قرأت أمس تصريحاً للوزير السابق جان عبيد قال فيه “إنه غير معني بالترشيحات والترجيحات والاستطلاعات المتصلة بالمعركة الرئاسية. وأكد مجدداً انه لم يعلن ترشحه حتى الآن لمنصب رئاسة الجمهورية لغياب فرصة كريمة لمرشح مستقل وتوفيقي مثله، وبسبب حدة التنافس والصراع في البلاد بين الاطراف المختلفة”.
ربما جاء التصريح والتوضيح رداً على ما صرح به رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ”النهار” امس، عندما قال ان استطلاع الرأي الذي دعا اليه العماد ميشال عون يؤكد المؤكد، اي القوتين المسيحيتين، ويقصد بهما “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، او ربما “القوات” قبل “التيار” بعدما افادت شركة استطلاع واحصاء مسؤولين في “القوات” ان الحزب يتقدم في السنوات الأخيرة بنسبة مرتفعة أكثر من التنامي في الأوساط العونية. وفي الحالين، يخرج جعجع منتصراً، فهو اما ان يحل أولاً، وفي هذا انتصار عظيم، او ان يحل ثانياً بفارق قليل يكرسه الزعيم الثاني مسيحياً، وتالياً المرشح الاول اذا ما خسر عون فرصته الرئاسية. وهذا الأمر تحسب له أمس النائب سليمان فرنجيه بقوله ان مرشحه سيبقى عون باستطلاع أو من دونه، وهو بذلك “حفظ خط الرجعة”.
واذا كان حزب الكتائب اللبنانية أول المتضررين والمعترضين، بسبب محاولة القوتين المسيحيتين اقصاء الرئيس أمين الجميل من لائحة المرشحين، رغم قيام الأخير بجولات وصولات كانت آخرها زيارته البقاعية السبت وارتداءه عباءة زعامة عشائرية مستعارة، فإن لائحة المتضررين تطول، ولعل أبرزهم المستقلون الذين تحاول منظومة الأحزاب القضاء عليهم وتهميشهم، في محاولات مستميتة لدفعهم الى احضان الزعماء والأحزاب، سواء كانوا من السياسيين المرشحين للرئاسة أو للنيابة أو لأي موقع آخر، أو الشباب الذين يفتشون عن عمل، فـ”الكوتا” موزعة على السياسيين في لعبة قذرة يتفق فيها المسؤولون سواء انتموا الى هذا المعسكر أو ذاك، من دون اعتماد الكفاءة غالباً، بل يصبح المعيار الولاء للزعيم والقائد والولي.
هكذا يفيد عون وجعجع من نتائج استطلاع ارتضيا به مبدئياً، وربما لن ترضي نتائجه أحدهما، ليقصيا كل مرشح ثالث غيرهما، فيتأكدان معاً من اخراج قائد الجيش من الحلبة اذ لا يجوز طرح اسمه بين مرشحين انطلاقاً من موقعه الوظيفي، وبالتالي فإنه لن ينال تأييداً في الاستطلاع، اما فرنجيه فاحتاط للأمر مؤيداً عون حتى لا تتحرك الماكينة العونية لشطبه وتعميق التباعد في وجهات النظر، وسيضمن جعجع شطب الوزير السابق جان عبيد من اللائحة خصوصاً مع اعلانه عدم ترشحه حتى الآن، ولن يكون في وسع الحاكم رياض سلامه إحداث اختراق شعبي، ومثلهم كثيرون ممن لم يعلنوا ترشيحهم، إذ لا يمكن الاستطلاع ان يشمل كل اسماء الموارنة الطامحين لأنهم، ربما، بعدد الموارنة الا قليلاً! هكذا يحقق عون وجعجع انتصارهما الأول معاً.