المواقف التي ادلى بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في إطلالته المتلفزة مع ممثلي وسائل الاعلام التلفزيونية الاثنين الماضي في تقييم لنتائج سنة العهد الاولى، خلفت مواقف اقل ما يقال انها ايجابية وواعدة وتدعوالى التفاؤل على حد وصف سياسي بارز في 8 آذار وفي صلب التحالف بين «الثنائي الشيعي» والعهد الرئاسي. ويقول السياسي ان مواقف رئيس الجمهورية لا تدل فقط على رصانة وصلابة الرئيس، بل تدل على شخصية متماسكة ومتمسكة بوطنيتها وسيادتها ومدركة لمصلحة لبنان وتماسك اطرافه الداخلية وبتعايش طوائفه تحت سقف الدستور والدولة واعادة بناء مؤسساتها وبمعادلة ذهبية قوامها الجيش والشعب والمقاومة مع ربط سلاح المقاومة، العامل المساعد للجيش في ضبط الحدود ومكافحة الارهابين الصهيوني والتكفيري بحماية السلم الاهلي الذي يؤمنه هذا السلاح حتى حين نضوج الحل في الشرق الاوسط.
وفي اكثر من مفصل انتخابي وامني وسياسي واقتصادي ودستوري، يقرأ السياسي نضوج وحكمة في مواقف الرئيس في الملف الاقليمي والدولي وعلاقة لبنان بمحيطه وفي الجوانب الداخلية والتي اقترنت بانجازات هامة امنية وسياسية وانتخابية واقتصادية وعسكرية لما تحققت في الفترة القياسية وعمر الحكومة البالغ 10 اشهر لولا التسوية الرئاسية ومظلة وفرتها «ترويكا» رئاسية قوامها تفاهم الرئيسين عون ونبيه بري ورعاية هذا التفاهم من حزب الله لتخطي الازمات بـ«صفر مشاكل» بين عين التينة وبعبدا منذ اللحظة الاولى لانتخاب عون رئيساً وتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة حيث فاوض الرئيس بري عن امل وحزب الله في الحكومة كما حمى حليف الثنائي الشيعي النائب سليمان فرنجية وضمن له حصته الوازنة في الحكومة والمتمثلة في وزارة الاشغال. كما برز دور بري في التفاهم مع عون حول قانون الانتخاب والوصول بعد مخاض عسير الى قانون انتخابي وفق النسبية وعلى اساس 15 دائرة. في المقابل تمسك الحريري وفق السياسي بعلاقة طيبة مع عون وضمِن تمرير بعض التعيينات الامنية والادارية ومكنته من العودة الى السلطة والامساك بمفاصل يحتاجها لاعادة امساك شارعه السني المتشرذم بين شخصيات عدة. هذه المظلة الوطنية التي تبدومتفاهمة مع عون بحكم التسوية الرئاسية اولاً وثانياً بحكم التعاون الطبيعي بين الرئاسات الثلاث جعلت من العهد شريكا مع الشيعة وثنائي قوي بكل الاتجاهات ويمثله خط يبدأ من حارة حريك ويمر بعين التينة ويصل الى دمشق فطهران فموسكو وبكين. الى شراكة مع ثنائية درزية يمثلها اولاً النائب وليد جنبلاط وثانيا مع الوزير طلال ارسلان وتكرست هذه الشراكة بين الدروز والعهد مع «رد الاعتبار السياسي للدروز والنائب جنبلاط تحديداً من بري والحريري وعون بعد «عشاء كليمنصو» الشهير. وثالثا شراكة للعهد مع السنة يمثلها الحريري من جهة ومن جهة ثانية باقي الاطراف السنة من قوى 8 آذار المتواجدين في لبنان من بقاعه الى شماله فبيروت فصيدا والجنوب.
هذه المظلة الوطنية والسياسية والرئاسية والحزبية والطائفية والمذهبية التي تلتقي بثوابت وطنية وقومية وعربية مع العهد القوي والمدعوم بشرعية شعبية ومارونية ووطنية وبغطاء كامل من بكركي وسيدها الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تجعل من عون رئيساً كامل المواصفات ويعول عليه وعلى سنوات عهده الخمس المقبلة، ولكن السياسي البارز في 8 آذار يؤكد ان العهد يلزمه هذا الامتداد المسيحي والماروني خصوصا رغم انه الاكثر تمثيلاً مارونياً ومسيحياً. فالعلاقة بين عون والتيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل مع القوات اللبنانية تمر بمرحلة حرجة بسبب التباعد في الرؤية حول ادارة الدولة والتعيينات ومعالجة الملفات الاقتصادية والمالية وهذه الامور توتر اعلان النيات وتفاهم معراب الذي انتج تأييد الدكتور سمير جعجع العماد عون للرئاسة وكان جعجع يطمح وفق السياسي ان يكون «الشريك الماروني المضارب» وان يكون الرئيس التالي بعد عون اوان يصبح دائما الناخب الماروني الاول للرئيس. وهذا لم ولن يحصل وفق الاجندة السياسية لعون التي لا تهضم «التسويات» اوعقلية «المحاصصة» الطائفية والتي اجبر عليها في سنته الاولى بسبب التركيبة المعقدة للسياسة في لبنان وتداخلها مع الطائفية والمذهبية.
كما تبدوالعلاقة بين الكتائب ومسيحيي 14 آذار وعون وباسيل معقدة اذ يشكل هؤلاء «جبهة معارضة» مسيحية ومارونية في وجه العهد والحكومة نجحت في إقلاق راحة السلطة والتشويش على انجازات العهد لكنها لم تصل الى حد اعتبارها مصدر قلق قد يفجر الحكومة اويعرقل الانجازات اويطير التسوية السياسية برمتها وفق السياسي.
اما على مستوى العلاقة مع المردة فيكشف السياسي ان الثنائي الشيعي وحزب الله خصوصا لن يترك التوتر يسودها ولن يسمحا بأن «يرتمي» فرنجية في «حضن جعجع» اوان يخوضا الانتخابات شمالاً ضد التيار الوطني الحر لان خط جعجع معاكس لخط العهد وحلفاءه ولا يمكن التحالف معه اواعطاءه جرعات دعم مجانية ويلمح الى ان العمل جار لـ»صلحة» بين عون وباسيل وفرنجية.
وبناء على ما تقدم يؤكد السياسي ان هناك معلومات نقلتها منذ ايام شخصية مارونية ومرموقة ومقربة من بكركي الى مرجعية بارزة في 8 آذار، عن مساع حثيثة يقوم بها البطريرك الراعي والذي كلف وزيراً مسيحياً سابقاً بالاتصال بالاقطاب الموارنة الاربعة: فرنجية وجعجع والرئيس امين الجميل ونجله النائب سامي الجميل وبالرئيس عون والوزير باسيل لتحضير لقاء ماروني رباعي اوخماسي اوسداسي برعاية بكركي لتوفير المظلة المسيحية للعهد وبالسير وراء الرئيس عون الذي اثبت انه «اب كل اللبنانيين» وان صدره رحب للحوار والتفاهم مع الجميع يختم السياسي.