بين المجلس النيابي والتصويت على موازنته المصروفة لعام 2017 وترقب حصيلة جلسة مجلس الوزراء اليوم في بعبدا، وبين الزيارات الخارجية الرئاسية والقيادية لكل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الكويت وايطاليا وقائد الجيش العماد جوزيف عون الى واشنطن تتنقل الحركة السياسية على وقع الاجراءات الاميركية العقابية في المنطقة والتي طالت هذه المرة لبنان.
ففي الوقت الذي أثارت فيه التعيينات الدبلوماسية اللبنانية، في سابقة غير معتادة اعتراضا لدى بعض الدول في مقدمتها الفاتيكان، وفيما لا يزال تعيين سفير اميركي جديد في بيروت يصطدم ببعض العقبات «الاجرائية والتقنية»، اعادت عوكر تشغيل محركاتها تزامنا مع الحملة المشنّة ضد حزب الله، مفتتحة من المجلس الشيعي الاعلى جولة مشاورات ستبقى بعيدة عن الاعلام.
وبعيدا عن الاسباب الامنية الروتينية ،التي درجت العادة على التحجج بها عند اي تحرك في الكواليس، وفي ظل غياب الزيارات الدورية الاميركية لقصر بعبدا، في ظاهرة يقرأ فيها الكثيرون اشارات سلبية تعبر عن «عدم ارتياح» واشنطن للمواقف الرئاسية اللبنانية، تؤكد مصادر مقربة من السفارة الاميركية ان الخارجية الاميركية اوعزت الى السفيرة في لبنان لوضع برنامج زيارات لفعاليات لبنانية مزدوج الاهداف: الاول: استطلاعي استكشافي ،لمعرفة مواقف الاطراف من الخطوات الاميركية المتسارعة سواء في المنطقة او لبنان، والثاني: «تطميني» لشرح موقف الادارة الاميركية وايضاح بعض النقاط.
وتقول المصادر نفسها ان ثمة توجه في واشنطن يدعو الى اعادة تفعيل دور السفارة في عوكر بعدما تراجع مع وضع الملف اللبناني في عهدة البنتاغون، وتسليمه الى القيادة الاميركية الوسطى مع انحصار الدور في الفترة السابقة بالشق العسكري، كاشفة ان الفترة المقبلة ستشهد حركة دبلوماسية لافتة تجاه لبنان مع توقع وصول عدد من المسؤولين الاميركيين من مختلف القطاعات التي ستطالها العقوبات، ابرزهم من وزارة المال والخارجية وجهاز مكافحة الارهاب،هذا فضلا بالتأكيد عن الوفود العسكرية التي تصل بيروت دوريا لمتابعة التعاون مع الجيش اللبناني عن كثب،بوصفه اهم المؤسسات التي تستثمر فيها الولايات المتحدة الاميركية.
وحول تعيين سفير اميركي جديد،في ظل الكلام عن «عدم وجود كيمياء» بين السفيرة الحالية والادراة الاميركية، بحسب ما يحلو لبعض اللبنانيين الكلام، تشير المصادر المقربة من السفارة الاميركية الى ان عوكر تنفذ سياسة واشنطن وليست «دولة فاتحة عا حسابها»، وانه من الطبيعي ان تعمد الادراة الحالية الى تغيير السفيرة، وهو امر روتيني في تاريخ العهود الرئاسية، كاشفة ان ثمة بعض العقبات التي تعيق اقرار تعيين السفير الجديد الذي باتت هويته محسومة، مطمئنة الى ان الامر لن يطول، ذلك ان توجه الادارة الجمهورية في المنطقة يفرض عليها تفعيل عمل السفارة في عوكر لمواكبة الاحداث المنتظرة ومتابعة تنفيذ العقوبات المفروضة.
في غضون ذلك تتحدث اوساط دبلوماسية متابعة عن وجود ازمة صامتة في ما خص التعيينات الدبلوماسية التي اقرتها الحكومة اللبنانية في 20 آب الماضي، والتي انتقلت عدوى الانتقادات لها من الداخل الى الخارج،مع عدم حصول بيروت حتى الساعة على اي جواب رسمي من كل من الفاتيكان، الرياض ، وواشنطن، ولاغوس، حول قبول اعتماد السفراء المعينين في هذه البلدان، رغم الرسائل التي وصلت عن رفض الاسماء المطروحة، معتبرة ان تسوية يعمل عليها تقضي بابقاء الرفض مضمرا وقرارات الاعتماد معلقة ،رغم انقضاء فترة الثلاث الاشهر وتكليف الموظف الارفع رتبة في تلك السفارات بمباشرة اعمال السفير الى حين ايجاد الحلول المناسبة.
مصادر مقربة من وزارة الخارجية اللبنانية رأت ان لا مبرر لرفض اعتماد هؤلاء اذ ان سيرهم الذاتية مطابقة لشروط التعيين وهي تراعي الدول التي اعتمدوا فيها الا ان ثمة على ما يبدو اطرافا لبنانية تعمل على «خربطة» العلاقات مع بعض الدول الاساسية و«صب الزيت على النار» مستفيدة من بعض الاعتراضات التي يمكن حلها بالطرق الدبلوماسية، آملة ان يسلك الملف مساره الطبيعي قبل انقضاء مهلة الثلاثة اشهر بعد ايام.
ورأت المصادر عن همس وصل الى بيروت حول محاولة بعض العواصم ممارسة ضغوط سياسية على لبنان يدخل تحتها مسألة عدم قبول اعتماد سفراء، وهو بالطبع ما سيترك آثارا سلبية على العلاقات بين البلدين، غامزة من قناة امكانية ان يعمد لبنان الى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل، معتبرة ان على الدولة اللبنانية مراعاة مصالحها العليا في المقام الاول، قبل الاخذ بعين الاعتبار المواقف الخارجية، مذكرة من غاب عن باله ان السفير في الخارج هو ممثل لرئيس الجمهورية في المقام الاول.