لم يفصح وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت عن حقيقة التقرير الذي اعدته اللجنة البرلمانية الفرنسية عن لبنان، إلا للبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي والوضع الصعب الذي وصل اليه لبنان بحيث بات في قعر الهاوية ولن يجد من ينتشله. طارحاً الدعوة الى إنقاذه قبل فوات الاوان، لان المؤسسات الدستورية تتهاوى الواحدة بعد الاخرى خصوصا المركز المسيحي المتبقي، بحسب ما نقلت مصادر سياسية مقرّبة من بكركي، مشيرة الى ان ايرولت دقّ ناقوس الخطر وشدّد على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية. لان البلد يدور في كل الاتجاهات الامنية الخطرة، فالارهاب يطوّق بعض المناطق اللبنانية ومنها الحدودية في البقاع الشمالي، فضلاً عن تواجد ما يقارب المليونيّ نازح سوري، يهددون بدورهم وضع لبنان الاقتصادي الهش الذي وصل الى النهاية. إضافة الى مخاطر الخلايا النائمة المدعوة الى الاستيقاظ في اللحظات المناسبة، وهذا ما يدعو الى الخوف من المستقبل القريب، في حال لم يتم تدارك الوضع لان لبنان سيضيع…
ونقلت المصادر المذكورة بأن البطريرك الراعي ابدى إستياءه الشديد من الوضع امام الزائر الفرنسي، خصوصاً ان ما سمعه سبق ان ردده مراراً، بحيث باتت الدعوة الى إنتخاب رئيس للجمهورية خبز بكركي اليومي، خصوصاً على لسان البطريرك الماروني الذي يعمل جاهداً من اجل تحقيق هذا الملف، بعد ان تأكد وجود صعوبة في التفاهم مع معرقلي الانتخابات الرئاسية، فوصل التباين السياسي الى خلاف مع هؤلاء، لان وجهات النظر متباعدة في ملف اساسي يتعلق اولاً واخيراً بالمسيحيين. فالراعي الذي يكرّر يومياً بأن التعطيل مرفوض ويؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها، بالاضافة الى إعلانه تأييد المرشح المقبول من جميع الاطراف ورفضه لمرشح التحدّي، ما زال يلاقي رفضاً لكل هذه الدعوات من قبل المعرقلين، ما انتج فتوراً سياسياً مع بعضهم تطور لاحقاً الى خلاف فقطيعة.
واشارت المصادر عينها الى أن البطريرك الراعي وصل الى حدّ القرف من الوضع السائد، اذ يبدو وكأن لا كلمة مسموعة له على الصعيد المسيحي، فهو جمع الخصوم لتسوية من اجل المسيحيين ولبنان، ومن ثم اصبح هؤلاء الخصوم حلفاء ومع ذلك لم تحّل الازمة الرئاسية، لانها متشعبة وتحوي رافضين من كل الطوائف، ناقلة عنه تخوفه الشديد على المركز الرئاسي. لافتة الى ان الجميع ينتظر ما ستؤول اليه التطورات الإقليمية، وبالتالي معالم تسوية إيرانية – سعودية برعاية أميركية – فرنسية قد تشمل لبنان، وفي انتظار تلك التسوية يجهد البطريرك الراعي للوصول الى خيار رئيس يرضى عنه الجميع، فهو دّق ناقوس الخطر في المحافل الدولية، وينتظر تحقيق ما طالب به أي الرئيس التوافقي، لكن مطلبه لم يُسمع من قبل البعض.
من هذا المنطلق، اوصل الراعي الرسالة بوضوح الى الزائر الفرنسي، تحت عنوان ضرورة ان يكون الرئيس صناعة لبنانية، وليس كما جرت العادة، بسبب وجود هواجس مسيحية مما يحصل اليوم من تحوّلات في المنطقة، وعدم وجود جهوزية مسيحية للتعاطي مع هذه المتغيرات والتطورات المتسارعة، فيما اتى الرد الفرنسي بان باريس لا تقرّر مكان اللبنانيين، إنما تيسّر الأوضاع. ولبنان اليوم في وضع صعب جداَ ويجب حمايته من تداعيات النزاع السوري، فهو ليس طرفاً في هذا النزاع، والشعب اللبناني ضحية غير مباشرة بسبب اللاجئين، مؤكداً على ضرورة ان يبقى بمنأى عن النزاع السوري.