ملف النازحين يحتل أولوية فرنسية وأوروبية
إيرولت لا يحمل مبادرة بل مجرد «رؤية رئاسية»!
يبدو المشهد الرئاسي في قلب الزيارة التي يقوم بها رئيس الديبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرولت للبنان. فكثيرةٌ هي الأسباب التي تدفع الفرنسيين إلى التحرّك، والتي تبدأ بالعلاقات الفرنسية اللبنانية التاريخية وإمكان المحافظة عليها تحت أي ظرف، ولا تنتهي عند موضوع النازحين السوريين وسط الحرص على طمأنة لبنان لجهة استمرار تقديم المساعدة ودعم الاستقرار حتى لا يتدفق هؤلاء الى دول الاتحاد الأوروبي الذي يعطي أولوية لهذا الملف الانساني الذي لا مثيل له منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن.
لا توحي زيارة ايرولت أنه يملك حلّاً، وإنّما رغبة بالتسهيل. ما يعزّز هذه الرغبة لبنانياً هو رسالة النائب وليد جنبلاط إلى الرئيس فرانسوا هولاند عبر السفير الفرنسي في بيروت، ليؤكّد فيها تأييده أي رئيس. فالمهمّ بالنسبة لـ «البيك» هو «انتخاب الرئيس لأنّه يرى أن الحرب في سوريا ستطول وهناك تبدل في المواقف وآخرها الموقف التركي، ممّا يثير لديه مخاوف كبيرة».
لذلك، تعتقد أوساط مطلعة أنّ ايرولت سيطلع المسؤولين اللبنانيين على نتائج اللقاءات التي أجراها مؤخرا وشملت كلا من ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف والتي تتلخص حول ثلاثة أمور:
أوّلاً: أبدى الجانب الإيراني كل تعاون مع المسعى الفرنسي لتسهيل انتخاب رئيس جمهورية، مجدّداً مواقفه السابقة بأنّ عمليّة الانتخاب يقرّرها اللبنانيّون، ناصحاً بالتواصل مع جميع الفرقاء اللبنانيين «لأنّ طهران تتبنى ما يتفق عليه اللبنانيون وخصوصاً المسيحيين».
ثانياً: اختلفت الإجابة لدى الجانب السّعودي الذي ركّز على الشق الاقليمي وتحديداً اليمن والوضع المستجد في البحرين بالإضافة إلى سوريا، من دون أن يعطي موقفاً حاسماً بموضوع الرئاسة في لبنان.
وعندما وضع الفرنسيون الجانب السعوديّ بصورة التحرّك مع إيران، طلب السعوديون المتابعة ووضعهم في الصورة، من دون أن يشعر الفرنسيون بإيجابيّة سعودية يمكن البناء عليها، علماً أنّ الإجابة الأوليّة لوليّ وليّ العهد السعودي هي دعم أي جهد لحل الازمة السياسية في لبنان.
ثالثاً: الهبة السعوديّة لتسليح الجيش اللبنانيّ عبر الفرنسيين بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي والتي جمّدتها الرياض، كانت مدار بحث بين الفرنسيين والسعوديين. فالجوّ يشير إلى أنّ الأميرال إدوارد غييو المكلّف متابعة هذا الملفّ من قبل الحكومة الفرنسيّة (أصبح رئيس شركة «أوداس» الفرنسية المسؤولة عن تجارة الصناعات العسكرية) زار السعودية قبل زيارة محمد بن سلمان إلى فرنسا، ثم زارها ثانية غداة زيارة ولي ولي العهد، من دون أن يتلقّى وعداً برفع الحظر عن الهبة.
في المقابل، شعر الفرنسيون بتفهّم سعوديّ كبير لدور الجيش اللبنانيّ في حماية الامن والاستقرار وفي مكافحة الارهاب في لبنان، علماً أنّ هذا الملف سيكون مدار بحث بين رئيس الحكومة تمام سلام والقيادة السعودية في حال استجابت لطلبه بتحديد موعد زيارة رسمية إلى المملكة قريبا.
وتؤكّد تقارير ديبلوماسية أنّ «لا مبادرة فرنسية وإنّما استعداد للمتابعة في هدف التوصّل إلى حلول، لان الجانب الايراني طلب منهم إجابة واضحة حول نتائج مسعاهم، فيما طلب الجانب السعودي وضعهم في الأجواء وصورة الموقف كاملاً، وعليه، فإنّ المسعى الفرنسي مستمر لإنتاج تسوية لبنانية.
وفي هذا السياق، تلفت أوساط ديبلوماسية الانتباه إلى أنّ المسعى الفرنسيّ يركّز على إمكان انسحاب النائب سليمان فرنجية من السّباق الرئاسي مما يخفف إحراج الرئيس نبيه بري الذي لا يخفي انحيازه لفرنجيّة. كما يُحرّر زعيم «المستقبل» سعد الحريري، الذي حتى لو انسحب فرنجية، لن ينتخب عون انما يصبح هناك إمكانيّة لتأمين نصاب الثلثين».
خلاصة زيارة ايرولت، وفق الأوساط نفسها، «محاولة إبقاء الملف مفتوحاً، خصوصاً أنّ لا مبادرة ملموسة أو محددة المعالم. جلّ ما يحمله الزائر الفرنسيّ رؤية تقوم على حلّ متكامل يشمل رئيس جمهورية وغيره من الملفات».
ثمة سؤال بريء يطرحه مسؤول لبناني قبيل اجتماعه بايرولت: هل يعقل أن يحتفل الفرنسيون باستضافة مؤتمر للمعارضة الإيرانية بالأمس ويأتي وزير خارجيتهم في اليوم التالي إلى لبنان طمعا برئيس؟