أقر البرلمان اللبناني ليل أمس الموازنة العامة للدولة بعد ثلاثة أيام من النقاشات التي اتسم معظمها بالحدة، في ظل احتجاجات في الشارع قادها العسكريون المتقاعدون، ردا معلومات عن توجه لتخفيض رواتبهم وتقديماتهم.
وفيما لم يتضح حجم العجز المحقق في الموازنة بسبب تجميد بعض البنود الخلافية وإلغاء أخرى، صوت ٨٣ نائبا مع الموازنة و١٧ ضدها مع امتناع نائب واحد عن التصويت.
وبرز استياء سني أمس خلال جلسة إقرار موازنة عام 2019، بعد تقليص موازنات مؤسسات تابعة لرئاسة الحكومة، وحاول المعنيون استيعابه عبر خروج رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري من الجلسة لعقد اجتماع جانبي انضم إليه النائب إبراهيم كنعان، وعاد الرئيسان على أثره لاستئناف جلسة التصويت على الموازنة.
وطال التقشف موازنة «مجلس الإنماء والإعمار» و«الهيئة العليا للإغاثة» ومجلس «الخصخصة»، وهي مؤسسات تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ما دفع رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي إلى الخروج من الجلسة، فيما ظهرت علامات الاستياء على وجه الرئيس سعد الحريري.
وقالت مصادر قريبة من تيار «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» إن المؤسسات الثلاث تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ما أوحى أن الحريري ورئاسة مجلس الوزراء «مستهدفان من خلال تلك الإجراءات»، وأشارت إلى أن علامات الاستياء كانت ظاهرة على وجه الحريري، بعد التصويت على تخفيض موازنة المؤسسات الثلاث، فيما سجل الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي تحفظه وخرج من الجلسة معترضا على الاستهداف الذي يطال مؤسسات معيّنة من دون سواها لأسباب سياسية.
وقالت المصادر إنه بعد محاولة حصار رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط سياسيا من قبل «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، وتعثر التوصل إلى تسوية لأحداث الجبل، يتعهد الطرفان محاصرة الحريري مالياً عبر محاولة لشل قدرته على العمل وفرض حصار على المؤسسات التابعة له من خلال تخفيض موازناتها بأمر عمليات من «التيار الوطني» و«حزب الله». وأشارت المصادر إلى أن الحريري «يرفض هذه الإجراءات، ويهدد بموقف» رغم أنه أبقى المجال مفتوحاً أمام المشاورات لمعالجة الأمر.
وأقرّ مجلس النواب زيادة 75 ملياراً لمجلس الإنماء والإعمار من أجل الاستملاكات بعدما كان المجلس يطالب بزيادة 175 ملياراً، كما أبقى على المادة 15 كما وردت من لجنة المال، أي عدم المسّ بعائدات صندوق تعاضد القضاة من غرامات السير البالغة ملياراً و800 مليون ليرة.
وأشار الرئيس سعد الحريري إلى أنّ هناك 3 مليارات و200 مليون دولار لمشاريع مجمّدة بسبب عدم تأمين أموال للاستملاكات. واستأنف البرلمان أمس جلسات إقرار بنود الموازنة وجرى التصويت على بنود الموازنة الـ96 بندا بندا بدءا بالنفقات وصولا إلى الواردات، في جلسة «سرية».
وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان: «مقارنة الاعتمادات الواردة من الحكومة بما خرج من لجنة المال تظهر أن تخفيضاً كبيراً حصل في موازنات المجالس والهيئات والمؤسسات التي لا تعمل بالشكل المطلوب».
واعترض النائب سامي الجميّل على تخفيض موازنة الجيش، فرد الرئيس بري بالقول إن هذا الأمر تم بالتفاهم حوله مع الجيش. كما طلب برّي خلال نقاش النفقات أن يتم تعليق العمل بنفقات البريد، وشهد هذا الأمر نقاشاً واسعاً بين النواب.
وأُقرت توصية لجنة المال والموازنة بزيادة موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية مبلغ 35 مليار ليرة لتمويل مؤسسات الرعاية الاجتماعية 2020. وصوّت مجلس النواب إيجاباً على إعفاء سيارات الإسعاف والإطفائيات من رسوم التسجيل، كما أقر رسماً سنوياً على اللوحات المميزة