مبادرة «عون ـ جعجع» الرئاسية تنتظر مواقف الحلفاء
الأنظار تتجه إلى ما سيعلنه حزب الله.. و«المستقبل»: كلمة الفصل للمجلس النيابي
بيروت: كارولين عاكوم
بعدما رمى الزعيمان المسيحيان الكرة في ملعب حلفائهما في فريقي 8 و14 آذار٬ بترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع «خصمه السياسي» رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون للرئاسة٬ باتت مهمة الحزبين اليوم هي إنجاح هذه المبادرة مع ما تحمله من عوائق قد تحول دون وصول عون إلى قصر بعبدا٬ لا سيما في ظل إصرار حليفه ومنافسه رئيس تيار المردة٬ النائب سليمان فرنجية٬ على المضي قدما في معركته بدعم من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.
وقد شهد يوم أمس حراكا سياسيا في مختلف الاتجاهات٬ في وقت كان لافتا فيه الترّيث في إطلاق المواقف من قبل أبرز الأطراف في الفريقين٬ لا سيما حزب الله و«المستقبل».
وفي وقت غادر فيه قياديون من تيار المستقبل لبنان للقاء الحريري للبحث في المستجدات٬ اكتفت كتلته النيابية يوم أمس بالإعلان بعد اجتماعها الأسبوعي «التزامها بتوجهات الحريري في موضوع الرئاسة انطلاقا من أن كلمة الفصل تبقى للمجلس النيابي»٬ وهو ما يشير إلى تلويح بتمسكها بفرنجية والدعوة إلى المواجهة في الانتخابات.
ولا تزال الأنظار تتجه إلى ما سيعلنه حزب الله٬ الذي تقع عليه المهمة الأساسية في الاستمرار بدعم حليفه للوصول إلى الرئاسة٬ وفق ما سبق له أن أعلن مرات عدة. وهو ما تشير إليه مصادر متابعة للحراك السياسي٬ موضحة في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان الحزب يريد الذهاب بمرّشحه حتى النهاية فعليه أن يضغط على حلفائه٬ لا سيما رئيس مجلس النواب نبيه بري٬ لتوصيل عون إلى قصر بعبدا». وأضافت: «ليس أمام الحزب أي خيار ثان٬ وإلا خسر عون٬ وهو ما لن يكون في مصلحته».
مع العلم بأّن حزب الله لم يبارك ترشيح فرنجية من قبل الحريري٬ والذي لاقى دعما من بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط٬ وتمّسك بموقفه الداعم لعون٬ في وقت تبقى فيه المواجهة بين «الحليفين المنافسين» في مجلس النواب مستبعدة٬ انطلاقا من معايير عّدة٬ على رأسها رفض عون المشاركة في الانتخابات ما لم يكن ضامنا فوزه.
وفي هذا الإطار٬ اعتبر وزير المالية علي حسن خليل٬ المحسوب على بري٬ أن «هناك دينامية جديدة حصلت بالأمس والأهم الوصول إلى تفاهم وطني»٬ قائلا:
«ندرس ما طرأ على الملف الرئاسي٬ ولا نستطيع التحدث عن تفاصيل كثيرة». وأضاف: «نأمل في جلسة الانتخاب المقبلة (في 8 فبراير/ شباط٬ المقبل) أن نرى رئيسا للجمهورية». في المقابل٬ أّكد مصدر في «القوات» أّن ترشيح عون جدي وليس مسرحية٬ وهناك سعي حثيث لتوصيله للرئاسة٬ متوقعا أن تأخذ الأمور بعض الوقت. وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط»: «نبذل جهودا على خط التواصل مع حلفائنا لإقناعهم بالمبادرة٬ ويبدو أن هناك ترّيثا للإعلان عن مواقفهم٬ انطلاقا من أّن كل جهة لديها التزاماتها»٬ مضيفا: «إلى الآن يمكن وصف ردود الفعل بـ(غير السلبية ولا الإيجابية)».
وعن موقف «المستقبل» بالتحديد٬ قال المصدر: «ليسوا متمسكين بالشخص بقدر ما يعنيهم إنهاء الشغور الرئاسي٬ بينما سبق لفرنجية أن أعلن أنه إذا حصل توافق على عون فسيكون داعما له».
من جهته٬ أّكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات اللبنانية» ملحم الرياشي٬ الذي كان له الدور الأبرز في التوصل إلى اتفاق «عون – جعجع»٬ أن ترشيح عون ليس مناورة وليس موجها ضّد أحد٬ داعيا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تلّقف الحدث ووضعه في الإطار المناسب. وعن المعلومات التي ترّددت حول تضّمن الاتفاق عودة الحريري إلى لبنان وتوليه رئاسة الحكومة٬ قال الرياشي: «رئاسة الحكومة ليست مّنة للحريري من أحد٬ وهذا حق ومطلب أساسي٬ و(القوات) يعرف كيف يصون حلفاءه». وأشار الرياشي إلى أّن «علاقة (القوات) مع حلفائه الإقليميين٬ كما المحليين٬ لم تتّغير»٬ مؤكدا في هذا الإطار على «حرص السعودية على الدور المسيحي الرائد في لبنان٬ وعلى ما يختاره المسيحيون٬ إلى جانب حرص (القوات) الكبير على صداقته مع المملكة».
وبعدما كان عون قد التقى البطريرك بشارة الراعي قبيل مشاركته في مؤتمر إعلان ترشيحه إلى جانب جعجع في معراب٬ أّول من أمس٬ زار جعجع الراعي٬ أمس٬ لوضعه في أجواء المبادرة الأخيرة. وتمنى بعد اللقاء «على كل الكتل النيابية استعراض الموقف للوصول إلى انتخابات رئاسية وإلى وضع أفضل».
وعلى خط حراك التيار الوطني الحر٬ باتجاه فريق 8 آذار٬ شدد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل٬ بعد لقائه مع وزير التربية والتعليم العالي إلياس بوصعب٬ رئيس مجلس النواب نبيه بري٬ على «الحفاظ على حلفائنا ووضع أسس تخرجنا من الماضي إلى أفق أوسع». وقال: «أمامنا حالة انفراج في الرئاسة٬ ولنستغل الفرصة٬ وسنحافظ على حلفائنا». وأضاف: «نبدأ مرحلة جديدة بالسعي الفعلي للتفاهم على هذه الأسس٬ ونأمل في تلقف هذه الخطوة كي لا ندخل في مطبات سياسية نحن في غنى عنها».