Site icon IMLebanon

ضحيّة “الخارج” والداخل معاً !

تنبئنا التجارب المريرة المتواصلة أن اللبنانيّين لم يعتادوا غياب “الأم الحنون” أو “الأب الرؤوم” عن أعينهم ومجالسهم إبّان مسلسل الأزمات الأطول من المسلسلات المكسيكيّة والتركيّة مجموعة.

واقع الحال هذا يؤكّده لنا، وللعالم العربي، وللعالم أجمع، الوضع الراهن والمتوّج بأكاليل من شوك الفراغ الرئاسي الذي أصبح ينافس في الشهرة غابة الأرز وقلعة بعلبك والكبّة النيّة والتبّولة…

صحيح أنهم بارعون وناجحون دائماً في تخريب كل ما يميّز لبنان وموقعه ونظامه، إلا أنهم من أفشل الفاشلين في معالجة مشكلاتهم وخلافاتهم، وفي إصلاح ما يفسدونه هم لا الدهر، وعلى مرور السنين والأزمنة، بل منذ وقيعة 1860 التي كان لـ”الخارج” الدور الأبرز والأفعل في اشعال نيران فتنتها الطوائفيّة.

من يومها بتنا نحن والقمر والخارج جيران.

دائماً وأبداً نكتشف، أثناء العودة إلى سجلّات الأحداث والحروب في لبنان، أن الدور الأوّل في تأجيج عوامل المعركة “يُعطى” أو “يُمنح” لهذه الطائفة الكبرى أو تلك، ومن دون الاتكال على عكرمةٍ ما لإشعال “الحَطْبة” الأولى كما نقرأ في سيَر الحروب والنزالات زمن القبائل وصراعاتهم حول بقعة ماء، أو ناقة، أو مرعى للأغنام والعيس.

وهل هناك مَنْ لا يعلم ماذا كانت عليه الطائفة المارونيّة، وماذا فعلت، وأين هي اليوم؟ وهل من الضروري التحدُّث عن الأخطاء والدعسات الناقصة والمغامرات المتطرّفة للطائفة السنّية؟ ولا أجد من الضروري الدخول في شرح يطول بالنسبة إلى ما أغدقته ولا تزال تغدقه الطائفة الشيعيّة في السياق ذاته، على البلد ذاته، وللأسباب ذاتها. ولكن، حين نأتي على ذكر الطوائف، فلا يعني أننا نتّهمها أو نشملها جميعها بتحمّل المسؤولية، إنما القصد والغاية التدليل على دور بعض القيادات وبعض المتزعّمين والفاعليّات، لا أبناء هذه الطوائف، ولا الطوائف كطوائف بحد ذاتها، وذلك أمر بديهي لا يحتاج إلى توضيحات.

بل لا يزال الناس يتوغّلون في هذه الحقائق والوقائع عندما يتحدّثون عن الأزمات السياسيّة، والرئاسيّة، والحكومية، والانتخابيّة، على امتداد الزمن الاستقلالي الذي لم يكن يوماً ناجزاً، ولا حتى موجوداً.

ومن أوّل الطريق وأوّل العهود التي انطلقت بعد الاستقلال مباشرة، وفي الوقت عينه غاصت في الفساد، والانحرافات، والانصياع لإرادة ما بات يُسمّى “الخارج”.

ليس من الضروري تسمية “الأشياء” بأسمائها. إلا أن “الانسحاب” الأميركي شبه التام والناجز والكامل من المنطقة العربيّة، أو من حروبها ومشاكلها واضطراباتها، قد يتطلّب المرور أيضاً بـ”الانسحاب” الفرنسي المنتدب، كما الانسحاب البريطاني (الانكليزي)، كما “الانسحاب” العثماني التركي، فانسحاب “الوصاية السورية” حديثاً.

من دون إهمال الدور الايراني، وعلى نطاق واسع، بالنسبة الى الفراغ الرئاسي وما فرَّخ على كعبه من فراغات.

بلى، إيران هي مَنْ يحتلّ اليوم عرش ما يُسمّى “الخارج” تمويهاً.