استبعد لبنان أي تأثيرات للعقوبات الأميركية التي طالت النائبين محمد رعد وأمين شري اللذين يمثلان «حزب الله» في البرلمان اللبناني، على عمل مجلسي النواب والوزراء، وسط تأكيدات أنه سيتم التعامل مع القرار وملاحقته مع السلطات الأميركية، في وقت ينتظر «حزب الله» خطاب أمينه العام حسن نصر الله يوم الجمعة المقبل للإدلاء بموقف رسمي مفصل من العقوبات التي تطال نواباً منه، للمرة الأولى، منذ بدء العقوبات التي طالت 50 شخصاً وكياناً مرتبطين بالحزب حتى الآن.
وبانتظار موقف مفصل من الحكومة اللبنانية غداة إعلان واشنطن إدراج رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد وزميله النائب أمين شري على لوائح العقوبات الأميركية، إلى جانب مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، اطلع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون على ما تناقلته وسائل الإعلام حول القرار الذي صدر عن وزارة الخزانة الأميركية.
ورأت رئاسة الجمهورية في بيان صادر عن المكتب الإعلامي أن «هذا التدبير الذي يتكرر من حين إلى آخر يتناقض مع مواقف أميركية سابقة تؤكد التزام لبنان والقطاع المصرفي فيه بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال ومنع استخدامها في اعتداءات إرهابية أو غيرها من الممارسات التي تعاقب عليها القوانين».
وإذ «أسف لبنان على لجوء الولايات المتحدة إلى هذه الإجراءات، لا سيما لجهة استهداف نائبين منتخبين»، قال بيان رئاسة الجمهورية إن لبنان «سوف يلاحق الموضوع مع السلطات الأميركية المختصة ليبني على الشيء مقتضاه».
من جهته، أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أن العقوبات الأميركية ضد نواب في البرلمان اللبناني «اعتداء على المجلس النيابي وبالتالي على لبنان». ودعا الاتحاد البرلماني الدولي «لاتخاذ الموقف اللازم من هذا التصرف الأميركي اللامعقول». وسأل: «هل أصبحت الديمقراطية الأميركية تفترض وتفرض الاعتداءات على ديمقراطيات العالم؟».
وكان النائب علي بزي نقل عن بري بعد لقاء «الأربعاء النيابي» أنه اعتبر العقوبات اعتداء على الديمقراطية.
واعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن «هذه العقوبات هي كسائر العقوبات السارية، ولكن لا شك أنها أخذت منحى جديدا من خلال فرضها على نواب في المجلس النيابي، مما يعطيها منحى جديدا، ولكن هذا لن يؤثر، لا على المجلس النيابي ولا على العمل الذي نقوم به في مجلسي النواب والوزراء»، مشدداً على أنه «أمر جديد سنتعامل معه كما نراه مناسبا وسيصدر عنا موقف بشأنه».
وقال الحريري: «المهم أن نحافظ على القطاع المصرفي وعلى الاقتصاد اللبناني، وإن شاء الله تمر هذه الأزمة عاجلا أم آجلا، ونأمل بألا يصار إلى تضخيم هذا الموضوع لأنه موجود أساسا فلا داعي للتحليلات لأنها ستؤدي برأيي إلى تأزيم الواقع السياسي».
وقال الحريري: «لا شك أن المجلس النيابي لا يرضى عن هذا الأمر وهو سيد نفسه ويمثل إرادة الشعب، لكن العقوبات أمر آخر، ويجب علينا ألا نضيّع البوصلة بهذا الشأن». وأضاف: «يجب أن نتعامل مع التحديات وألا نخلق أزمات لأنفسنا، بل علينا العمل على ما هو أهم شيء في البلد وهو المواطن اللبناني والسعي إلى تأمين حاجياته وتوفير وضع اقتصادي جيد له».
وذكرت مصادر إعلامية أن «حزب الله» طالب بصدور موقف لبناني رسمي موحد من العقوبات الأميركية وهو بانتظار صدور موقف عن الحكومة اللبنانية.
وتطال العقوبات الحركة المصرفية والمالية للأشخاص المعرضين لها، وتستهدف، بحسب مصادر معنية، حظر تحويلاتهم المصرفية وحساباتهم بالعملة الأجنبية، علما بأن النائبين رعد وشري وسائر نواب ووزراء «حزب الله» يتم تحويل رواتبهم من مجلس النواب إلى حساباتهم المصرفية بالليرة اللبنانية.
وفيما لم تصدر جمعية المصارف موقفاً بعد بانتظار إعلان موقف الحكومة، قالت مصادر مصرفية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن المصارف «ستلتزم سقف موقف الحكومة»، «علما بأنها ملتزمة بتنفيذ العقوبات الدولية والسيادية». وأكدت المصادر أن القطاع المصرفي «يلتزم منظومة كاملة للقوانين الدولية والسيادية بحسب المواءمة التي يطلبها مصرف لبنان»، مشددة على أن المصارف اللبنانية «تطبق الأنظمة واللوائح الأميركية بالكامل، وهي ملتزمة بمنظومة العقوبات الدولية والسيادية».
وإذ أشارت إلى أنه «لا حسابات لأشخاص مدرجين على لوائح العقوبات من (حزب الله) أو غيره في المصارف اللبنانية»، وهو أمر يواظب «حزب الله» على تأكيده وأنه لا حسابات لقيادييه في المصارف، أكدت المصادر أنه في حال تبين وجود حسابات «فسيتم اتخاذ إجراءات بحسب النمط المعتاد». وتقضي العقوبات بإقفال الحسابات بالعملة الأجنبية العائدة لأشخاص معرضين للعقوبات، وسيحظر المعرضون للعقوبات من إجراء تحويلات مصرفية، وستسري عليهم بالتأكيد لوائح العقوبات العادية.
وكان الرئيس السابق لجمعية المصارف جوزف طربيه أكد في وقت سابق أنه لا توجد أي علاقات ماليّة ومصرفيّة مع المؤسّسات التابعة لـ«حزب الله». وبالتالي فإنَّ المصارف في لبنان ملتزمة بالتشريعات الجديدة ومضبوطة إلى الحدّ المطلوب، وشدد على أن «القطاع المصرفي اللبناني كان ولا يزال مُلتزماً بجميع المعايير والقوانين الدوليّة».