وزير العدل اللبناني يعّلق مشاركته في الحكومة لحين إحالة سماحة إلى المجلس العدلي
خلاف بينه وبين تيار «المستقبل» لانفراده بقراره من دون التنسيق مع القيادة
علّق وزير العدل اللبناني أشرف ريفي مشاركته في جلسات مجلس الوزراء مشترطا إحالة ملف الوزير السابق ميشال سماحة٬ المتهم بنقل متفجرات من سوريا إلى لبنان والتخطيط لتفجيرها في تجمعات شعبية شمالي البلاد٬ إلى المجلس العدلي. غير أن تفرد ريفي بقراره هذا من دون التنسيق مع قيادة تيار «المستقبل» أظهر إلى العلن خلافا مع رئيس التيار الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري الذي أكد أن «موقف الوزير ريفي لا يمثلني».
وأضاف الحريري: «لا يزايدّن أحد علينا باغتيال وسام الحسن (رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن الذي تم اغتياله في عام 2012) أو محاكمة سماحة٬ فكل من ارتكب جريمة سينال عقابه».
وانسحب ريفي من جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت يوم أمس احتجاجا على عدم البحث في بند إحالة جريمة ميشال سماحة على المجلس العدلي٬ للجلسة الثالثة على التوالي. وقال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» إن ريفي طلب من رئيس الحكومة تمام سلام طرح البند للنقاش علما أّنه لم يكن قد حان دوره على جدول الأعمال٬ إلا أن الأخير رفض مشددا على وجوب الالتزام بأولويات الجدول. وأوضح المصدر أن «ريفي أصر على أهمية الملف الذي يطرحه كونه يمس السلم الأهلي٬ إلا أن سلام ظل على موقفه لاقتناعه بأن النقاش سيطول حوله ما سيطيح بباقي البنود المستعجلة». وأضاف المصدر: «عندها ارتأى ريفي الانسحاب من الجلسة علما أن النقاش لم يتوسع بل ظل محصورا بينه وبين الرئيس سلام».
وأكد ريفي خلال مؤتمر صحافي بعد خروجه من الجلسة أّنه سيلجأ إما إلى المحكمة الجزائية الدولية٬ وإما إلى القضاء الكندي أو إحدى الدول التي تجيز لقضائها صلاحية النظر بالجرائم الإرهابية٬ مشددا على أنه «لن نستسلم مهما كلف الأمر تجاه قاتلنا». وقال: «هناك قوة سياسية تحاول أن تعطل وتؤجل هذا البند٬ وبصفتي وزيرا للعدل أعطي أولوية لهذا البند المهم٬ لذا أصررت على أن أناقش هذا الموضوع قبل أي موضوع آخر٬ وأنا معني بإقامة العدالة وإحقاق الحق.
هناك نية لتعطيل هذا البند لكسب الوقت٬ علما أنه يتعلق بالأمن الوطني والعيش المشترك». وأضاف: «يوم اغتيال الرئيس رفيق الحريري٬ ونحن عشية ذكراه الـ٬11 ذهبنا إلى القضاء الدولي باعتبار أن هناك منظومة دولية قضائية استثنائية لا نثق بها (بإشارة إلى المحكمة العسكرية) ولا نعتبر أنها يمكن أن تؤمن لنا العدالة».
وأوضح نائب رئيس تيار «المستقبل» أنطوان أندراوس أن الموقف الذي اتخذه ريفي بتعليق مشاركته في جلسات الحكومة استدعى ردا من الحريري باعتبار أّنه لم ينّسقه مع قيادة التيار ووزرائه٬ نافيا أن يكون هناك أي اتفاق على انسحاب وزراء «المستقبل» من الحكومة أو تعليق مشاركتهم في حال لم يتم التجاوب مع طلبهم بإحالة الملف إلى المجلس العدلي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نصر على متابعة الموضوع بالطرق الدستورية٬ باعتبار أن لا قرار لدينا بتطيير اجتماعات
الحكومة ونحن حريصون على مصالح اللبنانيين أولا».
وُيحاكم سماحة٬ الذي كان يشغل منصب المستشار السياسي للرئيس السوري بشار الأسد أمام المحكمة العسكرية بتهمة «إدخال 24 عبوة ناسفة من سوريا إلى لبنان٬ بالاتفاق مع مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك ومدير مكتبه العقيد عدنان٬ ووضع مخطط يفضي إلى تفجير هذه العبوات في منطقة عكار بشمال لبنان بموائد إفطار رمضانية٬ ومحاولة قتل نواب ورجال دين بينهم مفتي عكار٬ ومعارضين للنظام السوري ومواطنين». وقد أطلق سراحه منتصف الشهر الماضي بكفالة مالية بلغت نحو مائة ألف دولار على أنُتستكمل محاكمته من دون أن يكون قيد الاعتقال٬ ما أثار صدمة وإدانة في الشارع اللبناني.
وقد أقّر سماحة صراحة في آخر جلسة استجواب بالتخطيط لـ«تفخيخ» المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا٬ معتبًرا أنه تولى هذه المهمة لـ«حماية لبنان من المسلحين الذين ينتهكون سيادته»٬ بينما عزا محاولة قتل الأبرياء إلى «ساعات التخلّي» التي تصيب كّل إنسان.
وتؤيد معظم قوى 14 إحالة ملف سماحة للمجلس العدلي فيما تعارضه قوى 8 التي تشدد على أّنه لا يجوز إحالة قضية إلى المجلس العدلي يكون القضاء قد أصدر حكمه فيها. ويرد ريفي على ذلك بالتأكيد أن «قضية سماحة لم تصل إلى الحكم المبرم ويحق لمجلس الوزراء إحالتها إلى المجلس العدلي».
وُتعتبر المحكمة العسكرية كما المجلس العدلي محكمتين استثنائيتين٬ الأولى القضاة فيها معظمهم من ضباط الجيش٬ فيما القضاة في المجلس العدلي من «العدليين المحترفين». وأشار وزير العدل السابق شكيب قرطباوي إلى أّنه لا مجال لإحالة أي قضية إلى المجلس المذكور من دون قرار من الحكومة. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع استنسابي٬ فإذا ارتأى مجلس الوزراء أن القضية تطال السلم الأهلي والأمن القومي فقد يجد من المناسب إحالتها على المجلس العدلي٬ وهو ما حصل مع ملف أحداث نهر البارد (بإشارة إلى المواجهات التي اندلعت بين الجيش وعناصر تنظيم فتح الإسلام المتطرف في العام 2007)».