Site icon IMLebanon

لبنان: أزمة النفايات تتفاقم.. والقوى الأمنية تفتح طرقات أقفلها مواطنون بالقوة

لبنان: أزمة النفايات تتفاقم.. والقوى الأمنية تفتح طرقات أقفلها مواطنون بالقوة

اجتماعات مفتوحة في السراي الحكومي لمواكبة التطورات

لم تُجدِ الحلول التي اقترحتها وزارة البيئة اللبنانية بوضع حد لأزمة النفايات المتفاقمة منذ أيام بسبب إغلاق مطمر الناعمة الواقع جنوبي بيروت الذي كان يستوعب نفايات العاصمة وضواحيها. إذ إنه وبعد تطبيق جزئي للمرحلة الأولى من الاقتراح الذي يقضي بجمع النفايات من بيروت الإدارية، تعثرت المرحلة الثانية بسبب رفض أهالي معظم المناطق اللبنانية استقبال هذه النفايات لطمرها في أراضيهم.

وأقدم أهالي منطقة الجية (جنوب بيروت) يوم الأحد على قطع الأوتوستراد الدولي الذي يصل بيروت بالجنوب اللبناني بعد ورود معلومات عن توجه لنقل نفايات بيروت إلى مطمر في إقليم الخروب، ولم يفتحوا الطريق إلا بالقوة يوم أمس الاثنين بعدما حوصر عدد كبير من أهالي الجنوب في بلداتهم بسبب الازدحام غير المسبوق التي شهدتها الطريق الفرعية. ولا تزال الشاحنات المحملة بنفايات بيروت لا تجد ممرا لها إلى أي من المناطق نظرا لإصرار أهالي الشمال والجنوب على حد سواء على رفضهم تحول أراضيهم إلى مطامر لنفايات العاصمة.

وعقد رئيس الحكومة تمام سلام والوزراء المعنيون بالأزمة اجتماعات مفتوحة في السراي الحكومي في بيروت صباح الاثنين بمسعى لاجتراح حلول سريعة، خاصة أن النفايات تهدد حاليا بقطع شوارع أساسية متاخمة لمنطقة بيروت الإدارية باعتبار أنه لم يتم جمعها منذ أكثر من 5 أيام.

وقالت مصادر رئاسة الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إنّه «حتى الساعة لم يتم التوصل إلى حل للأزمة، ونحن لا نزال نراوح مكاننا»، لافتة إلى أن «الملف تقني ومعقّد لذلك يتم دراسة كل الاحتمالات وقد أبقينا الاجتماعات مفتوحة».

وقد أجّلت أزمة النفايات النقاشات لتدارك الأزمة الحكومية التي دفعت أوساط الرئيس سلام للتلويح بالاستقالة. ومن المتوقع أن تعقد الحكومة اليوم جلسة لبحث موضوع آلية عملها رغم تأكيد مصادر سلام عدم التوصل إلى أي خروقات في هذه المجال. وقد عرض وزير الصحة وائل أبو فاعور خلال مؤتمر صحافي تأجيل الجلسة لإعطاء فرصة للاتصالات الجارية ولتفادي «الدخول في نقاش تختلط فيه الأمور بين النفايات والصلاحيات». ونظرا لغياب الحلول السريعة من قبل الجهات الرسمية، ارتأى أكثر من طرف اجتراح حلول مؤقتة لأزمة النفايات. ففيما أعرب وكلاء للشحن البحري عن استعدادهم لشحن النفايات عبر البواخر إلى الخارج، أكد رئيس بلدية عرسال علي الحجيري أن البلدية مستعدة لاستقبال النفايات على أرض غير مستعملة بين عرسال وسوريا، واضعا اقتراحه برسم الدولة ووزير البيئة.

وقد لاقى اقتراح الحجيري استياء أهالي بلدة عرسال التي تستضيف أكثر من 90 ألف لاجئ سوري منذ عام 2012. نظرا لحجم التداعيات التي تركها الملف السوري عليهم أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، ورفضهم منطق استجرار تحديات جديدة هم بغنى عنها.

وبينما لفت ما أعلنه الوزير أبو فاعور من أنّه «لا مناص من التوجه نحو البحر بما أن الأرض ضاقت بنا وبنفاياتنا، وإزاء الأخطار الصحية نتيجة تراكم أكوام النفايات في الشوارع اللبنانية»، سارع رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان لإعلان رفضه لاقتراح وزير الصحة، مشددا في مؤتمر صحافي على أن «ما يروج له البعض عن ردم البحر في منطقة خلدة الشويفات (جنوب بيروت) خط أحمر».

ونظرا للأزمة التي أوجدها إقدام أهالي الجية على قطع طريق الجنوب – بيروت، تضافرت الجهود الرسمية لحث المعتصمين على فتحها، وقد أثمرت هذه الجهود ظهر يوم أمس الاثنين، ففتحت الطريق بعد انتهاء اجتماع اتحاد البلديات وتوافقهم على رفض المطامر وبعد وعود تلقوها بعدم نقل النفايات إلى منطقتهم.

وعملت فرقة من مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي بدعم بقوى من الجيش اللبناني على فتح الطريق بالقوة مستخدمة خراطيم المياه ما أدى إلى جرح ثلاثة من المعتصمين نُقلوا إلى المستشفى للمعالجة.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن أربعة عناصر من قوى الأمن أصيبوا أيضا خلال تفريق المتظاهرين.

وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق في بيان أنه «لن تجرى أي عملية نقل للنفايات إلى إقليم الخروب أو إنشاء مطمر في أي موقع في المنطقة عينها، ما لم يتم التوافق على أي خطوة من هذا النوع مع رؤساء البلديات وممثلي المجتمع المدني»، مشيرا إلى أن «استغلال الشائعات حول هذا الموضوع بعد الاجتماع الذي عقد أمس في وزارة الداخلية بين رؤساء البلديات ووزراء الداخلية والزراعة والبيئة وأمين عام تيار المستقبل لا يؤدي إلا إلى المزيد من التوتر الذي لا يخدم لا أهل الإقليم وبيئتهم».

ولم تقتصر مظاهر الاستياء مما آلت إليه أزمة النفايات على منطقة الجية، إذ أقدم عدد من أهالي بيروت صباح يوم أمس على قطع عدد من الطرق للتعبير عن انزعاجهم الشديد من تكدس الأوساخ في شوارعهم وبالقرب من منازلهم.

وناشدت وزارة الصحة المواطنين التقيد ببعض الإرشادات المهمة ريثما يتم حل أزمة النفايات، مطمئنة إلى أن الحديث عن اجتياح الملاريا للبنان غير صحيح. ودعت الوزارة المواطنين إلى «عدم حرق النفايات على الطرق لأن الغازات المنبعثة تسبب مخاطر كبيرة منها مرض السرطان، ولعدم بعثرة النفايات في الطرق لأن ذلك يفاقم الأخطار الصحية»، لافتة إلى أن «رش المبيدات عشوائيا غير مفيد ويجب أن يتم بطريقة عملية صحيحة».