تجدد الاحتجاجات في الشارع… وشكوك حول تسويق الحكومة في الخارج
حوصر الاتفاق على ترشيح المهندس سمير الخطيب لرئاسة الحكومة بتعقيدات إضافية، تمثلت في سجال اندلع بين رؤساء الحكومات السابقين ورئيس الجمهورية حول صلاحيات دستورية، وتجدد الاحتجاجات في الشارع. وعلى الرغم من أن القصر الجمهوري أعلن عن موعد للاستشارات النيابية الملزمة يوم الاثنين المقبل، فإن مصادر سياسية ترى أن الأمور ناضجة على الورق وليست ناضجة بالسياسة، لافتة إلى أن ترحيل الاستشارات لأربعة أيام إضافية هو مؤشر على تعقيدات إضافية.
وقالت مصادر سياسية إن التوافق المبدئي على الخطيب لا يزال مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومن غير المعروف إذا كانت الأجواء الإيجابية ستتبدد بفعل عاملين: أولهما تجدد الاحتجاجات في الشوارع، وثانيهما الشكوك التي تحيط بفرضية أن يتم تسويق حكومة تكنو – سياسية مشابهة في الخارج، بالنظر إلى أن الصورة الأولية للحكومة «تشبه السابقة مع إضافة بعض الرتوش». وأشارت إلى أن إرجاء الاستشارات لأربعة أيام إضافية يعني «أن هناك حاجة لتذليل عقبات كثيرة تتجاوز موقف رؤساء الحكومات».
وتبلور الاتفاق السياسي على ترشيح الخطيب لترؤس الحكومة المقبلة، بعد إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري موقفه الداعم، وإعلان «الثنائي الشيعي» أن هناك إيجابية تحيط بالمشاورات.
وأكد مصدر وزاري لبناني لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري لا يزال داعماً لترشيح الخطيب لتولي رئاسة الحكومة العتيدة، وتعهد بتسميته في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجب أن يدعو لها رئيس الجمهورية، كما يتعهد بمنح حكومته الثقة، مشيراً إلى أن الحريري سيسمي اختصاصيين لتولي مواقع في حكومة الخطيب، انسجاماً مع قناعاته بأن المرحلة الحالية تتطلب حكومة اختصاصيين تحدث صدمة إيجابية، وتحاكي مطالب الشارع، وتعمل على إنقاذ الوضع الاقتصادي.
وذكَّر المصدر بأن الحريري من اللحظة الأولى أصر على تشكيل حكومة إنقاذ من الاختصاصيين، ووجد أن لا بد من حدوث خرق في مشهد التأزم الاجتماعي والاقتصادي، مراهناً على أن حكومة اختصاصيين تحاكي الشارع كما تحاكي المجتمع الدولي، الذي سيساعد البلاد عبر ضخ سيولة منعاً للانهيار، مشيراً إلى أن الحريري كان يطالب بحكومة كاملة الأوصاف من الاختصاصيين؛ لكن عندما لاقى معارضة من الأطراف السياسية الأخرى، قرر عدم المشاركة؛ لكنه تعهد بدعم الحكومة التكنو – سياسية التي يتم الحديث عنها برئاسة الخطيب «كي لا يُقال إنه يقف حجر عثرة في وجه أي حل».
وقال المصدر إن اجتماع الحريري مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل «كان إيجابياً»، رافضاً كل ما يُحكى عن أن أي شخص طلب من الحريري أي بيان يتضمن موقفه لجهة دعم الخطيب أو منحه الثقة، مشدداً على أن أي طلب مشابه هو «مرفوض ويمنع البحث فيه»، ذلك أن الحريري «قال كلمته، وهي أقوى من أي بيان».
وأكد الوزير علي حسن خليل في دردشة مع الإعلاميين، على هامش لقاء الأربعاء النيابي، أن الاجتماع مع الحريري «دام عشر دقائق، وسمعنا فيه من الحريري أنه يتبنى ويشارك في حكومة سمير الخطيب». وقال خليل: «أغلب الظن أنها ستكون من 24 وزيراً، ويعود لكل طرف أن يسمي ممثلاً سياسياً أم لا، والأمور ليست جامدة». ورأى أن بيان رؤساء الحكومات السابقين ليس بالسوء الذي كان عليه بيانهم السابق، فهو لم يشر كما المرة السابقة إلى التمسك بترشيح الحريري».
وإثر تحركات في الشارع اندلعت ليل الثلاثاء – الأربعاء، نفت مصادر قريبة من الحريري أي دور له في تحريك الشارع، مؤكدة أن «هذه الاتهامات باطلة». وشددت على أن الرئيس الحريري يضغط على الجيش والقوى الأمنية لفتح الطرقات؛ خصوصاً في مناطق المدينة الرياضية وقصقص وكورنيش المزرعة وغيرها، ويتدخل شخصياً باتصالات مفتوحة مع القادة الأمنيين لمنع قطع الطرقات.
وتحدثت مصادر مطلعة بأن الحكومة ستكون من 24 وزيراً، ينقسمون إلى 5 سُنة و5 شيعة، ووزيرين درزيين، و5 موارنة، و4 أرثوذكس، و2 كاثوليك، وأرمني. وقالت إن «الحزب التقدمي الاشتراكي» لن يشارك في الحكومة بشخصية حزبية؛ لكنه سيسمي شخصية درزية لتولي حقيبة وازنة في الحكومة، بينما يذهب الدرزي الآخر للحراك المدني. أما المقاعد الشيعية فتتقاسمها «حركة أمل» و«حزب الله»، بينما سيسمي الرئيس الحريري شخصية سنية من الاختصاصيين لتولي حقيبة، ويذهب مقعدان سنيان إلى الحراك المدني، إضافة إلى رئيس الحكومة، وشخصية سنية خامسة لم يُحسم بعد من سيسميها.
في المقاعد المسيحية، ستذهب حصة «القوات» (3 وزراء) إلى الحراك المدني الذي سيسمي شخصياتها.
وتوقفت المصادر المواكبة عند صدى الحكومة المزمع تأليفها لدى المجتمع الدولي، ودعت للانتظار للاطلاع على أصدائها، وما إذا كانت الدول الصديقة للبنان ستعتبرها حكومة كاملة الأوصاف، وكيف ستتعامل معها، علماً بأن اجتماع باريس لتفعيل مقررات مؤتمر «سيدر» ينتظر تشكيل الحكومة، في وقت يحتاج لبنان إلى مبالغ تتراوح بين 5 و10 مليارات دولار، سيولة بالدولار، من الآن وحتى شهر فبراير (شباط) المقبل لمنع الانهيار.
ورأى نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، أن «المؤشرات واضحة، وتدل على وقائع إيجابية جداً في اتجاه تأليف حكومة»، بينما لا يلقى الاتفاق الحكومي قبولاً كاملاً من الشارع ولا من القوى السياسية.