IMLebanon

الشرق الأوسط: الراعي يخشى شغوراً رئاسياً طويلاً

 

 

عبّر البطريرك الماروني بشارة الراعي عن خشيته من أن «تطول مدة الشغور الرئاسي كما تُشير غالِبيّةُ المعطيات»، متحدثاً عن «البرص السياسيّ» في لبنان الذي يشكل خطراً على الهويّة اللبنانيّة والكيان، و«السبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضنّاً بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّةِ والدولية».

وجاءت مواقف الراعي في ما يعرف بـ«أحد الأبرص» عند الطائفة المارونية، حيث تطرق إلى الحوادث الأمنية التي تقع في لبنان في الفترة الأخيرة، ومنها مقتل 3 طلاب الأسبوع الماضي على طريق الشمال إثر حادث سير، واختطاف واغتيال الشيخ أحمد الرفاعي، مؤكداً أنه «لا يمكن متابعة العيش في هذا الجوّ من الفلتان الأمنيّ».

وتحدث الراعي عن «البرص السياسي» الذي قال إنه «يشوّه كرامة السلطة السياسيّة… هذا البرص يتآكل روح المسؤوليّة والضمير، ويصل بالمواطنين إلى أوخم النتائج: إلى العوز الاقتصاديّ والبؤس الاجتماعيّ، وإلى امتهان كرامتهم وقهرهم بحرمانهم حقوقهم. وهو يصبح أكثر فأكثر خطراً على الهويّة اللبنانيّة والكيان، والسبب الأساسيّ هو ضرب رأس الدولة برفض المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهوريّة ضنّاً بالمصالح الفرديّة والفئويّة، وحفاظاً على مشاريع تورّط لبنان وانتخاب رئيسه أكثر فأكثر في اللعبة الإقليميّةِ والدولية. فلا يأتي الرئيس الجديد تعبيراً عن إرادةِ الشعب اللبناني، إنما تعبيراً عن مشاريعَ متناثرةٍ في الشرقِ الأوسط الذي لا يَعرف أحدٌ حقيقتَها وأين ستستقِرّ رغم جميع المفاوضاتِ بشأنه منذ ثلاثين سنة». وحذّر: «هذا هو الخطر الكبير على مصير الأمّةِ اللبنانيّة ودولةِ لبنان»، آملاً «أن تُثمرَ المفاوضاتُ الجاريةُ في هذه الأثناء بين أصدقاءِ لبنان عن حلٍّ يأخذُ مصلحةَ لبنان بشكل مستقل عن تسوياتِ الشرق الأوسط».

وسأل: «لماذا يسعى الأطرافُ اللبنانيّون إلى آليّات غيرِ دستوريّةٍ وغيرِ لبنانيّةٍ طالما لدينا آليةٌ دستوريّةٌ تُغنينا عن أبحاثٍ لا طائلَ منها؟ فمهما طالَ زمنُ الشغورِ الرئاسي – شهوراً أو سنواتٍ – لا بد من أن تجري العمليّة الانتخابيّة لرئاسةِ الجُمهوريّة من خلال آليّةِ الاقتراع في المجلس النيابي. فلماذا الانتظار؟ المشكلةُ هي أنَّ كلَّ فريقٍ يَرفض أيَّ تنازلٍ لتسهيلِ انتخابِ الرئيس؛ لأنه يَظنُّ نفسَه هو الذي سينتصرُ من خلال (خارج الدستور) والمؤتمرات. وحين يَظنُّ الجميعُ أنَّ كلَّهم منتصرون يَعني أنَّ كلَّهم مهزومون، والخاسرُ هو لبنان وشعبه». وعبّر الراعي عن خشيته من إطالة الفراغ الرئاسي قائلاً: «هناك انتصارات وهميّةٌ لها طعمُ الهزائمِ أكثر من الهزائم الفعليّةِ. إذا استمر هذا المنطق، الخالي من روحِ المسؤوليّةِ ومن صوتِ الضميرِ ومن نداءِ الواجبِ الوطنيِّ، نخشى أن تطولَ مدّةُ الشغورِ الرئاسي كما تُشير غالِبيّةُ المعطيات».

وتطرق الراعي أيضاً إلى أزمة المصارف وأموال المودعين، قائلاً: «هناك وجه آخر من البرص السياسيّ بادٍ في طريقة معالجة موضوعي المصارف والمودِعين في ظلِّ الصراعات الشخصيّة والسياسيّة التي تنذر بنتائجَ عكسيّةٍ تُطيحُ بالأخضرِ واليابسِ في نظامِ المصارف وتَقضي على سُمعةِ لبنان النقديّةِ الخارجيّة، فيصبح لبنان دولةً خارجَ النظامِ الماليِّ العالمي، وحينها لا فائدةَ من أيِّ علاج». من هنا اعتبر أن «الشعوبيّة والحِقد أخطرُ سلاحين في وضعِنا الماليِّ الحالي»، محذراً مِن «المس من جهةٍ بأموالِ الشعب، ومن جهة أخرى بالنظامِ المصرفي اللبناني، لا سيّما مصرفِ لبنان المركزيّ الذي هو الرابط بين لبنان والنظام المالي الدوليّ. إنَّ موضوعاً بهذه الأهميّةِ لا يُعالج بمثلِ هذه الظروف، حيث لا يُعرفُ الخيطُ القضائيُّ من الخيطِ السياسيِّ ومن الخيط الشخصي».

واعتبر الراعي أن «البرص الاجتماعي بادٍ كذلك في الأزمة الاجتماعية والمعيشية والطبيّة»، وأوضح أن «غالِبيّةَ الموادّ التي يُدّعى أنها مفقودة ويُعمَلُ على استيرادها، موجودة في لبنان وقيد الحجز لدى العديد من المستوردين، ولا يوزعونها على الأسواق إلا مع رفعِ الدعم عنها وارتفاعِ سعر الدولار». ودعا أجهزة الدولة إلى التحرك؛ «لأن هناك أناساً يموتون – بكل معنى الكلمة -بسبب حجب هذه الموادّ عنهم، وبخاصةٍ المواد الطبيّة»، سائلاً: «هل الضميرُ مفقودٌ لدى جميعِ المعنيّين بكلِّ قطاعاتِ الحياة في لبنان؟».