نائب رئيس الوزراء اللبناني متفائل بما «بعد العولمة»
حاصباني قال لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية تحّول اقتصادها إلى تنافسي أسوة بالدول المتقدمة
قال نائب رئيس الوزراء وزير الصحة اللبناني٬ غسان حاصباني٬ إ ّن العالم يمّر الآن بمرحلة ما بعد العولمة٬ وإنه بالإمكان تغيير موجة التأثيرات السلبية للعولمة٬ باستخدام الوسائل التكنولوجية نفسها التي يحاول المتطرفون٬ استخدامها٬ لبث الحقد والترويج للإرهاب٬ واستبدالها برسائل أكثر إيجابية تنشر التوعية بين المواطنين وتعمل على تثقيفهم بالعلم والتوعية.
وكان الوزير يتحدث في محاضرة بعنوان «الشرق الأوسط بعد العولمة»٬ نظمتها «جمعية الصداقة البريطانية»٬ مساء الجمعة٬ بهدف جمع التبرعات لصالح صندوق المنح الدراسية التابع للجمعية٬ وتوفير الفرص لعدد من الطلاب اللبنانيين لإكمال دراستهم العليا.
وعلى هامش المحاضرة٬ علق حاصباني على موضوع المحاضرة٬ وقال لـ«الشرق الأوسط»٬ إن «من سيئات العولمة إحداثها فجوة بين الطبقات الاجتماعية٬ وقد أسهم هذا التفاوت المادي الكبير بين الدول الغنية والفقيرة التي ترزح تحت وطأة ديون تتراكم باستمرار٬ في انتشار الاضطرابات بمناطق معينة من العالم٬ وانتقال تأثيرها ليطال دولاً تنعم بالاستقرار».
وتابع: «بعد مرحلة العولمة٬ أصبح تركيز الدول أكثر اهتماماً بالمصالح الوطنية الداخلية٬ وبدأ يطغى على الاهتمام بمسائل الشراكة الدولية». ويوضح حاصباني: «بعد العولمة شهدت جميع الاتفاقيات والعلاقات متعددة الأطراف٬ تحّولاً نحو الأحادية أو الثنائية٬ بحسب مصالح الدول وبحسب التغيرات الحالية٬ إننا نشهد ولادة نظام جديد يتطور». وانطلاقاً من هذا٬ يشدد حاصباني: «بدأنا نرى علامات استفهام وتساؤلات حول الكيانات والمنظمات العالمية والدولية الكبرى التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية». واستشهد بالتوتر الحاصل اليوم بين الناتو والولايات المتحدة٬ ومستقبل هذا الحلف ومدى قدرته على الاستمرار بالصيغة نفسها التي تأسس لأجلها. كذلك الأمم المتحدة التي أوكلت إليها مهمة الحفاظ على السلام والتناغم العالميين٬ لافتاً إلى أنها ستشهد تعديلات وتغّيرات كبيرة داخلها٬ معرجاً على الاتحاد الأوروبي بأحلامه الماضية٬ وما بدأ يشهده هو الآخر من تحّولات٬» إذ تتجه الدول الأعضاء فيه نحو الاهتمام أكثر بمصالحها الداخلية».
وتابع: «هناك محاولة لإعادة تغيير المسار٬ وتصويب النظام الرأسمالي المطلق أو الاقتصاد المطلق من دون ضوابط إدارية٬ والذي عانى من بعض النواقص وأثبت فشله في عدم قدرته على إنجاح المجتمعات٬ بسبب الفجوة الكبيرة التي خلقها بين الطبقات الاجتماعية والتي أسهمت في ظهور مشكلات وأزمات اقتصادية طال أثرها جميع دول العالم٬ لتشابك الأسواق بعضها ببعض». ولفت إلى محاولة لتصحيحه «ليصبح نظاماً اقتصادياً حراً مع مسؤولية اجتماعية».
وقدم حاصباني شرحاً عن أهمية الاقتصاد الحر المسؤول اجتماعياً٬ لافتاً إلى أن «العالم اليوم٬ يعاود موضعة نفسه في مكان آخر٬ فمن الضروري الالتفات إلى الإنسان ورأب الفجوة الموجودة من خلال العناية الاجتماعية به٬ وعلى القطاعين الخاص والعام٬ الاهتمام بالأمر». وشدد على دور القطاع الخاص الذي يلعب دوراً مهماً في الرعاية الاجتماعية٬» لما يحقّ قه من أرباح ج ّمة من إنتاجيته التي لا بّد أن يعود جزء منها لمساعدة الفئات الأكثر حاجة في المجتمع٬ وتخفيف الفجوة بين الأكثر ثرا ًء والأكثر فقراً٬ وهذا النموذج الذي بدأ بالظهور في العالم٬ هو لخلق نوع من الاستقرار الاجتماعي وقد يستمر معنا إلى نهاية القرن الـ21.«
أ ّما عن تأثير العولمة على شعوب الشرق الأوسط٬ فيرى حاصباني أن اعتماد دول المنطقة على اقتصاد ريعي نوعاً ما٬ أضعف من هذا التأثير٬ إلا أن ما تشهده هذه الدول ولا سيما النفطية منها٬ من إصلاحات اقتصادية تجلّت في بروز دور القطاع الخاص أكثر فأكثر٬ وهناك اتجاه مسؤول ومتد ّرج في هذه الدول نحو إشراك القطاع الخاص وخصخصة بعض القطاعات ودفع بعض قطاعات الدولة للعمل بطريقة تنافسية كما في القطاع الخاص. «وهذا النموذج تطبقه اليوم٬ السعودية٬ فعلى ال ّرغم من مواردها النفطية٬ فهي تحّول اقتصادها إلى تنافسي أسوة بالدول المتقدمة٬ مع محافظتها على المسؤولية الاجتماعية نحو مواطنيها».
وانتهى نائب رئيس الوزراء وزير الصحة اللبناني غسان حاصباني إلى التأكيد على تفاؤله بالمستقبل٬ بقوله إ ّن «منطقتنا تمّر بتحّول كبير جداً بعد مرحلة العولمة٬ برأيي نحن نسير نحو الأفضل لكننا نمر بمسار صعب ومخاض عسير».