IMLebanon

الشرق الأوسط: أرسلان يصعّد في مواجهة جنبلاط ويطلب إحالة جريمة كفرمتى إلى المجلس العدلي

 

حمادة يؤكد أن مصالحة الجبل مع المسيحيين ثابتة ولن ينال منها «مدمن سلطة»

تكثفت المساعي السياسية لتطويق ذيول أحداث عاليه في جبل لبنان بعد سقوط قتيلين من مرافقي وزير شؤون النازحين صالح الغريب في بلدة كفرمتى أول من أمس، بحادثة إطلاق نار، اتهم النائب طلال أرسلان أنصار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بتدبيرها.

وإذا كانت ذيول الحادث قد جرى تطويقها إلى حد ما أمنياً، فقد استمر الاشتباك السياسي بين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده النائب وليد جنبلاط والتيار الوطني الحر الذي يقوده وزير الخارجية جبران باسيل.

وبعد كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتدخل رئيس الحكومة سعد الحريري للسيطرة على الحدث الذي هدّد لبنان بأكمله، تدخل أمس أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، حليف جنبلاط، حيث أجرى لهذه الغاية سلسلة من الاتصالات لتطويق ذيول ما حصل. وقال معلقاً: الوقت الآن هو للاحتكام للعقل والحكمة وبذل كل مستطاع من أجل الحفاظ على الوحدة والاستقرار العام، ولنا ملء الثقة بعقلاء الجبل الأشم. وليأخذ القضاء دوره في التحقيق حتى النهاية.

وبدا من التصريحات أمس أن الأمور ذاهبة باتجاه اشتباك سياسي داخل البيت الجبلي الواحد، بعدما رفع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان من حدة الخطاب، واصفاً التعرض لموكب الوزير صالح الغريب من قبل أنصار جنبلاط بأنه «غدر بأبشع أنواع الغطرسة واللؤم والاستفزاز ذهب ضحيته شابان من أطيب شباب الجبل».

وقال في مؤتمر صحافي: «كان هناك كمين محكم لموكب الوزير الغريب وسيارته فيها نحو 18 أو 19 رصاصة، وعلى الدولة أن تأخذ قرارها إما أن تحمي الناس أو أن يحمي الناس أنفسهم. الدليل الواضح والصريح عن الحقد الدفين إذ لم يكلف نفسه أحد باستنكار ما حصل أو تعزية أهل الضحايا». وتابع: «بالنسبة لنا المحرض وصاحب الفتنة هو نائب الفتنة الذي يجلس على طاولة مجلس الوزراء ولا يحترم أبسط قواعد العيش المشترك وسلامة المواطنين وسلامة أهله وناسه، ما حصل فتنة مخطط لها وتم التحريض عليها قبل يومين من قبل أوباش وقطاعي طرق لا يمكنهم تحمل الرأي الآخر».

وسأل أرسلان: «هل يحتاج الناس إلى تأشيرات للدخول إلى الجبل أو أن أهل الجبل يحتاجون لتأشيرات للانتقال داخل قراهم؟». وقال: «ليكن معلوما للجميع أن لحمنا ليس طرياً وليس هناك أكبر من دارة خلدة (منزل أرسلان) لا لدى الدروز ولا لدى غيرهم». وأضاف أنه «إذا أرادت الدولة أن تفرض هيبتها ووجودها فأهلا وسهلا بها، وإن لم ترغب في ذلك، فنحن نعلم كيف نفعل ذلك».

وانتقل أرسلان بعدها برفقة الوزير الغريب إلى قصر بعبدا حيث عرض مع رئيس الجمهورية ميشال عون الأحداث الأمنية التي وقعت في عاليه. وقالت المعلومات إن أرسلان طلب من الرئيس عون إحالة القضية إلى المجلس العدلي، فيما قالت مصادر قريبة من عون إن الصورة «باتت واضحة تماماً لديه».

على خط «الاشتراكي» بدا الموقف أقرب إلى التهدئة دون التخلي عن الخصام مع باسيل.

ولاحقاً، صدر عن مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، بيان أكد أن ما حصل في منطقة الشحار «ليس وليد لحظته، إنما نتيجة تراكمات، بدءاً من حادثة الشويفات، مروراً بغيرها من المحطات التي لن نسترسل في ذكرها، تلافياً للتوتر، وصولاً إلى الخطاب الفئوي الذي دفناه سوياً مع البطريرك صفير، في مصالحة الجبل التي ستبقى متجذرة وقوية».

وإذ أكد الحزب أنه «لم يكن يوماً إلا تحت سقف القانون ويدعو إلى تطبيقه، وسيكون كذلك في هذه الأحداث المؤلمة»، رأى أن ثمة مطلوبين للعدالة في قضايا أخرى، أبرزها قضية الشويفات، لا يزالون متوارين عن الأنظار بحمايات سياسية داخل وخارج الحدود. وبالتالي، يدعو إلى تسليمهم وإخضاعهم للعدالة، وفق ما تنص القوانين؛ مذكراً بتجاوبه مع مبادرة رئيس الجمهورية، مستغرباً كيف أن البعض ممن أداروا ظهرهم للرئيس والدولة عادوا ليطالبوا بدور لها اليوم، مؤكداً أن العدالة لا تكون مجتزأة، تُطبق في مكان ويتم التغاضي عنها في مكان آخر.

وتوجه الحزب إلى رئيس التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل، مؤكداً أن كل المناطق اللبنانية مفتوحة، ومناطق الجبل أيضاً مفتوحة، داعياً إياه لاعتماد الخطاب الموضوعي من باب الحرص، ليس فقط في الجبل؛ بل في بقية المناطق.

وقال النائب مروان حمادة إن المصالحة ستبقى راسخة في جبل لبنان، وستنتصر على كل من يحاول النيل منها أو الاعتداء عليها بالأقوال والتصرفات، بالأحقاد ونبش القبور.

وقال إن «الإنجاز الذي تحقق رغم الوصاية السورية آنذاك، بفضل مثلث الرحمة البطريرك الكبير نصر الله صفير وبمؤازرة سياسية وميدانية من الأستاذ وليد جنبلاط، لن ينال منه عابر طريق أو مدمن سلطة». وتابع: «فليعد الجميع إلى احترام الدستور واتفاق الطائف، والأخذ في الاعتبار الخصوصية اللبنانية بكل توازناتها. أما القضاء فنحن نرحب به في كل القضايا العالقة وليس تحت ضغط الانتقائية والانحياز».

من جهته، قرأ رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة في أحداث عاليه تهديداً لأمن الجبل واستقراره ولمناطق واسعة من لبنان، داعياً الرئيس عون إلى «ضبط تلك التصرفات المسيئة إليه وإلى لبنان واللبنانيين من قبل بعض المقربين منه».

وقال السنيورة: «من الحكمة والتبصر التنبه إلى خطورة الأوضاع الداخلية والإقليمية، التي تقتضي من الجميع التوقف عن ذلك السيل الذي لا ينقطع من التصريحات والتصرفات المتهورة والعودة إلى تصويب البوصلة نحو التمسك باتفاق الطائف وبالدستور وقاعدة العيش المشترك للحفاظ على الاستقرار في لبنان». وتابع أن الأحداث تقتضي العودة «إلى الإقرار بحقيقة أساسية يجب ألا يغفلها أحد بأن لبنان يحكم بقوة التوازن وليس بتوازن القوى الظرفي والمؤقت».

لكنه أكّد في الوقت عينه، ضرورة الالتزام بالدستور الذي ينص على أن «أرض لبنان أرض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين». وبالتالي يجب أن تبقى طرق ومناطق لبنان مفتوحة أمام اللبنانيين جميعاً كل اللبنانيين، ومن الضروري عدم العبث بأمنها من أي جهة كانت.