قال رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أمس (الجمعة)، إن حكومته «تتعرض لحملة جائرة ومنظمة بهدف وقف الخطوات الأساسية التي نقوم بها لحماية حقوق المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي»، وذلك على خلفية الانتقادات التي توجه إلى نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وللخطة المحدثة للتعافي المالي التي عرضها أخيراً أمام لجنة المال والموازنة النيابية.
ويعمل الفريق الوزاري اللبناني المكلف بملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، على تحديث مذكرة السياسات المالية والاقتصادية وإنجاز النصوص لتسليمها إلى النواب بعد عطلة عيد الأضحى، وبما يتماشى مع التعهدات «الشفهية» للرئيس ميقاتي أمام لجنة المال والموازنة النيابية، والقاضية بإدخال تعديلات يحمل بعضها صفة «الجوهرية»، ولا سيما ما يتصل بحفظ حقوق المودعين في المصارف وبإنشاء صندوق «التعافي».
وبعيد مشاركته في اجتماع لجنة المال والموازنة البرلمانية في الأسبوع الماضي، حصلت نقاشات وتعرضت الخطة لهجمات تحت عناوين متصلة بحماية أموال المودعين، رغم تأكيدات ميقاتي والفريق الوزاري المعني بتحديث الخطة، أن كل ما يجري هو لحماية أموال المودعين في المصارف اللبنانية.
وقال ميقاتي، في بيان أصدره أمس (الجمعة)، إن «حكومتنا المستقيلة تواصل عملها في سبيل معالجة الملفات الكثيرة المطروحة بروح التعاون الإيجابي، بالتوازي مع تعاون مماثل مع المجلس النيابي، من أجل إقرار مشروع قانون الموازنة وعدة مشروعات إصلاحية تشكل خطوة أساسية لإنجاز التفاهم النهائي مع صندوق النقد الدولي».
وأشار إلى أن حكومته «تتعرض لحملة جائرة ومنظمة بهدف وقف الخطوات الأساسية التي نقوم بها لحماية حقوق المودعين والحفاظ على القطاع المصرفي الذي يشكل ركيزة أساسية من دعائم الاقتصاد اللبناني».
وأعلن ميقاتي أن «كل هذه الحملات لن تغير في الواقع المعروف شيئاً، فليست حكومتنا هي التي تسببت بحجز أموال المودعين، وأوصلت القطاع المصرفي إلى ما وصل إليه، بل على العكس من ذلك فهي تعطي الأولوية لحماية حقوق المودعين والتوصل إلى حل واضح وعملي لإعادتها إلى أصحابها بعيداً عن المزايدات الشعبية المقيتة».
وتوقف ميقاتي عند ما سمّاها «الحملة الجائرة التي يتعرض لها نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي، والتشويه المتعمد لعمله وللخطوات التي تقترحها الحكومة»، قائلاً إن تلك الحملة «لن تردعه عن المضي في العمل المهني والدؤوب الذي يقوم به على صعيد المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للتوافق على ما هو الأفضل لحفظ حقوق المودعين وعدم ضرب القطاع المصرفي في الوقت ذاته».
وكان النائب ملحم خلف طالب نائب رئيس الحكومة، في الأسبوع الماضي في كتاب وجهه إليه، بـ«الكفّ فوراً عن التخطيط والعمل على المساس بحقوق المودعين في المصارف»، وقال إن «مجلس الوزراء يفتقر إلى سلطة إلغاء الودائع، وبالتالي إنّ تكليفه التفاوض على هذا الإلغاء هو باطل وبمثابة غير الموجود». ورأى أن «إلغاء الأسهم في المصارف، الذي سيطول صغار حاملي الأسهم والأدوات المالية المصدّرة من المصارف والمكتَتَب بها من قبل المودعين يشكّل تعدياً على حقوق المودعين».
لكن الشامي ردّ معتبراً أن «تحميلنا مسؤولية الخطّة التي وضعتها الحكومة مجتمعة وفقاً للصلاحيات المعطاة لها في الدستور اللبناني هو محاولة للترهيب الشخصي». وأكد أنّ «لا علاقة للمودعين بالفجوة المالية، ولم ندّع يوماً العكس، ولم نقل يوماً إن ودائع القطاعات الاجتماعية، والنقابات والضمان الاجتماعي لن تكون محمية»، وتوجه الشامي إلى خلف بالسؤال: «كيف استنتجتم أن الخطة ستقضي على هذه الودائع؟».
وتعمل خطة ميقاتي على محورين، أولهما توزيع الخسائر بين الأطراف الأربعة، أي المودعين والدولة ومصرف لبنان والمصارف الخاصة «بطريقة عادلة»، وثانيهما إعادة وزارة المالية النظر في بيانات الإنفاق والإيرادات في مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي، وإعداد دراسة ملحقة تتضمن تحديد سعر الصرف ومدى تأثيره على المواطن، وبما يشمل سعر الدولار الجمركي العالق بين اقتراحات متعددة تراوح بين 8 و12 ألف ليرة كمرحلة أولى. وتحاول الحكومة استعادة التوازن النسبي المفقود في المالية العامة للدولة بسبب الفوارق الجسيمة بين السعر الرسمي البالغ 1515 ليرة للدولار، ومتوسط 25 ألف ليرة المعتمد على منصة البنك المركزي، بينما يراوح السعر في الأسواق غير النظامية بين حدي 28 و30 ألف ليرة لكل دولار.
ولم ينفِ ميقاتي في بيانه، أمس (الجمعة)، أن لبنان يمر بمرحلة «هي الأصعب»، داعياً الجميع «لمواجهتها بتضامن وطني وجهد دؤوب لوقف الانهيار والحفاظ قدر الإمكان على تماسك المؤسسات والإدارات وإنتاجيتها، بالتوازي مع الجهد المكثف حكومياً لوضع البلد على سكة التعافي الاقتصادي والمالي والاجتماعي».
وقال إن «الوقت الداهم والاستحقاقات المقبلة يتطلبان منا الإسراع في الخطوات الاستباقية، ومن أبرزها تشكيل حكومة جديدة، تواكب الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للبنان».
وأضاف ميقاتي: «من هذا المنطلق أعددت تشكيلة حكومية جديدة وقدّمتها إلى الرئيس عون، الأسبوع الفائت، وتشاورت معه في مضمونها، حيث قدّم بعض الملاحظات، على أمل أن نستكمل البحث في الملف وفق أسس التعاون والاحترام التي سادت بيننا طوال الفترة الماضية».