أما بالنسبة الى لبنان، فمن المرجح أن يخف الإحتقان المذهبي السنّي – الشيعي شيئاً فشيئاً اذا استمر التقارب السعودي- الإيراني، لأن النزاع الإقليمي أساساً هو نزاع سياسي وليس طائفياً، وإن كان يأخذ الطابع المذهبي. وهذا أيضاً لن يتحقق غداً أو بعده، وإنما يحتاج الى وقت طويل قد يكون مليئاً بمزيد من التوترات والمواجهات، ربطاً بما يجري في سوريا ومع «داعش».