لا شك في ان تلميح رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري عن إمكانية العودة عن إستقالته شرط إتباع حزب الله سياسة النأي بالنفس، مع تطبيق فعلي والبقاء خارج الصراعات الإقليمية، بشّر بإمكانية ترتيب التسوية السياسية التي حصلت العام الماضي وفق مصادر سياسية متابعة لما يجري، التي رأت بأن الحريري ومن خلال إطلالته التلفزيونية الأخيرة طرح افكاراً لتصويب المسار داخلياً وخطوات عملية للخروج من الأزمة الراهنة.
وأشارت هذه المصادر الى ان حركة دبلوماسية غربية واسعة تناولت موضوع لبنان في الساعات الأخيرة، وأكدت بأن الانهيار ممنوع وبأن عودة الحريري الى بيروت وقيامه بمفاوضات داخلية ستكون مفتاح الحل المرتقب للازمة اللبنانية، على ان تشمل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والحلفاء للوصول الى تسوية مع شروط جديدة عنوانها الأول والأخير تطبيق سياسة النأي بالنفس، مشددة على ان تشمل هذه المفاوضات ايضاً حزب الله المعني الأول في إعادة إحياء التسوية، على ان يقوم بها رئيس الجمهورية، ولفتت الى انها سمعت كلاماً يصّب في هذا الاطار، أي ان الرئيس عون سيقوم بهذه المبادرة قريباً جداً.
ورأت المصادر بأن العودة الى اعلان بعبدا مطلوب ايضاً في هذه الظروف خصوصاً وانه حظي بموافقة الجميع، مشيرة الى ان البند 12 في الإعلان يتحدث عن ضرورة تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليميّة والدوليّة وتجنيبه الانعكاسات السلبيّة للتوتّرات والأزمات الإقليميّة، وذلك حرصاً على مصلحته العليا ووحدته الوطنيّة وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب إلتزام قرارات الشرعيّة الدوليّة والإجماع العربي والقضيّة الفلسطينيّة.
ودعت المصادر المذكورة جميع الاطراف الى مساعدة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لتنفيذ هذا البند، لان في الجمع قوة لا يستهان بها، خصوصاً ان كل القوى السياسية ابدت تعاونها لكن العبرة في التنفيذ.
وعن إمكانية إنعقاد حوار في قصر بعبدا كما يتردّد ، لم تستبعد المصادر إجراء هذا الحوار لان مصادر مقرّبة من قصر بعبدا ألمحت الى ذلك قبل أيام، والمطلوب اليوم ليس إلغاء سلاح حزب الله انما البقاء خارج الصراعات الإقليمية كي لا يدفع لبنان الثمن الأول، وبالتالي كي لا يبقى هذا الوطن في الأجواء المشحونة دائماً، مذكّرة بأن تسوية انهاء الفراغ الرئاسي استغرقت عامين ونصف العام، فيما تبدو اليوم مسألة انهاء الفراغ الحكومي اشدّ تعقيداً لانها مرتبطة بدور حزب الله في المنطقة.
ورأت المصادر عينها بأن إعادة تنظيم التسوية يجب ان تأخذ في الاعتبار هذه المعطيات والظروف كي ننتقل الى المرحلة المقبلة، وإلا سنبقى في الفراغ الحكومي الطويل الأمد، سائلة: «من يتحمّل اليوم عبء ترؤس حكومة وتشكيلها في حال لم يتحلحل الوضع القائم أي من دون دخول حزب الله اليها؟، او في حال بقي متعنتاً ولم تحصل مفاوضات إيجابية لصالح الجميع؟، مشيرة الى ضرورة ان يتنازل الجميع عن المصالح الخاصة كي لا يضيع الوطن.
وختمت المصادر بدعوة السعودية وايران بضرورة تنازلهما عن ورقة لبنان، كي لا يكون كبش محرقة في ظل التطورات الدراماتكية التي تواجهها المنطقة، وبأن يقترب الجميع من الخط الوسطي لان لبنان لا يعيش إلا ضمن هذا الخط مهما حصل من تهديدات خارجية.