وجه الرئيس ميشال عون كلمة إلى اللبنانيين مساء أمس عرض فيها ما سماه «كشف حساب» بما حققه خلال السنوات الثلاث الأولى من عهده، التي تمثل النصف الأول من ولايته. وعدد عون ما حققه اجتثاث الإرهاب من تأمين الاستقرار السياسي وإقرار قانون جديد للانتخابات يؤمن عدالة التمثيل. وتحدث عن إقرار المراسيم المتعلقة باستخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية، مشيراً إلى أن التنقيب عن النفط سيبدأ خلال شهرين. كما تطرق إلى مسألة النازحين السوريين قائلاً إن لبنان يدفع ثمن رفض قبول بقائهم على أرضه.
وتوجه عون إلى المتظاهرين في الشوارع والساحات قائلاً: تمكنتم من إيصال الصوت الذي يطالب بحكومة تثقون بها. ودعا إلى قيام دولة مدنية تنتفي فيها الطائفية والمحاصصة. وتطرق إلى مسألة تشكيل الحكومة الجديدة التي ستخلف حكومة الرئيس سعد الحريري، وقال إن تشكيل الحكومات في لبنان يخضع لتوازنات واعتبارات سياسية، وإن شرط الإجماع داخل الحكومة يحول دون التوصل إلى الحلول المطلوبة. وأضاف أن المطلوب أن تنال الحكومة ثقة اللبنانيين وأن تتمكن من إنجاز ما عجزت عنه الحكومة السابقة. كما طالب بأن يتم اختيار الوزراء وفق معايير الكفاءة والخبرة وأن تكون الحكومة الجديدة منسجمة وقادرة على الإنتاج لا تعرقلها الصراعات السياسية.
وفي إشارته إلى المظاهرات والحشود في شوارع بيروت والمناطق الأخرى قال عون إن استغلال شارع مقابل شارع هو أخطر ما يهدد السلم الأهلي في لبنان.
من جهة أخرى، تتكثف المشاورات السياسية على أكثر من خط قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية المتوقعة مطلع الأسبوع المقبل، فيما أكدت مصادر رفيعة قريبة من الرئيس ميشال عون أنه لا فيتو على إعادة تكليف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، فيما رأت كتلة «حزب الله» النيابية أن الاستقالة تسهم في هدر الوقت لتنفيذ الإصلاحات وتزيد من التعقيدات.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن عون يقوم بالجهود اللازمة قبل تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة وذلك بهدف تسهيل هذه الاستشارات.
وأكدت مصادر مطلعة أنه لا تأخير في تحديد الموعد إنما الهدف إعطاء فرصة للكتل النيابية لإجراء المشاورات فيما بينها لتقدم اسم مرشحها لرئاسة الحكومة، خاصة أن لبنان في وضع استثنائي والهدف أن يصار إلى التكليف والتأليف بسرعة وبمسيرة متوازية لتفادي التأخير في تأليف الحكومة.
وأكدت المصادر أنه «لا وجود للتمييع مع الإشارة إلى أنه لم تمر 48 ساعة على استقالة الحريري، ونحن لسنا في ظرف عادي، فالطرقات كانت لا تزال مقفلة، من هنا يمكن القول إن توقيت الاستشارات مرتبط بالظرف الأمني». والكتل لم تجتمع بعد أو تعلن موقفها، فربما هذا التأخير في تحديد موعد انطلاق الاستشارات يقع في خانة إفساح المجال للكتل النيابية للتشاور فيما بينها لتسمية رئيس الحكومة.
وكشفت المصادر أن الاتصالات تنطلق من عدم رغبة الرئيس عون بالبقاء طويلا في تصريف الأعمال باعتباره نوعاً من أنواع الفراغ، وهو لن يبادر إلى مشاورات نيابية إذا لم يكن متأكداً من أن ما سينجم عنها هو تسمية شخصية تنال الأكثرية في مجلس النواب.
ولفتت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اجتماعات تعقد بين «حركة أمل» و«حزب الله» لتقييم الوضع وتبادل الآراء لاتخاذ قرار موحد. وأعلن أمس عن لقاء بين الحريري ووزير المالية علي حسن خليل.
وقالت كتلة «حزب الله» بعد اجتماعها الدوري أمس: «مهما قيل عن الاعتبارات التي استند إليها رئيس الحكومة لتبرير استقالته، فإن هذه الاستقالة سوف تسهم في هدر الوقت المتاح لتنفيذ الإصلاحات، ولإقرار الموازنة العامة لعام 2020، وستزيد من فرص التعقيدات للدخول على خط الأزمة».