لم تعرف الساحة الدرزية من الانتخابات النيابية الاستقرار والتهدئة، فبعد تصعيد الانتخابات اتت حادثة الجاهلية لتعيد الانقسام الدرزي الى المربع الاول في ضوء اتهام رئيس حزب التوحيد للزعيم الاشتراكي بانه كان المحرض لاقتحام الجاهلية، وفيما تدور المعركة بين وهاب والمديرية حيث لا تمر فترة الا ويشن وهاب هجوما لاذعا على اللواء عماد عثمان الا ان شبح وليد جنبلاط يبدو حاضرا في الحديقة الخلفية للصراع بين وهاب وعثمان.
واذا كان ملف الجاهلية في عهدة القضاء فان المفارقة الاخيرة تمثلت باعادة احياء ملف الشويفات والتحرك القضائي والسياسي الذي فجره المير طلال ارسلان بالتوجه الى قصر العدل ليفجر مجددا قنبلة الشويفات في توقيت لافت يطرح علامات استفهام كثيرة حول ما يحصل من تفجير مواقف على الساحة الدرزية ومن لقاءات ارسلانية وهابية بشعارات مختلفة.
فالتحرك الاخير لارسلان باتجاه القضاء ووضعه معلومات ووثائق معينة حول اشتباك الشويفات والهجوم على النائب اكرم شهيب لم يكن عابرا لدى الاشتراكيين في الخلفية ومضمون الموقف وربطا ايضا باشكال دعوة الشيخ ناصر الدين الغريب الذي يدعمه ارسلان ووهاب الى القمة العربية، ومع ذلك يفضل الاشتراكيون عدم التصعيد ومجاراة التحرك المشبوه لماكينة ارسلان ووهاب، فيكتفي النائب وليد جنبلاط باللجوء الى وسائل التواصل مغردا عن سلاسل شيطانية فيما لا يرد النائب شهيب على محاولة زج اسمه في اشكال الشويفات كمحرض ومسؤول.
واذا كان رئيس الحزب الديمقراطي مصرا بالذهاب الى النهاية في الدعوى امام القضاء التي جرى تفعيلها مؤخر، فان الاشتراكي مصر على الاحتكام الى القضاء وهو الخيار ايضا حيث تم تزويد القضاء تورط المسؤول الامني للمير طلال ارسلان.
واذا كانت قضية الشويفات في عهدة القضاء وقضية الجاهلية ايضاً، فان الواضح ان صراع الزعامات الدرزية صار متشعبا من القضاء الى الامن والزعامة، فليس الخلاف محصوراً في حادثة معينة بل بخلاف عميق حيث تدور حرب الغاء درزية بين الزعامات على المواقع داخل الطائفة لتثبيت شعار «انا الاقوى» بين المختارة وخلدة والجاهلية.
واذا كان صراع المختارة ودارة خلدة تقليدي وتاريخي فان دخول الجاهلية كعامل جديد على المعركة بعد ان طور وهاب حالته السياسية والدرزية يعطي للصراع بعدا وآفاقا اكبر.
هناك عوامل واسباب كثيرة تباعد بين الاطراف الثلاثة تضعها الاوساط السياسية في الخانة التالية: الخلافات الشخصية والصراع على الزعامة الذي يتجدد في كل مرحلة، فرئيس تيار التوحيد وئام وهاب كبر حجمه السياسي والحزبي وقد اكسبته المصالحة مع طلال ارسلان حجما اكبر، فيما ارسلان مرتاح لتموضعه القريب من المقاومة وسوريا والى جانب العهد والتيار الوطني الحر، فيما يبدو وليد جنبلاط الذي لا تتزحزح قاعدته الاشتراكية قلقا على المرحلة السياسية واتفاق خصميه وعلى توريث نجله تيمور زعامة تواجه منافسين درزيين متفقين عليه. فصراع المحاور الدرزية بدأ يظهر بشكل فاضح في كل الاستحقاقات حيث يرمي رؤساء الاحزاب الدروز بعضهما عيارات تراشق واتهامات والخلاف حول مشيخة العقل حيث يتحدث البعض عن خلط اوراق درزية في موضوع المشيخة من خلال تعويم الشيخ الغريب المقرب من الجاهلية وخلدة على الشيخ نعيم حسن المقرب من الحزب الاشتراكي.