الرئيس اللبناني تلقى اتصالاً من الوسيط الأميركي… وتل أبيب ترى «الاتفاق قريباً»
أعلنت شركة «إنرغرين» (الأحد) أن الحكومة الإسرائيلية سمحت لها بربط منصة حقل الغاز «كاريش» المتنازع عليه مع لبنان، مع منظومة الغاز الإسرائيلية، وإجراء ضخ تجريبي (الاثنين) من الشاطئ إلى المنصة.
وقالت شركة «إنرغرين» إنه في أعقاب مصادقة وزارة الطاقة الإسرائيلية بدأت عملية ضخ الغاز بشكل عكسي من الشاطئ إلى المنصة بواسطة منظومة أنابيب تحت سطح البحر. ونقل موقع «واللا» الإلكتروني عن مصادر إسرائيلية رفيعة قولها إن إسرائيل أبلغت لبنان، بواسطة الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، أن ضخ الغاز هو جزء هام في عملية تشغيل المنصة، ولا تشكل بداية لاستخراج الغاز. ولكنه أضاف أن «اللبنانيين يعرفون أننا جادون في تشغيل كاريش بغضّ النظر عن الاتفاق معهم حول ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية».
وفيما لا يزال لبنان يترقب ما ستؤول إليه مفاوضات الأيام والساعات الأخيرة حول ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، جاءت خطوة «إنرغرين» بعدما سبق لأمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أن حذّر من أن بدء استخراج النفط من حقل «كاريش» خط أحمر. وقال قبل أسابيع إن «أعين الحزب على حقل كاريش للغاز، وصواريخه موجهة إليه»، مهدداً بأنه «لا يمكن السماح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش قبل حصول لبنان على مطالبه المحقة».
وفي حين كان لافتاً غياب أي تصريح أو تعليق لمسؤولين وقياديين في «حزب الله» على الموضوع أمس (الأحد)، وهم الذين اعتادوا على الكلام في المناسبات الاجتماعية، والتطرق إلى مختلف القضايا، قلّلت مصادر وزارية لبنانية من أهمية ما قامت به إسرائيل. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «العملية التي تقوم بها إسرائيل هي من البر باتجاه البحر، وتندرج في إطار التجارب النهائية، وليس استخراج النفط، بحسب ما أبلغ به الأميركيون الجانب اللبناني»، مؤكدة في الوقت عينه أن الاتصالات بشأن ترسيم الحدود والطرح الأميركي الأخير لم تتوقف، بل الاستيضاحات متبادلة حول النقاط التي طرح عليها الإسرائيليون ملاحظاتهم، وقد تنتقل إلى الإطار الرسمي في المرحلة المقبلة.
وكان ملف ترسيم الحدود شهد انتكاسة بعد جرعة التفاؤل التي بثّها المسؤولون اللبنانيون، وذلك إثر المعلومات التي أشارت إلى رفض إسرائيل للملاحظات اللبنانية على العرض الأميركي، وأفيد أن رئيس الوزراء يائير لبيد اطلع على تفاصيل التغييرات الجوهرية التي يسعى لبنان إلى إجرائها، وأصدر تعليماته إلى فريق التفاوض برفضها.وهذا ما تجدد مساء أمس، إذ أعلنت رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون تلقى اتصالاً هاتفياً من هوكستاين أطلعه خلاله على نتائج الجولات الأخيرة للاتصالات مع الجانب اللبناني من جهة، والجانب الإسرائيلي من جهة أخرى، والتي تم خلالها درس الملاحظات المقدمة من الطرفين. وأوضح هوكستاين أن جولات النقاشﹸختمت وتم تحديد الملاحظات التي سيرسلها (هوكستاين) خلال الساعات القليلة المقبلة في نسخة تتضمن الصيغة النهائية للاقتراح المتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية. وأفاد البيان بأن الجانب اللبناني سيدرس الصيغة النهائية بشكل دقيق تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب. وكان لبنان سلّم الوسيط الأميركي، الثلاثاء الماضي، ملاحظاته على العرض الخطي الذي تسلمه المسؤولون الأسبوع الماضي، بعدما أجمعوا على الإيجابية بإمكانية توقيع الاتفاق خلال أيام قليلة، وقال نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بو صعب، الذي يقود المفاوضات بشكل أساسي مع الوسيط الأميركي آموس هوكستاين، إن الاتفاق «أبرم بنسبة 90 في المائة، لكن الـ10 في المائة المتبقية هي الحاسمة».
وكان لبيد قد أعلن رفضه ملاحظات لبنان على مسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية التي قدّمها هوخشتاين إلى الجانبين. وهدد كل من يفكر بالاعتداء على مصالح إسرائيل الأمنية والاقتصادية.
وكذلك حذر وزير دفاعه بيني غانتس لبنان من تبعات تصريحات نصر الله. وأعلن غانتس، الخميس الماضي، أنه أوعز للجيش برفع حالة التأهب على الحدود مع لبنان لمواجهة تصعيد عسكري محتمل مقابل «حزب الله».
وعلى الرغم من تهديدات نصر الله ولبيد وغانتس، فإن الصحف الإسرائيلية، التي صدرت الأحد، امتلأت بالمقالات والتحليلات التي ترجح بقاء الوضع الأمني على ما هو اليوم. ونشرت بعض وسائل الإعلام أنه خلافاً لأجواء التوتر، فإن الاستخبارات الإسرائيلية لا تتوقع أي تصعيد مقابل «حزب الله» في هذه المرحلة. وقد تأكدت هذه التقديرات عندما كشف رؤساء السلطات المحلية والبلديات في شمال إسرائيل، أنهم تلقوا من الجيش تطمينات بأن الأمور هادئة وأن بإمكانهم المضي قدماً في استقبال الزوار والسياح خلال فترة «عيد العرش»، التي بدأت الأحد، وتستمر 8 أيام، وطلب منهم الحفاظ على مجرى حياة اعتيادي في بلداتهم.
وأكدت مصادر سياسية في تل أبيب أن هوكستاين يدير مفاوضات مكثفة مع الطرفين لإنهاء الخلافات والتقدم نحو اتفاق. ولم يستبعد أحد المسؤولين أن يتم إنجاز الاتفاق في غضون الشهر الحالي، قبل الانتخابات الإسرائيلية، أو الأقل الإعلان عن اختراق جديد يؤهل لإبرام اتفاق قريب. وأكدت المصادر أن هوكستاين يظهر إصراراً شديداً على التقدم في هذا الملف. وأنه مقتنع تماماً بأن الخلافات الظاهرة ما هي سوى رد فعل خائف من المعارضة يسود الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية.