لبنان: مخاوف من اهتزازات أمنية وإجراءات لحماية السفارات
وزير الداخلية حذر من أن الغطاء الإقليمي الذي حمىالبلد بدأ بالتراجع
يترقب الفرقاء السياسيون في لبنان باهتمام التطورات الإقليمية التي بدأت تلفح أكثر من ملف داخلي وعلى رأسها الملف الرئاسي وموضوع الحوار المستمر بين حزب الله وتيار «المستقبل»٬ بينما برز يوم أمس تنبيه وزير الداخلية نهاد المشنوق من «تراجع الغطاء الإقليمي الذي حمى لبنان» وسط مخاوف من اهتزازات أمنية تعززها الإجراءات التي تتخذها أجهزة أمنية لبنانية لضمان أمن السفارات والمؤسسات التابعة لبلدان قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية بطهران.
وفي هذا الإطار٬ كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «جهاز أمن السفارات في لبنان المولج حماية السفارات والمؤسسات الدبلوماسية والمدنية العائدة لدول شقيقة وصديقة للبنان٬ أجرى أمس مسحا لجميع هذه المؤسسات وتأكد من أن إجراءات الحماية الأمنية المتخذة كافية لمنع أي اختراق أمني قد يؤدي إلى استهدافها٬ وهو طلب من المسؤولين فيها عدم التردد في إبلاغه بأي تحرك مشبوه لاتخاذ الاحتياطات اللازمة».
ونّبه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى أن «الوضع الإقليمي أسوأ بكثير مما أردنا ورغبنا»٬ لافتا إلى أن «الغطاء الإقليمي للبنان٬ الذي حماه حتى الآن أربع سنوات من كل الحرائق المحيطة به٬ بدأ بالتراجع».
ودعا المشنوق بعد زيارته رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر القوى السياسية إلى «القيام بواجباتها والالتفات إلى الداخل في ظل المصائب التي تتخبط بها المنطقة»٬ وقال: «مبادرة الرئيس سعد الحريري الرئاسية هدفها استقرار النظام وانتخاب رئيس الجمهورية٬ وحركة التواصل لن تتوقف».
ولم تنعكس التطورات الإقليمية الأخيرة سلبا فقط على الملف الرئاسي٬ بل طالت وبشكل خاص سياسة التهدئة التي طبعت في المرحلة الماضية علاقة تيار «المستقبل» بـ«حزب الله»٬ ما يهدد بترنح الحوار المستمر بينهما. وهو ما لّمح إليه المشنوق قائلا: «لا شك في أننا نعاني أزمة الآن٬ لا أعرف مدتها٬ ولا شك في أن تصريح النائب محمد رعد٬ أمس٬ لا يساعد ولا يسهل إتمام الحوار٬ وهذا مجال تشاور في كتلة المستقبل وقيادته مع الرئيس سعد الحريري٬ لأن الحوار في حاجة إلى قواعد لم تكن متوافرة أبدا في كلام رعد».
وكان رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد اعتمد لغة تصعيدية في آخر تصريح له٬ معتبرا أن «الذي يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن٬ لا يجب أن يجد مكاًنا له في لبنان من أجل نهب البلاد مّرة جديدة»٬ لافتا إلى أن «كل ما يجري من محاولات لإجراء صفقات وتسويات تحت عنوان إعادة الاستقرار لهذا البلد٬ إنما هدفه رسم مسار إخضاع هذا البلد لسياسات دول أخرى».
واستنكرت كتلة «المستقبل» النيابية كلام رعد٬ معتبرة أّنه «يذكر بعودة الحزب إلى لغة القمصان السود والسابع من أيار والعمل على ممارسة العزل على فئة كبيرة من اللبنانيين»٬ منبهة إلى «توجه مستجد للإطاحة بما تبقى من آمال اللبنانيين بالاستقرار».
وأكدت الكتلة أنها «ستظل متمسكة بالتوافق الداخلي ما يعزز استقلال لبنان وستقف بالمرصاد لكل محاولة إلحاق لبنان بالسياسات الإقليمية التي تسعى للهيمنة وتستمر في دعوة حزب الله للعودة إلى لبنانيته».
واستدعى التصعيد بين طرفي حزب الله و«المستقبل» تحركا سريعا من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري لاستدراك الوضع وضمان استمرار جلسات الحوار الثنائي. وقالت مصادر معنية بالموضوع لـ«الشرق الأوسط» إن «حزب الله متمسك بهذا الحوار شكليا باعتباره من المستلزمات الضرورية للحفاظ على مسار التهدئة المتبع»٬ مرجحة انعقاد جلسة الحوار المرتقبة بين الحزب والمستقبل يوم الاثنين المقبل٬ لأنه لا بديل عنها حاليا٬ خصوصا أن الوضع في لبنان وبالمختصر بعنوان «لا حل ولا انفجار». وأضافت المصادر: «التوجه هو لتفعيل عمل الحكومة ولكن بشكل محدود من خلال الانتقال من صفر إنتاج إلى 10 في المائة إنتاج وفق الآلية القائلة بعدم تمرير أي قرار لا يوافق عليه مكونان من هذه الحكومة».
وبينما أعرب رئيس مجلس الوزراء تمام سلام عن أمله في «تفعيل العمل الحكومي في المرحلة المقبلة»٬ قائلا إن «السلطة الإجرائية بطبيعتها لا يمكن أن تكون مشلولة٬ وإذا شلت تتوقف وينتفي مبرر وجودها»٬ نقل رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن عن بري تأكيده أن «التطورات الأخيرة لن تعرقل لقاءات حزب الله وتيار المستقبل لأنه ليس مستعدا للتخلي عن الحوار الثنائي والوطني وترك الساحة عرضة للتوترات». وقال الخازن إن بريُمصّر على «إبقاء الاتصالات لتفعيل عمل الحكومة لئلا يعمم الفراغ٬ إلا أن ذلك لا يعني إهمال الاستحقاق الرئاسي باعتباره مفصليا في ظل المستجدات السلبية على الساحة الإقليمية».