كارولين عاكوم
البطريرك يجدد رفضه الحوار وتكريس أعراف تسبق الانتخابات الرئاسية
استأنف سفراء «اللجنة الخماسية» حراكهم في لبنان سعياً لإيجاد حل لأزمة عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وذلك بلقاء رئيس البرلمان نبيه بري والبطريرك الماروني بشارة الراعي، على أن يستكملوا لقاءاتهم في الأيام المقبلة مع عدد من الأفرقاء اللبنانيين.
ورغم أن بري وصف اللقاء بـ«الجيد»، مؤكداً أنه سيتكرر وأن «التوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم توصلاً لتحقيق الاستحقاق»، لكن أجواء بكركي لم تعكس هذا التفاؤل. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الراعي جدد موقفه الرافض لتكريس أعراف تسبق الانتخابات الرئاسية وتحديداً الدعوة للحوار». ولفتت إلى أن الراعي كان واضحاً بوصفه أن «الطريق القصيرة والسهلة لانتخاب رئيس هي تطبيق الدستور، بدل سلوك طرق غير مضمونة النتائج، وذلك عبر عقد جلسات متتالية لإجراء الانتخابات وليفز عندها من يحصل على أكبر عدد من الأصوات».
وعن موقف السفراء حيال رفض الراعي للحوار، أجابت المصادر: «كان هناك تفهم منهم لوجهة نظره، لكن يبدو أن هذا الخلاف لا يزال عائقاً أمام إنجاز الاستحقاق مع تمسك الأفرقاء بموقفهم… ورفضنا للحوار يجعل داعميه يتهموننا بالعرقلة».
والسفراء هم: سفيرة الولايات المتحدة الأميركية ليزا جونسون، وسفير فرنسا هيرفيه ماغرو، وسفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، وسفير مصر علاء موسى، وسفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني.
لقاء بري
وبعد اللقاء مع بري، تحدث السفير المصري موضحاً أن اللقاء «يأتي في إطار تحرك اللجنة من أجل بذل الجهود لإحداث خرق في الملف الرئاسي وصولاً إلى انتخاب الرئيس في أقرب فرصة»، ومشيراً إلى أن «الهدف من هذا اللقاء هو بداية الحديث مع الرئيس بري للتأكيد على ما سبق وأعلنه، سواء أمامنا في اللجنة أو في وسائل الإعلام، وأنه ملتزم ببذل كل المساعي من أجل انتخاب الرئيس وتسهيل العملية الانتخابية». ولفت إلى أنه تم الحديث «بتفاصيل كثيرة، وسوف نتناول هذه التفاصيل في لقاءات للخماسية مع مختلف القوى السياسية التي سنلتقيها جميعها من دون استثناء وعلى فترات».
وفيما وصف موسى اللقاء بـ«الطيب للغاية»، لفت إلى أنهم استمعوا «من الرئيس بري إلى ما سبق وذكره لنا من التزامه التام، وهو ما سوف نسعى لشيء مشابه له من جميع الكتل السياسية للدخول إلى مسار يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن، وسوف تلاحظون في الفترة المقبلة سيكون هناك الكثير من الاجتماعات والتحركات»، معلناً عن جولة من المحادثات سيقومون بها في اليومين المقبلين «وصولاً إلى تشكيل وجهة نظر متقاربة لدى الجميع وأرضية مشتركة تهيئ وتساعد كثيراً في الانتهاء من الاستحقاق الرئاسي».
ورداً على سؤال عن ماهية الإشارات الجديدة التي دفعت الخماسية لاستئناف حراكها، قال موسى: «الإشارات الإيجابية تتلخص بعنوان رئيسي وهو المرونة، فهذا الاستحقاق وكما تعلمون جميعاً ومنذ بداياته كانت هناك مواقف حادة بعض الشيء، وبالتالي ما نسعى إليه هو التقليل من هذه الحدة، والبحث عن أرضية مشتركة. وما تلقيناه في الأيام الأخيرة من إشارات إيجابية هو في الحقيقة يجعل الأمر أكثر مرونة، وبالتالي ممكن أن نخلق هذه الأرضية التي تحدثنا عنها، وخلق المناخ الذي يساعد في الوصول لإحداث اختراق في الملف الرئاسي».
ولفت إلى أن «الخرق الملموس هو أن الكتل السياسية عندها قناعة الآن بأن التوافق فيما بينها هو شيء مهم للغاية. وعندما نتحدث عن التوافق معناه، أن الجميع عنده استعداد للحوار والنقاش والتشاور وصولاً إلى أمر يتفق عليه الجميع، وهذا ما نبحث عنه».
وفيما عَدّ مبادرة كتلة «الاعتدال الرئاسية» وغيرها في البرلمان أمر مهم وضروري، جدّد التأكيد على أن «هذه العملية ملكيتها تعود حصرياً إلى البرلمان وليس لأي طرف آخر، وبالتالي حركة (الاعتدال) حراك مهم وكذلك حراك الآخرين»، رافضاً الحديث عن تفاصيل أخرى في الوقت الحالي.
لقاء الراعي
وبعد لقاء السفراء بالراعي، تحدث موسى أيضاً، مشيراً إلى أن الهدف من الاجتماع بالبطريرك هو «إعلامه واستشارته في الخطوات التي سنبدأ في اتخاذها». وأوضح: «الخطوات مبنية على مراحل عدة والخطوة الأولى هي في الحديث مع الكتل كافة من أجل انتخاب رئيس وفق خريطة طريق سنقدّمها»، مشيراً كذلك إلى أنهم لمسوا «مرونة في الفترة الماضية ستساعدنا على خلق الأرضية للتمهيد لبدء خطوات فعليّة لانتخاب رئيس».
وجدد التأكيد على أنهم لا يدخلون في تفاصيل الأسماء لرئاسة الجمهورية، قائلاً: «نحن لا نتحدّث عن أسماء بل عن التزام إذا توفّر فإنّ الحديث سيبقى أسهل بين القوى السياسية حول من يرغبون في ترشيحه إلى الرئاسة».
ونقلت قناة «إم تي في» عن مصادر بكركي قولها إن «البطريرك أعرب للسفراء عن استغراب سلوك طريق شائكة قد لا ينجح فيما الدستور واضح والمسار الديمقراطي يقضي بفتح المجلس»، رافضاً بذلك «تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي».
باسيل – «القوات»
ويأتي حراك «الخماسية» في ظل دعوة بعض الأفرقاء وتحديداً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل البطريركية المارونية لدعوة القيادات المسيحية للبحث في الاستحقاق الرئاسي، وهو ما لا يبدو أنه يلقى تجاوباً من الأفرقاء المسيحيين الآخرين، كما لم يصدر أي دعوة حتى الساعة عن بكركي في هذا الإطار.
وفي رد منه على دعوة باسيل، ربط حزب «القوات اللبنانية» تجاوبه بأمور عدة، أبرزها أن يعلن رئيس «التيار» «وجوب أن يسلِّم (حزب الله) سلاحه للدولة».
ومع تأكيد «القوات» في بيان له «أن الحوار قيمة مطلقة، وهو سبيل من سبل التفاهم للخروج من الأزمات»، ذكّر بأن «التجارب منذ عام 2006 مريرة إلى درجة تحول معها الحوار محط تهكُّم من أن الهدف منه الصورة من دون أي مضمون».
وأكد أن «ما ينطبق على الحوار الوطني ينسحب على الحوار المسيحي، وفي الحالتين لم يعد الرأي العام اللبناني في وارد التساهل مع خطوات تفاقم غضبه، كونه لا يريد رؤية حوارات عقيمة ومصافحات لا تؤدي إلى نتيجة».