مخاوف من تغيب نواب مؤيدين وقوى «14 آذار» تؤكد معارضتها
بات شبه مؤكد أن حكومة الرئيس حسان دياب ستضمن الحصول على ثقة الأكثرية النيابية، وذلك بتصويت ما لا يقل عن 69 نائباً هم الذين سموا رئيسها في الاستشارات الملزمة، رغم أن ذلك لا يلغي المخاوف من تغيّب عدد من نواب الأحزاب المنضوية فيها، كما حصل في جلسة إقرار الموازنة يوم الاثنين الماضي، ما يضعها أمام خطر فقدان الثقة وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال.
لكن الجلسة المرجح عقدها الأسبوع المقبل، إذا انتهت اللجنة الوزارية من إعداد البيان الوزاري في غضون يومين، ستعيد رسم الاصطفاف السياسي بين فريقي 8 و14 آذار، وإن تخلى كل منهما عن شعاراته السابقة، ولجأ كل حزب أو تيار سياسي إلى تموضع جديد، يضمن بقاءه في الخريطة السياسية التي انقلبت أولوياتها بعد التسوية الرئاسية، وتبدلت معطياتها بعد الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتتجه أغلب أحزاب 14 آذار إن لم تكن جميعها، إلى حجب الثقة، حتى أن كتلاً لم تحسم أمر المشاركة في الجلسة، ومنها كتلة «اللقاء الديمقراطي» التي يرأسها النائب تيمور وليد جنبلاط، فقد أعلن النائب هادي أبو الحسن، أن الكتلة «ستجتمع الأسبوع المقبل وتناقش جدوى مشاركتها في الجلسة انطلاقا من البيان الوزاري». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «اتخذنا قرارنا بالتموضع في صفوف المعارضة البناءة، لكن مسألة منح الثقة تبقى رهن ما نلمسه من آلية عمل الحكومة والبرنامج الذي ستنفذه». واعترف أبو الحسن أن الحكومة «تشكلت في مطبخ الفريق الواحد، ونحن لم نكن معنيين بتسمية رئيسها ولا باختيار وزرائها، لكن جلّ ما يهمنا في هذه المرحلة إنقاذ البلد من الانهيار».
أما حزب «القوات اللبنانية» فبدا أكثر وضوحا، إذ أكد عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشا، «أنه لا ثقة لهذه الحكومة، لأن مواصفات الحكومة الإنقاذية تختلف كليا عن هذه الحكومة المؤلفة من وزراء حزبيين». وأوضح قاطيشا لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي حكومة إنقاذية يجب أن تحظى برضا الشارع اللبناني أولاً، والأسرة العربية والمجتمع الدولي ثانياً، وبالتالي كيف نمنح الثقة لحكومة لا يملك وزراؤها قرارهم، ولن يجرؤوا على اتخاذ أي قرار قبل موافقة قياداتهم الحزبية»، مستبعداً أن تنجح هذه الحكومة بـ«تحقيق أي شيء طالما أن الدول العربية والغربية لن تقدم لها الدعم المطلوب». ولفت قاطيشا إلى أن «حضور كتلة نواب القوات جلسة الثقة غير محسوم حتى الآن».
وتتجه كتلة «المستقبل» إلى حضور الجلسة النيابية مع استبعاد منح الحكومة الثقة، وفق تعبير النائب هادي حبيش الذي عزا حجب الثقة، إلى «الاعتبارات التي أدت إلى تشكيل الحكومة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «على الأرجح أن الكتلة لن تمنحها الثقة لأننا لسنا جزءاً منها، ولأنها حكومة اللون الواحد مع احترامنا لوزرائها، وعلى كلّ حال ستحدد الكتلة موقفها بناء على ما يتضمنه البيان الوزاري».
ورغم الأجواء التي توحي بأن الأكثرية مؤمنة للثقة وإن كانت غير مريحة، فإن الأحزاب التي تتشكل منها الحكومة لا تبدو مطمئنة، استنادا إلى المقاطعة التي حصلت في جلسة الموازنة، حتى من النواب المنضوية كتلهم فيها. واعتبر عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثقة مؤمنة افتراضيا بالنواب الـ69. الذين سموا حسان دياب رئيسا للحكومة، وبات لهم ممثلون فيها». وقال «ما حصل في جلسة الموازنة يحمل على القلق لأن بعض المشاركين في الحكومة قاطعوا الجلسة».
ووفق الإحصاءات فإن الأكثرية المؤلفة من نواب حركة «أمل»، «حزب الله»، التيار الوطني الحر، تيار «المردة» الحزب السوري القومي الاجتماعي وبعض المستقلين المحسوبين على «8 آذار»، سيمنحون الحكومة الثقة، ويبلغ عددهم 69 نائباً، مقابل أن تتجه أكثرية النواب الباقين (59 نائباً) إلى حجب الثقة عن الحكومة، وهم من «المستقبل» و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب «الكتائب اللبنانية».
وأمام هذا الفرز الواضح بين المعسكرين، دعا النائب ياسين جابر إلى «الأخذ بعين الاعتبار أن عدم نيل الحكومة الثقة يوجه ضربة للبلد، لأن دستور الطائف وضع كل القرارات بيد الحكومة، سيما وأننا نعاني من أزمات مصرفية ومالية ونقدية واقتصادية، كلّها تحتاج إلى علاج سريع ولا يمكن للعلاج أن يبدأ إلا مع حكومة تنال ثقة البرلمان». ورأى أنه «إذا طارت هذه الحكومة يدخل البلد في نفق مظلم». وقال «كل السفراء الذين يلتقون رئيس الحكومة، يبدون استعداد بلادهم لمساعدة لبنان شرط البدء بعملية إصلاح شاملة».