انتفاضة وزارية على موقف باسيل داخل الحكومة اللبنانية
سلام: الإجماع العربي مهم جًدا والخروج عنه غير مقبول
نجح لبنان إلى حد بعيد في تجاوز الأزمة التي أنتجتها مواقف وزارة الخارجية اللبنانية التي رفضت تأييد الموقفين العربي والإسلامي من التعرض لسفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد الشهر الماضي٬ حيث حرص وزير الخارجية جبران باسيل على توضيح الموقف في أكثر من مناسبة٬ وتأكيده إدانة التعرض للبعثات الدبلوماسية٬ بالإضافة إلى زيارة قام بها زميله في التيار الوطني الحر وزير التربية إيلي أبو صعب إلى السفارة السعودية لتوضيح الموقف.
لكن هذه التوضيحات٬ لم تمنع حصول انتفاضة وزارية» بوجه الوزير باسيل في جلسة مجلس الوزراء التي أعقبت الموقف الدبلوماسي اللبناني٬ كما أكدت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الوسط». وقالت المصادر إن باسيل بادر خلال الجلسة إلى فتح النقاش حول الموقف من السياسة الخارجية٬ محاولاً تبرير موقفه في جامعة الدول العربية فحصل نقاش تطور إلى جدال بين وزراء حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن من جهة٬ وأشرف ريفي ونهاد المشنوق ورشيد درباس تيار المستقبل) ووائل أبو فاعور (المقرب من النائب وليد جنبلاط) من جهة ثانية.
ووقًفا للمصادر قال باسيل مفتتحا النقاش: «هناك في البيان الذي عرض علينا وصف لحزب الله بالإرهابي ولذلك اعتمدنا موقف النأي بالنفس وكان هناك تفهم لموقفنا». وأضاف: «إذا كنتم تريدون تغيير سياسة النأي بالنفس فخذوا قرارا بذلك ولنغير بياننا الوزاري»
أجاب الوزير المشنوق: «في القاهرة كان هناك إجماع على موقف محدد يتعلق بالاعتداء على السفارة السعودية وعندما ننأى بأنفسنا نحسب على الطرف الآخر ولا مبرر للموقف الذي أخذه السفير اللبناني في المؤتمر الإسلامي ولا نستطيع إلا أن نلتزم الإجماع العربي٬ فهذا مخالف لهويتنا ويضعنا بمواجهة الدول العربية٬ والمقارنات التي يجريها وزير الخارجية غير متطابقة»٬ثم أردف الوزير ريفي قائلا: «دستورنا يقول إننا بلد عربي وهناك صراع عربي إيراني ونحن عرب ولا هوية أخرى لنا»٬ وهنا تدخل وزير «حزب الله» حسين الحاج حسن فقال: «لا أحد يطرح الخروج من العروبة ولا أحد عربي أكثر من الآخر (…) ولا صراع عربي إيراني بل عربي عربي٬ فالحوثيون عرب وفي سوريا الجيش النظامي عرب٬ وفي العراق الحشد الشعبي عرب٬ كما جيش الفتح عرب وفي لبنان كلنا عرب٬ وجزء من العرب يتهم حزب الله أنه إرهابي٬ وموقف لبنان يجب أن يكون توافقيا وهل تريدون أن تعيدوا النظر بموقف النأي بالنفس؟»
وتدخل الوزير فنيش معززا: «لا أحد عربي أكثر من الآخر وفي الدول العربية مشكلات وإرباكات وتركيا وأميركا تتدخلان في سوريا٬ فلا يثير الأمر حساسية٬ بينما إيران تثير حساسية ونحن لم نتفق على موقف رئيس الحكومة في دافوس الذي تعرض فيه لإيران».
وتدخل الوزير وائل أبو فاعور فقال: «عروبة لبنان من البديهيات٬ وهي خارج النقاش هوية وانتماء ولا يصح أن نقول نحن عرب ونقف ضد الدول العربية ومرجعية العروبة اليوم هي جامعة الدول العربية٬ ونحن يجب أن نكون جزًءا من الموقف العربي ولا نقبل أن نكون خارج الإجماع العربي وإيران أدانت التعرض للسفارة السعودية مثلا٬ فلماذا يتلكأ البعض لدينا ولا يجوز أن نقاتل في سوريا مع النظام ونقول للعرب تفهموننا ويجب ألا يعتقد أحد أنه يستطيع أخذ لبنان في أي اتجاه خارج عروبته».
وأخيًرا ختم رئيس الحكومة تمام سلام النقاش بالقول: «نحن نمارس النأي بالنفس لأجل توحيد الصف العربي لا لقسمته وموقف لبنان في القاهرة أثار استياء العرب والإجماع العربي مهم جدا والخروج عنه غير مقبول».
وأضاف الوزير المشنوق: «لماذا اللف والدوران؟ واضح أن وزير الخارجية تهرب من مسألة التدخل الإيراني. وأقول أمام الجميع: نحن عرب ومع الإجماع العربي في مواجهة إيران٬ وإلا نكون نطرح هوية لبنان العربية على طاولة البحث٬ وهذا غير مسموح» فرد عليه الوزير الحاج حسن قائلا: «وهل نحن جالية إيرانية»٬ فأجابه المشنوق: «أنت قلت هذا الكلام».
وكان الوزير المشنوق تحدث أمس أمام وفد من مجلس العمل والاستثمار اللبناني في المملكة العربية السعودية: «من غير المقبول قول بعض الفرقاء الداخليين إن الاعتبارات الداخلية هي الأهم٬ ذلك أن عروبة لبنان ليست موضع نقاش أو تساؤل٬ وموقف وزير الخارجية لم يكن حكيما٬ وأخذ في الاعتبار شؤونا محلية أمام مصير المنطقة كلها». وأضاف: «إذا خرجنا من عروبتنا لا يبقى لنا شيء٬ حتى إن دولا لها علاقات مميزة مع إيران٬ مثل سلطنة عمان٬ لم تقف على الحياد»