توجه لتفعيل العمل الحكومي في لبنان بعد انسداد أفق الانتخاب الرئاسي
عون ممتعض من مواقف الراعي الأخيرة وتوسطه لدى حزب الله لإقناعه بالتنحي
يتجه لبنان إلى تفعيل عمل حكومة الرئيس تمام سلام بعد أكثر من 3 أشهر على توقف اجتماعاتها نتيجة الخلاف على آلية عملها. إلا أن فشل المبادرة الرئاسية التيُ طرحت أخيرا بتحقيق أي خرقُيذكر في جدار الأزمة٬ وتصاعد الخلافات الإقليمية التي أرخت بظلها على الساحة الداخلية اللبنانية٬ دفعت الفرقاء السياسيين لإعادة النظر بموضوع «إحياء» الحكومة لتستعيد دورها في إدارة الأزمة المستمرة منذ شغور سدة الرئاسة قبل أكثر من عام ونصف العام.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات بدأت فعليا في هذا الإطار على أن تنشط في الأيام القليلة المقبلة٬ لافتة إلى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري هو الذي يتولى الدفع في هذا الاتجاه٬ بعدما شّكل الموضوع الحكومي بندا رئيسيا على طاولة الحوار الوطني في الجلسة الأخيرة التي تم عقدها في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويترقب رئيس الحكومة تمام سلام أن تتبلور هذه المساعي بعد عطلة الأعياد٬ بحسب مصادر رئاسة الحكومة التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن سلام «لن يبادر إلى القيام بمساٍع في هذا الإطار باعتباره ينتظر ما ستنتج عنه حركة الرئيس بري التي يشجعها تماما». وأضافت: «نعتقد أّنه لم يعد هناك من مفر سوى تفعيل العمل الحكومي للالتفات لشؤون المواطنين٬ بعدما تبين أن انتخاب رئيس للبلاد لن يتم سريعا»٬ لافتة إلى أن رئيس الحكومة يدرس الدعوة لجلسة لمجلس الوزراء ُتعقد قريبا.
وكانت الحكومة الحالية تحولت إلى ما يشبه حكومة تصريف أعمال نتيجة الخلاف بين أعضائها على آلية عملها وتلويح رئيسها أكثر من مرة بورقة الاستقالة. فبعد أشهر من اتباع آلية التوافق لاتخاذ القرارات مراعاة للشغور الرئاسي المستمر منذ مايو (أيار) ٬2014 ارتفعت الأصوات الداعية للعودة إلى الالتزام بالآلية الدستورية بعد تراجع إنتاجية الحكومية نتيجة السماح لوزير من أصل 24 بتعطيل تمرير مرسوم ما. وتتمحور النقاشات حاليا حول إمكانية الاتفاق على آلية جديدة تقول بوجوب عدم تمرير أي مرسوم يحظى برفض مكونين أساسيين في مجلس الوزراء.
في هذا الوقت٬ استمر السجال حول الملف الرئاسي في ظل تمسك رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بترشيحه ورفضه السير بالمبادرة التي طرحها رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري قبل أكثر من شهر ودعا فيها لانتخاب رئيس تيار «المردة»٬ سليمان فرنجية٬ حليف عون وحزب الله والنظام السوري٬ رئيسا للبلاد.
ولم تنجح كل المساعي التي قام بها البطريرك الماروني بشارة الراعي في الأيام القليلة الماضية في إحداث أي خرقُيذكر على صعيد حلحلة الأزمة٬ بعد رفض حزب الله والسفير الإيراني في بيروت التجاوب مع مطالبه بالضغط على عون لسحب ترشيحه٬ وهو ما انعكس سلبا على علاقة الأخير بالراعي في الآونة الأخيرة.
واعتبر القيادي في «التيار الوطني الحر»٬ النائب السابق سليم عون٬ أن «في كلام البطريرك الراعي٬ الذي نحترم ولا نسعى لأي خلاف معه٬ الكثير من التناقض والمواقف غير المفهومة٬ وكأّنه يسعى لتوزيع الإرضاءات على الفرقاء. يريد أن يرضينا ويرضي سوانا في خطاب واحد»٬ مذكرا بأّنه «وقبل شغور سدة الرئاسة وعد البطريرك أّنه في حال تعذر انتخاب رئيس بأن يقوم باستفتاء شعبي لتكون الكلمة النهائية للشعب في الانتخابات الرئاسية٬ فأين أصبح هذا الوعد ولماذا لم يتحقق؟».
وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الفريق الوحيد الذي طرح طوال الأشهر الماضية اقتراحات للخروج من الأزمة إن كان عبر انتخابات نيابية تسبق تلك الرئاسية أو عبر انتخابات مباشرة من الشعب أو من خلال حصر المنافسة بين المرشحين الأقوى مسيحيا٬ إلا أن كل ما نطرحهُيقابل بالرفض المطلق».
أما رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل٬ فشدد بعد لقائه الراعي يوم أمس على وجوب أن ينتهي «الانقلاب الأبيض على البلد»٬ لافتا إلى أن «المطلوب من كل القيادات اللبنانية أن تستوعب خطورة المرحلة».