Site icon IMLebanon

أمين الجميل لـ («الشرق الأوسط») : أزمة الرئاسة عميقة جًدا.. ومبادرة الحريري لا تكفي للحل

أمين الجميل لـ («الشرق الأوسط») : أزمة الرئاسة عميقة جًدا.. ومبادرة الحريري لا تكفي للحل

رفض المعالجات المبتورة.. ودعا لانتخاب رئيس يخرج لبنان من المستنقع

لا تبدو ثمة انفراجات في أفق الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان منذ أن دخل هذا البلد في الشغور الرئاسي بدًءا من 25 مايو (أيار) مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان٬ وإذا كانت مبادرة رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري للحّل قوامها ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية قد ظهرت الخلافات داخل مكونات الفريق الواحد على جبهتي «8 آذار» و«14 آذار»٬ فإن الحلول المرتجاة هي أبعد مما تحمله المبادرة رئيس تيار «المستقبل»٬ بحسب الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل الذي اعتبر أن «الوضع الرئاسي معقد أكثر مما يتصور البعض». وأكد أن «الفراغ المستمر في سّدة الرئاسة منذ سنة ونصف السنة سببه أننا لا نطبق الدستور».

ولا يخفي الجميل أن فرص التقارب بين حزب الكتائب اللبنانية (الذي يرأسه نجله النائب سامي الجميل) وبين النائب فرنجية٬ هي أكبر بكثير من فرص تقارب الأخير مع حزب «القوات اللبنانية» بالنظر إلى خلافاتهما التاريخية٬ وذّكر بأن «اللبنانيين انتظروا كل هذا الوقت من أجل الوصول إلى الحلول الشافية٬ لا أن نأتي بحلول تزيد الإرباك ولا تؤدي إلى الغاية المبتغاة».

الجميل دعا في حوار أجرته مع «الشرق الأوسط» إلى «الوصول إلى حّل يؤسس لمرحلة جديدة٬ فالرئيس ينتخب لست سنوات٬ والمطلوب رئيس يعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم ويخرجهم من المستنقع الذي يتخّبط به

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما موقفكم من مبادرة الرئيس سعد الحريري الرامية إلى ترشيح أحد قادة فريق «8 آذار» النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية؟

­ الساحة اللبنانية مفروزة بين خطين ومشروعين وخيارين٬ وهذا الأمر ترسخ منذ فترة والتزم به غالبية القيادات اللبنانية٬ وليس من السهل وبسحر ساحر٬ أن تزول كل هذه العوائق أمام الحّل٬ ولو أن الرئيس سعد الحريري أطلق مبادرة خّيرة تعبر العوائق القائمة٬ لكن هذه المبادرة بحّد ذاتها لا تكفي لدفع مسيرة الحّل٬ بل يقتضي مزيًدا من التشاور ومزيًدا من البحث وتقريب وجهات النظر من هنا وهناك للوصل إلى حّل. فالذي أنتجته هذه المبادرة٬ هو فرز داخل كل من جبهتي 8 آذار» و«14 آذار»٬ من دون أن تساعد عملًيا على انتخاب الرئيس المطلوب.

* هل وجهات النظر متطابقة بين «حزب الكتائب» و«القوات اللبنانية» حيال رفض ترشيح فرنجية للرئاسة؟ وما تحفظاتكم على هذا الترشيح؟

­ هناك فرق بين موقف حزب الكتائب وموقف «القوات اللبنانية» داخل «14 آذار»٬ فموقف القوات نابع من رواسب قديمة وعميقة وعدم ثقة في العلاقة بين جعجع وفرنجية٬ والطابع الشخصي بين الرجلين هو السائد في هذه العلاقة٬ ويتأثر أكثر برواسب الماضي (جريمة إهدن التي وقعت في عام 1978 واتهمت «القوات اللبنانية» بارتكابها وأودت بحياة والدي فرنجية وأشقائه)٬ أما موقفنا في حزب «الكتائب» فهو مبدئي٬ ويهمنا بادئ ذي بدء مصلحة البلد٬ عندما نشعر أن مصلحة البلد تتحقق لا نخلط بين الشخصي والعام٬ وعندما تتوفر التطمينات اللازمة في أي شخص لا مانع لدينا من السير به وانتخابه.

* ما التطمينات التي تريدونها من سليمان فرنجية للقبول به والسير بانتخابه؟

­ طروحاتنا معروفة وهي أن نلاقي موقًفا مشترًكا وأن نلتقي في وسط الطريق مع الفريق الآخر٬ عندها كل طرف يكون تنازل بعض الشيء ويكون قادًرا على طمأنة الآخر.

* خلال لقائكم النائب ميشال عون اليوم (أمس) هل تطابقت آراؤكم على رفض ترشيح فرنجية؟ ومن أي منطلق؟

­ زيارتي للعماد عون كانت لتعزيته بوفاة شقيقه٬ وتطرقنا إلى الوضع السياسي بشكل عام٬ لكن لم ندخل بتفاصيل الأمور٬ وكان ثمة توافق على ضرورة التوصل إلى تصور مشترك لانتخاب رئيس من دون الدخول في الأسماء.

* ما الأسباب الحقيقية التي تحملكم على رفض ترشيح فرنجية؟

­ نحن نبحث عن حّل يجّنب البلد مزيًدا من المخاطر والاهتراء٬ من هنا يقتضي إعادة النظر في بعض الخيارات والمواقف (عند فرنجية)٬ الأمور ليست بهذه السهولة٬ المطلوب الوصول إلى حّل يؤسس لمرحلة جديدة٬ نحن نعرف أن هناك مخاطر محدقة بلبنان٬ والجهات التي تهدد أمن واستقرار لبنان٬ ولا يخفى على أحد أن «داعش» متربص على الحدود٬ ولديه خلايا نائمة داخل لبنان٬ وعلينا أن نتنّبه إلى هذا الأمر. إن أي حّل يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المنعة الداخلية وتعزيز المؤسسات الوطنية ومواجهة المخاطر التي تهدد في أي لحظة الاستقرار الداخلي٬ وأن يؤسس لمرحلة مستقبلية آمنة٬ لا أن يكون هذا الاستحقاق سبًبا لخلق نزاعات ومشكلات في المستقبل.

* سبق للنائب فرنجية أن أعلن من بكركي أنه مستعد للقاء الدكتور سمير جعجع وتحقيق مصالحة تنهي رواسب الماضي٬ هل لقاء كهذا قد يسّرع قبول «14 آذار» بأن يكون فرنجية رئيًسا؟

­ النائب سليمان فرنجية قال أكثر من مرة أن يده ممدودة٬ وهذا الموقف ليس بعيًدا عن المنطق٬ لكن هل اللقاء بينه وبين جعجع يحّل المشكلة؟ هناك أيًضا البعد الآخر الذي يجب التوقف عنده٬ فالتحفظات داخل فريق «8 آذار» الذي ينتمي إليه فرنجية٬ كبيرة٬ مثل التحفظ الواضح للعماد عون٬ والصمت المطبق لحزب الله٬ والواضح أن فريقنا ليس على رأي واحد٬ والفريق الآخر ليس على رأي واحد أيًضا٬ الأمور معقدة أكثر مما يتصور البعض٬ ونأمل ألا تصل الأمور إلى باب مسدود٬ المطلوب تنقية كّل الشوائب حتى نصل إلى اتفاق على انتخاب رئيس للبلاد.

* إذا طويت مبادرة الرئيس الحريري إلى أين يذهب البلد؟

­ منذ سنة ونصف السنة ونحن في الفراغ ولبنان يخسر من مناعته الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية٬ كما أن الهجرة بلغت رقًما مخيًفا وكل هذه الأزمة كان يفترض معالجتها منذ البداية٬ لا شيء يبرر هذه المماطلة سوى أننا لا نطبق الدستور. لقد انتظرنا كل هذا الوقت من أجل الوصول إلى الحلول الشافية٬ لا أن نأتي بحلول تزيد الإرباك ولا تؤدي إلى الغاية المبتغاة٬ نحن نسعى إلى حّل يؤسس لمرحلة جديدة٬ الرئيس ينتخب لست سنوات والمطلوب رئيًسا يعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم ويخرجهم من المستنقع الذي يتخّبط به٬ لا نريد حلاً بأي ثمن٬ ولا الحل المبتور الذي يؤجج المشكلات ولا يحلّها.

* ألا ترى أن عدم اقتناص هذه الفرصة يدخل لبنان في دوامة انتظار طويلة٬ ويبقيه رهن الحلول والتسويات التي تطبخ للمنطقة٬ لا سيما في سوريا؟

­ منطقنا يرفض ربط أزمة لبنان بأزمة المنطقة٬ المفترض بالقيادات اللبنانية أن تجنب لبنان المخاطر المحدقة بالبلد٬ وأن تحاول عزل لبنان عن أتون الحريق المشتعل في الإقليم٬ واجبات القيادات منع انتقال نيران المنطقة إلى داخل البلد٬ صحيح أنه يستحيل فصل لبنان عن محيطه٬ لكن لدينا حد أدنى من الواجب لحماية بلدنا٬ وما دامت المنطقة بهذا الغليان علينا أن نحفظ بلدنا أًيا كان المعطيات المحيطة بنا.

* ما رؤيتكم لملء الفراغ الرئاسي؟ وهل يكون بمرشح توافقي من خارج الأقطاب الأربعة (عون٬ الجميل٬ جعجع وفرنجية)؟

­ ماذا يمنع في الوقت الحاضر أن يجتمع 128 نائًبا في مجلس النواب ويتنافس المرشحون وأن نصل إلى انتخاب رئيس؟ عندما تكون هناك وقفة مبدئية ووجدانيةنصل إلى الحلول الشافية٬ هذا كلام واقعي وليس طوباوًيا٬ إما أن نسلك طريق الخلاص أو نذهب إلى الخراب.

* البعض يأخذ عليكم أنكم انقلبتم على اتفاق الأقطاب الأربعة خلال اجتماعكم في بكركي واتفاقكم على أن أي من الأقطاب الأربعة يحظى بتأييد الأكثرية النيابية يكون رئيًسا قوًيا٬ ونلاحظ أن بكركي انتقدتكم على تنصلكم من هذا الاتفاق؟

­ الكلام الذي نقل عن اجتماع بكركي غير دقيق٬ ولكن هناك عتب على القيادات التي لم تتمكن حتى الآن من بلورة حّل وانتشال لبنان من المستنقع٬ علينا أن نعترف أن هناك مسؤولية٬ لأن المشكلة لبنانية٬ والمفروض بالنواب أن ينزلوا إلى مجلس النواب ويتسابقوا ويصلوا إلى قواسم مشتركة٬ بينما نحن نتهرب من هذا المسار الديمقراطي.

* هل تعتقدون أن الحّل لا يكون إلا بسلّة متكاملة تبدأ برئيس الجمهورية وتمر بالحكومة وقانون الانتخابات والتعيينات وغيرها؟

­ ليس لدينا مشكلة بالسلة٬ ومن الضروري أن يكون هناك حد أدنى من التفاهم٬ في الوقت الحاضر ليس لدينا متسع من الوقت لمناقشة كل الأمور٬ فهل نعلّق الحكومة والتشريع والرئاسة حتى نتفق على جنس الملائكة؟ هذا مسار معّطل للوطن٬ إن انتخاب رئيس الجمهورية هو الخطوة التي تسهل عجلة الدولة بكل مؤسساتها٬ ويجب ألا يكون انتخاب الرئيس عائًقا أمام إطلاق النقاش في القضايا التي تعني حياة الناس.