منح البرلمان اللبناني أمس ثقته لحكومة الرئيس حسان دياب بأصوات 63 نائباً من أصل 84 حضروا جلسة المناقشة التي انتهت في يوم واحد. ورفض 20 نائباً منحها الثقة، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت وغاب بقية النواب الـ128 عن الجلسة بداعي المقاطعة أو الظروف الخاصة.
وقال دياب في ختام مناقشات البيان الوزاري إن هذه الحكومة «هي السلطة التنفيذية لكنها غير مسيسة، وإن كان لبعض وزرائها أهواء سياسية إلا أنهم ينسجمون مع الإطار الذي وضعته»، مؤكداً أن «حكومتي هي حكومة أخصائيين مستقلين، وللنواب شرعيتهم التمثيلية، ومكانتهم ودورهم، وحصلوا على ثقة الناخبين».
وأكد دياب أن «الحكومة تحاول وضع عوائق أمام كرة النار المتدحرجة». وقال: «خطر السقوط ليس وهما ونحن نريد انتشال البلد، ولا نستطيع القيام إذا كان الواقفون خلفنا يتهيبون الفرصة لدفعنا إلى الهاوية»، لافتاً إلى أنه «إذا أفلتت كرة النار من يدي الحكومة فإن ألسنة النار ستطال الكل، ولن يكون أحد بمنأى عنها ولن ينفع بعدها الحديث عن كهرباء وإصلاح».
وأضاف دياب أن «لا أحد من الوزراء يريد منافسة أي نائب أو زعيم، بل نريد الإنقاذ وخدمة الناس وسنعمل لكل اللبنانيين وهمّنا الآن كيف نحمي أموال الناس في المصارف، ونحافظ على الاستقرار النقدي».
وكان البرلمان اللبناني ناقش أمس البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب، وتركزت المداخلات على الأزمات الاقتصادية والمعيشية وضرورة تنفيذ خطة الكهرباء والإصلاح البنيوي في مسارب الهدر في مالية الدولة، وهي تحديات تواجه الحكومة التي تتصدر أولوياتها الآن، اتخاذ قرار حول دفع مستحقات لبنان من الديون بالعملة الأجنبية (سندات اليوروبوند) في شهر مارس (آذار) المقبل.
في مستهل الجلسة أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري «أن هذا المجلس سيبقى للجمع وليس للفتنة، ولن ننجر إلى الفتنة على الإطلاق»، مشيراً إلى أنه «مطلوب من هذا الحراك اليوم أن يبرر لنا وللقضاء هل يرضى الاعتداءات التي حصلت على قوى الجيش وقوى الأمن، والاعتداء الذي طال النائب سليم سعادة وسيارات النواب والوزراء؟» ولفت بري إلى تحطيم أكثر من خمس سيارات تابعة للنواب، عدا عن سيارات عدد من الوزراء.
وافتتحت الجلسة بحضور 67 نائباً، جلهم من كتل «لبنان القوي» و«التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» و«التكتل الوطني» و«اللقاء التشاوري»، قبل أن ينضم نواب «اللقاء الديمقراطي» وتكتل «الجمهورية القوية» و«المستقبل» حيث رفضوا في البداية الدخول إلى قاعة المجلس قبل تأمين النصاب. ولم تحضر كتلة «المستقبل» بشكل جماعي إلى المجلس. وبلغ عدد طالبي الكلام من النوّاب 43.
وبعد تلاوة رئيس مجلس الوزراء حسان دياب البيان الوزاري، استهلت المناقشات بمداخلة النائب محمد رعد، رئيس كتلة «حزب الله» النيابية الذي قال: «هذه الحكومة لا تشبه فريقنا السياسي، إلا أنه لتسهيل مهمة التأليف ارتضينا بها، ونحن واثقون أن هناك مساحة من الرؤى القابلة للتفاهم، بين مكوناتها، يمكن أن تتوسع لاحقا، وفقا لجهودنا وتعاوننا جميعا».
وأكد رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل أنه «إذا أرادت الحكومة الخروج من الأزمة (لأن الأمر لا يزال ممكنا) فعليها أن ترفع الصوت، ولا تخضع لابتزاز السياسيين وابتزاز الشارع». وشدد على أن على الحكومة أن تقوم بالأولوية في السياسة المالية والنقدية والاقتصادية. وقال: «سنعطي الفرصة، وإن لم تتصرف الحكومة بسرعة وبشكل مغاير غير متأثرة بالابتزاز، فنحن من سنسقطها ولن ننتظر أحدا، بل سننزل ضدها في البرلمان وفي الشارع».
واعتبرت النائبة ستريدا جعجع «أننا أمام حكومة جديدة يفترض أن تقوم بعملية إنقاذ سريعة وسريعة جدا. لم يعد لدينا ترف إضاعة الوقت ولو للحظة». وقالت إن البيان الوزاري «لم يأتِ على قدر التطلعات والآمال مما هو مطلوب من حكومة إنقاذ. لذلك لن نعطي الثقة لهذه الحكومة، ولكن مع انتظار دائم لما ستكون عليه قراراتها».
وأعلن النائب جميل السيد أن الكلمة الوحيدة الملائمة للوزراء الجدد «الله يعينكم»، وقال: «هذه الحكومة تختلف عن سابقتها من خلال ولادتها بظروف استثنائية، وبالتالي هذه الحكومة هي نتيجة وليست خياراً».
ولفت عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار إلى «أن مشكلتنا مع هذه الحكومة أنها حكومة بالوكالة وليست حكومة بالأصالة عن نفسها وعن بيانها الوزاري». وأكد أن «هذا البيان الوزاري لحكومة مواجهة التحديات لا يتناول حلولا للمشاكل الكبيرة التي نحن فيها».