لبنان: الحكومة تستنفر لاستيعاب احتجاجات الشارع
مسعى جديد لحل أزمة قانون الانتخابات المؤجلة لما بعد مايو
استنفرت السلطة السياسية أمس بمحاولة لاستيعاب التحركات الاعتراضية التي شهدتها البلاد نهاية الأسبوع الماضي٬ على خلفية قرار المجلس النيابي فرض ضرائب جديدة لتمويل ما ُيعرف بـ«سلسلة الرتب والرواتب» التي من شأن إقرارها زيادة رواتب موظفي القطاع العام والمدرسين.
وقررت معظم الكتل النيابية إعادة النظر في هذه الضرائب٬ ما سيؤخر إقرار السلسلة حتما٬ على حساب السعي لإعطاء الأولوية في المرحلة الحالية لموضوع قانون الانتخاب٬ قبل 3 أشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي الممدد لنفسه مرتين.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة٬ عن مسعى جديد للتسريع بإقرار قانون جديد للانتخاب تحت عنوان أن الفراغ في المجلس النيابي «ممنوع مهما كانت الظروف»٬ لافتة إلى أن «الدستور اللبناني لحظ كيفية التعاطي مع فراغ في سدة رئاسة الجمهورية كما في الحكومة٬ إلا أنه لم يلحظ بتاتا كيفية التعامل مع فراغ على مستوى البرلمان٬ ما سيدخلنا في نفق مظلم».
وفيما نفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن يكون قد تم وضع سلسلة الرتب والرواتب جانبا للانصراف لحل أزمة قانون الانتخاب٬ أوضحت أن تمويل السلسلة سيبحث حاليا بإطار اجتماعات رباعية تضم ممثلين عن تيار المستقبل والتيار الوطني الحر و«حزب الله» وحركة أمل. وأضافت: «خلال هذا الوقت سيتم تسخير كل الجهود للتفاهم على قانون جديد للانتخاب قبل الوصول إلى الحائط المسدود».
وقد أصبح أمرا مفروغا منه٬ أن الانتخابات النيابية لن تحصل في موعدها المقرر في شهر مايو (أيار) المقبل٬ باعتبار أن القوانين تلحظ دعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يوما من الموعد المحدد٬ وهو ما لم يحصل لعدم الاتفاق على القانون الذي ستجرى على أساسه هذه الانتخابات.
وفيما أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري٬ أن لديه «كامل الثقة أننا سنصل إلى قانون انتخابي جديد يمثل اللبنانيين»٬ مؤكدا بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انفتاحه على «كل اقتراحات القوانين٬ ومن بينها النسبي والمختلط»٬ تحدث وزير الداخلية نهاد المشنوق عن «ثلاث وقائع جديدة – قديمة٬ لا يمكن الخروج منها٬ بمعنى أنها غير خاضعة للتغيير»٬ لافتا إلى أن «العنوان الأول٬ يتمثل في ألا انتخابات من دون قانون جديد٬ والعنوان الثاني هو أنه سيكون هناك تأجيل تقني لفترة محددة٬ أما الواقعة الثالثة٬ فتتمثل فيما هو واضح لدى كل القوى السياسية٬ أنه بات من غير الممكن إلا أن يكون في القانون المقبل شيء اسمه النسبية٬ أكان مجتزأ أو مختلطا أو كاملا».
وأضاف المشنوق: «من المنتظر أن يكون هناك قانون انتخابات جديد خلال شهر أبريل (نيسان)؛ لأن الأمور لا تحتاج أكثر من ذلك بعد كل التطورات الحاصلة في الموضوع. وما دون ذلك٬ هناك أزمة سياسية كبيرة في البلد٬ لا يرغب أحد في حدوثها».
وتعتبر قوى «8 آذار» أن موافقة تيار «المستقبل» على السير بـ«النسبية» في قانون الانتخاب٬ أمر أساسي وتطور مهم٬ إلا أنها لا تزال تشدد على أن تكون النسبية كلية وليست بإطار قانون مختلط بين النظامين النسبي والأكثري. وهو ما عّبر عنه رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد٬ لافتا إلى أن «الصيغة الأمثل لتحقيق صحة التمثيل٬ وشموليته٬ هي الصيغة التي تعتمد النسبية في لبنان دائرة واحدة». وقال: «إذا ما وصلنا إلى إقرار مبدئي من كل الفرقاء على النسبية كصيغة للتمثيل٬ يمكن حينئذ أن نناقش بالدوائر٬ لكن على أساس دوائر متوسطة الحجم٬ ونحن مستعدون أن نكون إيجابيين في بحث الدوائر٬ لكن على أساس اعتماد صيغة النسبية في القانون الانتخابي».
وتداخل يوم أمس النقاش في موضوع قانون الانتخاب مع الطروحات والاقتراحات التي توالت من أكثر من جهة لتمويل السلسلة دون فرض ضرائب إضافية على المواطنين.
حيث تحدث رعد عن مسعى مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري لوضع «رؤية شاملة والتخطيط لضريبة واقعية نقترحها على المجلس النيابي٬ بحيث تؤمن الأمن الاجتماعي ولا تلقي العبء على الضعفاء وتحرر أصحاب الأرباح الطائلة من أي متوجبات عليهم تجاه مجتمعهم ووطنهم».
واقترح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سلة إجراءات لتدعيم الوضع الاقتصادي في لبنان٬ تضمنت تخفيض أرقام الموازنة والتي تبلغ 26 مليارا إلى 22 مليار دولار٬ وإشراك القطاع الخاص في ملف الكهرباء٬ والحد من التهرب الضريبي٬ وضبط وضع الجمارك ووقف التوظيف «قاطبة» في الدولة اللبنانية.
أما وزير المالية حسن خليل٬ فنّبه في مؤتمر صحافي إلى «مؤامرة سياسية لفتح السجال من أجل تطيير سلسلة الرتب والرواتب»٬ كاشفا أنه وصل عرض للحكومة بدفع مليار دولار٬ مقابل إلغاء بند الضرائب على المصارف.