IMLebanon

تذكير أميركي لروسيا بأصول اللعبة في سوريا

 

وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يشكّل مع الجنرالات الثلاثة ماتيس وكيلي وماكماستر نوعا من القوة الضابطة لاندفاعات الرئيس دونالد ترامب. وهو الوحيد بينهم صاحب العلاقة الصعبة مع سيّد البيت الأبيض الذي لا قوة أو صدقية لأي وزير خارجية من دون القرب منه. ومنذ أشهر، وهو مرشح علنا، لا همسا، للاستقالة أو الإقالة، ويوصف بأنه ميت يمشي بالمعنى السياسي. لكن خطابه المدروس في جامعة ستانفورد يعبّر عن الخطة العملية للادارة على المسرح السوري ضمن الاستراتيجية الجديدة على المسرح الاقليمي والدولي.

ذلك ان الخطاب يحمل رسائل الى كل الحلفاء والأصدقاء والأعداء والخصوم. وفي السطور وبينها تذكير روسيا بضرورة العودة الى قواعد اللعبة وأصولها بين الكبار. وهي قواعد وأصول تقيّد بها الروس والأميركيون على مدى سنوات من حرب سوريا، سواء على المسرح العسكري أو في الكواليس السياسية والديبلوماسية. لكن إغراء الربح العسكري الروسي واللاصدقية الأميركية قادا الرئيس فلاديمير بوتين الى اللعب من خارج الأصول عبر شيء من الانفراد بادارة اللعبة.

والوقائع لا تزال طريّة. حين قرّر الرئيس باراك أوباما توجيه ضربة عسكرية الى دمشق ردا على تجاوز الخط الأحمر باستخدام أسلحة كيماوية في الغوطة، أعلنت موسكو موقفا شبه محايد، قبل ان تقنع أوباما بالتراجع عن الضربة وترتيب صفقة لنزع الأسلحة الكيماوية للنظام. وعندما قرّر الرئيس بوتين التدخّل العسكري المباشر في الحرب، كان تحليل أوباما للأحداث، حسب حديثه الطويل مع مجلة أتلانتيك، هو ان داعش يمثل تهديدا مباشرا للمصالح الأميركية يستأهل ردا عسكريا، وان الرئيس بشار الأسد ليس تهديدا، والتدخل ضدّه يقود الى صدام مع روسيا التي تشكّل سوريا مصلحة أساسية لها. وفي التمهيد لمحادثات جنيف ثم في المحادثات كانت الادارة المسرحية للأمم المتحدة، والرعاية الفعلية لأميركا وروسيا.

الآن يطالب تيلرسون روسيا بالعودة الى الرعاية المشتركة والتركيز على جنيف بدل السعي لصنع سلام زائف في سوتشي، والضغط على دمشق للمشاركة الجدّية في جنيف. وهو يعترف بثلاثة أهداف للوجود العسكري الأميركي الدائم في سوريا. أولها منع ايران من استغلال فرصة ذهبية لتقوية نفوذها الشرير في سوريا. وثانيها ضمان عدم ظهور داعش مجددا، بعد التعلم من انسحاب أوباما من العراق والذي قاد الى ظهور داعش. وثالثها تركيز الحلّ السياسي على قيام نظام ديمقراطي ورحيل الأسد من خلال أدوار أميركا وروسيا وأوروبا، وإلاّ فلا مساهمة في اعادة الاعمار.

لكن اللعبة ليست فقط بين الكبار. فالقوى المحلية حاضرة وايران وتركيا وبقيّة القوى الاقليمية مؤثرة وصاحبة مصالح حسّاسة. واللعبة لا تزال بالغة التعقيد.