Site icon IMLebanon

الشرق الأوسط: مواجهات متصاعدة في جنوب لبنان… و«حزب الله» يكثّف هجومه ضمن قواعد الاشتباك

 

كارولين عاكوم

 

أخذت المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» منحى تصاعدياً، في الأيام الأخيرة، ولا سيما من جانب الحزب الذي يطلق عشرات الصواريخ وعدداً كبيراً من المُسيّرات على شمال إسرائيل، في حين أعلنت تل أبيب، الجمعة، أن طائرات مقاتلة وأنظمة مضادة للطائرات اعترضت 11، من بين 16 طائرة مُسيّرة أطلقها «حزب الله» خلال الساعات الاثنتين والسبعين الماضية.

 

ويستمر التصعيد بين الطرفين على أثر اغتيال إسرائيل، الثلاثاء، القيادي البارز في «حزب الله» طالب عبد الله، حيث سجّل، ليل الجمعة، مقتل امرأتين في جنوب لبنان، وإصابة 19 شخصاً على أثر غارة إسرائيلية استهدفت المنطقة الواقعة بين بلدتيْ جناتا ودير قانون النهر في قضاء صور، وهي تعد المنطقة الأقرب إلى ضفاف نهر الليطاني، والتي يشملها القرار 1701.

 

وهذا الأمر أدى إلى ردّ «حزب الله»، مستهدفاً مستعمرتيْ كريات ‏‏شمونة وكفرسولد، بعشرات صواريخ الكاتيوشا والفلق، و«مباني ‏‏يستخدمها جنود العدو في مستعمرة المطلة»، وفق ما أعلن.

 

وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى أن الغارة كانت تستهدف قيادياً في «حزب الله»، لم يعلن الأخير، في الساعات الماضية، مقتل أي مسؤول أو عنصر في صفوفه. وأدت الغارة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى دمار مبنى من ثلاث طبقات، ونقلت عن شهود عيان قولهم إن المبنى كان غير مأهول. وقال نائب رئيس بلدية جناتا، حسن شور، للوكالة، إن الغارة أدت إلى تضرر مبنى قرب الموقع المستهدَف، مما أسفر عن سقوط «شهيدتين مدنيتين». وقال مصدر، من خدمة إسعاف محلية، إنه جرى نقل تسعة جرحى، على الأقل، إصاباتهم متوسطة، الى مستشفيات صور؛ للعلاج. وأوضح أن بين الجرحى ثلاثة أطفال صغار، على الأقل، أحدهما رضيع.

 

وفي المقابل، قالت خدمات الطوارئ الإسرائيلية إنها تتعامل مع سلسلة من الحرائق شبّت في شمال إسرائيل، الجمعة، بعد إطلاق عشرات الصواريخ من جنوب لبنان على المنطقة المحيطة ببلدة كريات شمونة الحدودية.

 

في غضون ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن طائرات مُقاتلة وأنظمة مضادة للطائرات اعترضت 11، من بين 16 طائرة مُسيّرة أطلقها «حزب الله» على إسرائيل، خلال الساعات الاثنتين والسبعين الماضية، مشيراً إلى أن صفارات الإنذار دوّت في شمال إسرائيل.

 

وقالت خدمات الطوارئ إن فِرقاً تجوب المنطقة أبلغت بوجود خسائر مادية وليس بشرية، في حين أظهرت لقطات بثّها الإعلام الإسرائيلي، الجمعة، مباني وسيارات لحقتها أضرار، بالإضافة إلى اندلاع حرائق في أحراج بعدة مواقع بسبب الصواريخ، أو تساقط الحطام في ظل موجة حارة.

 

ورغم الخوف من خروج الوضع عن السيطرة والتحذيرات المستمرة، يرى الخبراء أن المواجهات لا تزال ضمن خطوط الاشتباك، ولا تتجه نحو الاتّساع.

 

وفي هذا الإطار، يقول اللواء الركن المتقاعد، عبد الرحمن شحيتلي، لـ«الشرق الأوسط»: «(حزب الله) يلعب بصفته ضابط إيقاع في هذه المواجهات، بحيث يعمد إلى تصعيد الرد وفق الهجوم والاعتداءات التي تقوم بها إسرائيل، وهو ما قام به عندما رفعت إسرائيل مستوى الاغتيالات لقيادييه عبر تكثيف الهجوم بالصواريخ والطائرات المُسيّرة التي لم تستطع القبة الحديدية التصدي لها لسببين؛ هما كثافة النيران وقرب المرابض من الحدود، بحيث لا يكون عندها الوقت الكافي لتتصدى وتتحرك»، من هنا يتحدث شحيتلي عن مؤشرات ردعية يقوم بها «حزب الله» كي لا تفكر إسرائيل بالدخول في الحرب.

 

من جهته، يعد رئيس مركز «الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري- أنيجما»، رياض قهوجي، أن رد فعل «حزب الله» التصاعدي يقتصر على نوعية السلاح، ولا يصل للعمق الإسرائيلي، كما أنه لا يؤدي إلى خسائر كبيرة.

 

من هنا يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المواجهات لا تزال ضمن قواعد الاشتباك، ولا تزال ردود (حزب الله) ضمن عمق بين 20 و30 كيلومتراً من الحدود، بحيث كانت طبريا أعمق نقطة وصل لها القصف»، وعدَّ أنه «حتى شكل الهجمات لم يختلف كثيراً عن الهجمات السابقة، والاختلاف فقط في ماهية استخدام الصواريخ، وتكثيف الهجوم بها وبالطائرات المُسيّرة، وأضرارها تبقى محدودة، مقارنة بالأضرار التي يسببها القصف الإسرائيلي في الجنوب، بحيث إن (حزب الله) مثلاً لم يستهدف المدن الإسرائيلية الكبرى كحيفا وتل أبيب وغيرهما، ما يُبقي، بالتالي، المواجهات ضمن قواعد الاشتباك ولا يعطي إسرائيل مبرراً للتصعيد الكبير».

 

وميدانياً، استمر التصعيد على حاله، الجمعة، حيث أطلق الجيش الإسرائيلي قذائف فوسفورية باتجاه فِرق الدفاع المدني التي كانت تعمل على إخماد الحرائق في بلدة حولا، التي وصلت نيرانها إلى المنازل، ما أدى إلى حالات اختناق في صفوف العناصر، وفق ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة كذلك إلى «أنه بينما كانت فِرق الدفاع المدني اللبناني من مركز راشيا الفخار تقوم بإطفاء الحرائق في أطراف بلدة كفرشوبا، بمساعدة بعض الأهالي، والتي كانت قد اندلعت جراء القصف المُعادي، قام العدو الإسرائيلي بإلقاء عدد من القذائف بالقرب منهم؛ وذلك لترهيبهم، مما اضطرهم إلى الانسحاب من المكان».

 

 

عناصر الإطفاء في الدفاع المدني اللبناني يخمدون حريقاً ناجماً عن القصف الإسرائيلي وأدى لاندلاع حرائق وصلت إلى المنازل في قرية شبعا القريبة من الحدود الجنوبية (أ.ف.ب)

وتعرضت أيضاً بلدة طلوسة لقصف فوسفوري، وقصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب في القطاع الغربي، ومنزلاً خالياً في بلدة كفرشوبا.

 

وفي بيانات متفرقة، أعلن «حزب الله» تنفيذه عمليات استهدفت موقع السماقة في تلال كفرشوبا، وموقع المطلة، وموقع الرمثا في تلال كفرشوبا، و«تجمعاً لجنود العدو الصهيوني في خلة ‏وردة»، إضافة إلى «مبان يستخدمها جنود العدو الإسرائيلي في مستعمرة مرغليوت»، بصواريخ الكاتيوشا.

 

واستهدف، بعد الظهر، «منظومة فنية في موقع المطلة بمحلقة ‏انقضاضية انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في ‏محيط حرش برعام، و«انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في ‏محيط موقع الرمثا بتلال كفرشوبا»، إضافة إلى «التجهيزات التجسسية في موقع جل الدير، والمنظومات التجسسية في موقع مسكاف عام».