Site icon IMLebanon

زوبعة بفنجان…

 

الرابع من تشرين الثاني 2017 يمكن اعتباره أنَّه تأريخ بداية الأزمة الأولى والأكبر للعهد من بدايته في تشرين الثاني 2016.

الأزمة كبيرة وليست بسيطة، ومن مضاعفاتها أنَّها غير واضحة البدايات وغير واضحة النهايات، التحليلات فيها كثيرة والمعطيات قليلة، ولكل يوم ملائكته، حتى أنَّ المسؤولين يتعاطون مع الأحداث والتطورات في هذه الأزمة كل يوم بيومه.

***

لكن التجارب علَّمتنا أنَّ هذا البلد هو بلد استيعاب الأزمة:

تبدأ كبيرة ثم تنحسر بعد أن يتم استيعابها والسيطرة عليها، والتجارب والسوابق أصدق دليل:

الإجتياح الإسرائيلي عام 1982 بدأ كبيراً ثم انحسر، وصل الجيش الإسرائيلي إلى أول عاصمة عربية، فماذا حقَّق؟

انسحب في نهاية المطاف.

عدوان تموز 2006 انحسر بعد 33 يوماً.

بين عامي 2007 و2008 حصل فراغ في رئاسة الجمهورية سبعة أشهر، بين تشرين الثاني 2007 وأيار 2008، فانتهى الفراغ بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.

بين أيار 2014 وتشرين الأول 2016، حصل فراغ رئاسي لسنتين ونصف السنة، وانتهى الفراغ بانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية.

 

***

هذه عينة من الأزمات التي مرَّ بها لبنان، فماذا حصل؟

كانت كلُّ الأزمات تمرُّ كبيرة ثمّ تنحسر، وكلُّها كانت بحجم أزمة اليوم إن لم تكن أكثر.

هل نسي أحدٌ أنَّ الدولار الأميركي بلغ في وقت من الأوقات 2800 ليرة، واستطاع اللبنانيون تجاوز الأزمة؟

هل نسي اللبنانيون أنَّ احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة تراجع في وقت من الأوقات، في ثمانينيات القرن الماضي، إلى ما يقارب ال 300 مليون دولار؟

إنحسرت الأزمة، ثَبُتَ سعر صرف الليرة تجاه الدولار على 1500 ليرة للدولار الواحد، وارتفع احتياط مصرف لبنان من العملات الصعبة إلى ما يزيد عن أربعين مليار دولار، فأين أزمات الأمس من أزمات اليوم؟

***

المطلوب اليوم، أكثر من أيِّ يوم مضى، أن يخفِّف اللبنانيون عنهم ولو نفسياً، والإحتكام إلى الهدوء لأنَّ أمور البلاد والعباد ليست بأيدينا، ولا قدرة لنا سوى التحمُّل مع كثير من القهر لعدم وضوح صورة المرحلة القادمة.

إذا كانت الأوضاع الأمنية مستقرة بفضل المؤسسة العسكرية وسائر المؤسسات الأمنية.

وإذا كان الوضع النقدي ممسوك ومتماسك بفضل السياسة النقدية السليمة التي ينتهجها مصرف لبنان بقيادة الحاكم رياض سلامه، فأيُّ خوف هو القائم؟

***

إنَّ المخاوف القائمة هي أن تطول فترة عدم انعقاد جلسات لمجلس الوزراء، وهذه المسألة يُفترض إيجاد مخارج مؤقتة لها إلى حين انحسار الأزمة، وما عدا ذلك فإنَّ الوضع معقَّد لكنه لم يصل إلى نقطة اللاعودة لأنَّ كلَّما عظمت الأمور وكبرت، نعود نردد أنَّ لبنان وطن التسويات.

وغدا أو بعده نقول: زوبعة بفنجان ولبنان صامد أبداً.