لبنان قرر ترحيل نفاياته إلى الخارج.. وأزماته المتراكمة إلى العام المقبل
استبعاد تفعيل عمل الحكومة بعد إجازة الأعياد نظًرا لإدراجه ضمن سلة الحلول المتكاملة
تزامن اتخاذ الحكومة اللبنانية بعد أزمة دامت خمسة أشهر٬ قراًرا بترحيل النفايات إلى خارج البلاد مع رضوخ القوى المحلية لواقع ترحيل كل الملفات السياسية إلى عام 2016 المقبل نتيجة تعذر إحداث أي خرقُيذكر في جدار الأزمات المتراكمة وعلى رأسها أزمة رئاسة الجمهورية.
وإذ لم تنجح المساعي الحثيثة التيُبذلت في الأسابيع القليلة الماضية بعيد طرح رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري تسوية تقضي بانتخاب سليمان فرنجية٬ رئيس
تيار «المردة» المقرب من حزب الله والرئيس السوري بشار الأسد٬ رئيسا للبلاد٬ وذلك نتيجة العراقيل الداخلية التي أّدت إلى ترنح هذه التسوية وتجميدها بانتظار دخول معطيات جديدة على الخط تعيد إحياءها أو تبدلها بأخرى.
ولا يؤشر نجاح الحكومة مطلع الأسبوع بعقد جلسة لبت أزمة النفايات بعد أكثر من ثلاثة أشهر من تعطيل عمل مجلس الوزراء٬ واتخاذها قرارا بترحيل النفايات بعيد تعذر تحقيق تفاهم داخلي على إقامة مطامر صحية٬ بعودة دوران العجلة الحكومية بشكل طبيعي بعد الأعياد٬ في ظل استمرار الخلاف حول آلية العمل وارتباط كل الملفات السياسية الواحد بالآخر٬ ما يجعل من الصعب حل الأزمات بـ«المفرق» ويستدعي حلا على شكل «سلة متكاملة». وهذا ما أشارت إليه مصادر معنية بالحراك السياسي الحاصل٬ مستبعدة كليا عودة الحكومة إلى العمل بمعزل عن حل أزمة قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» موضحة: «الباب الرئاسي انفتح وهو لنُيقفل مجددا٬ حتى ولو لم تجر الأمور بالسرعة المطلوبة واستمر المخاض شهرين إضافيين أو ثلاثة»٬ لافتة إلى أن «جهودا كبيرة تبذلها الأطراف المسيحية لتشمل سلة الحل إدخال تعديلات إلى صلاحيات رئيس الجمهورية ما قد يستدعي إعادة نظر ببعض بنود اتفاق الطائف».
إلى ذلك٬ يسود نوع من التخبط في مواقف الفرقاء من مسألة ترشيح فرنجية٬ نظرا لانقسام معظم الأحزاب اللبنانية إلى جناحين: جناح يؤيد هذا الترشيح أو يعتبر أّنه سيفرض على اللبنانيين بإطار تسوية يتم إعدادها خارجيا٬ وجناح آخر يرفضها ويعتبر أّنها سقطت ولاُيمكن إعادة إحيائها.
ومن المنتظر أنُتشكل اتصالات وزيارات المعايدة بين المسؤولين اللبنانيين فرصة لإعادة النظر بالتسوية أو طرح بدائل عنها٬ وقد بدأت هذه الحركة بالأمس من خلال جولة قام بها رئيس الحكومة تمام سلام لتهنئة رؤساء الطوائف الإسلامية بذكرى المولد النبوي٬ معربا عن أمله في أن «تحل الأعياد العام المقبل ويكون لبنان قد تخطى أزمة الشغور الرئاسي التي عطلت مؤسساتنا وأنهكت اقتصادنا٬ لنمضي جميعا في مسار سياسي سليم نعيد فيه الاعتبار لنظامنا الديمقراطي وآلياته٬ ونلتفت إلى احتياجاتنا الملحة٬ ونحصن بلدنا إزاء تداعيات الأحداث المؤلمة الحالية في منطقتنا».
من جهته٬ سأل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان: «متى يجتمع مجلس نوابنا لانتخاب رئيس يكاد يمضي عامان على خلو المنصب منه فقط؟»٬ وتابع: «لا يزال لدينا أمل٬ بأن الفرج آت٬ مهما اشتدت الصعاب ووضعت العراقيل في طريق انتخاب رئيس للبنان»٬ مشددا على أن «المبادرات الوطنية للحث على الانتخاب هي نيات صادقة٬ ويعول عليها».
أما البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فشدد على أن «العيد الذي ننتظره في لبنان هو انتخاب رئيس للجمهورية»٬ مشيرا إلى أنه «ما دام لا رئيس فلا معنى للعيد عندنا». وقال: «بوجود الرئيس٬ المجلس النيابي يشرع والحكومة تعمل والمؤسسات تستعيد دورها وتعود الحياة إلى المجتمع٬ فعبثا يقنعنا أحد أو نقنع أنفسنا بأن لبنان يسير من دون رئيس للجمهورية». وأضاف الراعي: «هذا هو العيد الحقيقي الذي نتمناه٬ ونحن خاطبنا أكثر من مرة الكتل السياسية والنيابية لانتخاب رئيس٬ وحتى الآن رفضوا ذلك٬ وأنا أسألهم هل تعيشون في حالة عيد؟ أنا لا أعتقد ذلك٬ لأن من يعيش العيد هو الذي يصنعه».
بدوره٬ قال سفير السعودية لدى لبنان علي عواض عسيري بعد زيارته الراعي مهنًئا بالأعياد٬ إن «الوحدة الوطنية هي القاعدة الذهبية لديمومة لبنان وتحصين سيادته واستقلاله»٬ وأضاف: «أشد على يد كل المسؤولين بألا يوفروا أي جهد لإيجاد الحلول للأزمات القائمة كافة وأن يحققوا للمواطن اللبناني ما يستحقه من عيش رغيد وأمن واطمئنان». وأعرب عسيري عن أمل السعودية بأن يعبر لبنان إلى «وضع أفضل على كل المستويات من خلال التمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية واستتباعها بالاستحقاقات الدستورية واستعادة حيوية المؤسسات وإنهاض الاقتصاد وتنشيط قطاع الاستثمار والسياحة عبر تعزيز الخطط الأمنية وتحصين الساحة الداخلية ليجتذب لبنان من جديد السّياح العرب والأجانب ويعود إلى سابق عهده المتألق».