IMLebanon

الشرق الأوسط: مشاورات الحكومة اللبنانية تركز على شروط الحريري

 

 

«حزب الله» يحذّر المراهنين على عزله… وتعويل على دور له بين «المستقبل» و«الوطني الحر»

 

شرعت القوى السياسية اللبنانية بجولة جديدة من المشاورات لتذليل عقبات تحُول دون الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، بعد تطورات أقصت منافسي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، من سباق رئاسة الحكومة، وثبتته مرشحاً شبه وحيد، وهو ما يعطيه دفعاً جديداً للتفاهم بشروطه للعودة إلى المنصب.

وقالت مصادر سياسية مواكبة للتطورات الأخيرة إن جولة المشاورات الجديدة ستكون حاسمة هذه المرة، وهو ما دفع رئاسة الجمهورية لمنحها وقتاً حتى الاثنين المقبل، وهو موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس جديد للحكومة.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الحريري «منفتح على التشاور»، مشددة على أن «موقفه معروف، وهو لا يزال مصراً على تشكيل حكومة إنقاذية من الاختصاصيين في حال جرت تسميته لرئاسة الحكومة». ولفتت إلى أنه سيتواصل خلال هذا الأسبوع مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الذي لم يلتقه منذ الأسبوع الماضي.

وأشارت إلى أن «الحريري هو الأوفر حظاً لترؤس الحكومة بعد التطورات الأخيرة، ومن ضمنها انسحاب مرشحين اثنين، واحتراق أسماء أخرى قبل تبني ترشيحها فعلياً». وترتفع تلك الحظوظ بفعل عوامل عدة، بينها بيان المهندس سمير الخطيب من «دار الفتوى» الذي أشار إلى إجماع سُنّي على الحريري، فضلاً عن اجتماع باريس المزمع عقده الخميس المقبل، «مع أن الاجتماع تنسيقي، ولا نتائج فورية له لحل الأزمة الاقتصادية، لكنه يعطيه دفعاً قوياً في مؤشر على الثقة الدولية بالحريري وبعلاقاته التي يمكن استثمارها لإنقاذ الوضع الاقتصادي من التأزم».

وتُضاف تلك العوامل، حسب المصادر، إلى عامل آخر يتمثل بتقلص حظوظ تأليف حكومة مواجهة من لون واحد، على الأقل بالمدى المنظور، وهي حكومة لا يرغب فيها «الثنائي الشيعي»، حركة «أمل» و«حزب الله». وتوقفت المصادر عند تجربة «المساكنة السياسية» بين الحريري و«الثنائي الشيعي» في الحكومتين الأخيرتين اللتين ترأسهما، إذ لم تكن لمشاركة «حزب الله» في الحكومة تبعات على فعالية الحكومة وإنتاجيتها، ولم تشهد اشتباكات في مجلس الوزراء ولا سجالات مع الحريري، بل جرى القفز فوق القضايا الخلافية منعاً لتفجر الحكومة.

وإذ دعت المصادر إلى الانتظار لمعرفة كيفية تعاطي «التيار الوطني الحر» مع المعطيات الجديدة، كشفت عن رهان على دور لـ«حزب الله» في تذليل العُقد بين الحريري و«التيار الوطني الحر» بهدف التوصل إلى تفاهم ينتج عنه تشكيل للحكومة العتيدة، لافتة إلى أن كل الأطراف «شغلت محركاتها للتواصل والتشاور».

ولم تظهر ملامح شكل الحكومة بعد، رغم أن المعلومات الأولى تفيد بأنه «ليس من المطروح أن تتشكل حكومة تكنوسياسية» حتى هذه المرحلة على الأقل، رغم أن «حزب الله» يصر على تشكيل حكومة مطعمة بوجود سياسي. وتشير تقديرات أخرى إلى أن الحكومة لن تكون فضفاضة، بل ستكون حكومة متوسطة تتراوح بين 20 و24 وزيراً. وتحدثت معلومات لـ«الشرق الأوسط» عن أن هناك مقترحاً بأن تضم أربعة وزراء دولة يمثلون القوى الرئيسية في البلاد، في حال كانت تتألف من عشرين وزيراً، فيما يكون الوزراء الآخرون بأكملهم من التكنوقراط، من غير الولوج بعد بالحصص والحقائب والجهات التي تسميها.

وأكد «حزب الله» على لسان رئيس كتلته النيابية النائب محمد رعد، أمس، «أننا الآن أمام معطيات جديدة». وقال: «بتقديري، في النهاية سنجد حلاً لموضوع الحكومة. ممكن أن تطول شهراً أو شهرين لكننا سنجد لها حلاً. ليست المشكلة في تشكيل الحكومة وعدم تشكيل الحكومة بل الوضع الاقتصادي مع الناس. ما العمل به؟ سعر صرف الدولار الذي اختلف ما العمل به؟». وأضاف: «لن نناقش شروطاً تمس بسيادة البلد، وشروطاً تجعل لبنان تابعاً لدولة خارجية بسياستها، لا نستطيع أن نتجاوب معها. ونحن مستعدون لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية أبداً».

واعتبر عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق في لقاء سياسي أن «الخطوة الأولى اللازمة لإنقاذ البلد تكمن في تشكيل حكومة موثوقة قادرة على إنقاذ البلد من الأزمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وتنال ثقة الناس قبل ثقة المجلس النيابي، ولا تستجيب لإملاءات ديفيد شينكر ولا (دونالد) ترمب، لأن إملاءات أميركا هي وصفة للفتنة».

وحذر «الذين يراهنون على عزل (حزب الله) داخلياً»، مشيراً إلى أنهم «يجب أن يعلموا أن (حزب الله) أكبر من أن يُعزل، وهو أقوى من أن يحاصَر، وما زلنا في موقع القوة والاقتدار أمام العدو الخارجي، وفي موقع متقدم في حماية الوطن من مشاريع الفتنة».

وقال إن «البلد لا يحتمل إلغاء ولا كسر أحد، وإنما يحتمل الذهاب إلى تكليف رئيس حكومة يحظى بموافقة الكتل النيابية الأساسية، لأنه لا يمكن الذهاب برئيس ترفضه أكبر كتلة سنية أو مسيحية، وهذا غير واقعي، وهو وصفة تؤدي إلى وقوع المشكلات». واعتبر أن «إطالة أمد الأزمة ليس لصالح الوطن أو لأي أحد في لبنان، ونحن حريصون جداً على تسريع تشكيل حكومة تنقذ الوطن، ولكن لا نريد أن نحل مشكلة ونوجد مشكلة أكبر، لأن الخلافات والانقسامات السياسية عميقة جداً جداً، ومعوقات تشكيل الحكومة بأسباب داخلية ليست أقل أهمية من أي سبب خارجي».

واعتبر عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، أن «الأزمة عادت إلى المربع الأول». وقال: «لأنهم يكابرون ويرفضون التنازل لشعبهم، لأنهم ضربوا عرض الحائط بالدستور، لأنهم حاولوا تأليف الحكومة قبل التكليف، لأنهم غلّبوا المصالح الفئوية على الوطنية، لأنهم ما زالوا يتقاسمون الحصص والمراكز، لأنهم يمارسون الترف السياسي من دون حق، شكراً لجهودكم. البلد ينهار. عدنا للمربع الأول».