حراك في لبنان لحل الأزمة الرئاسية.. ولقاء عون فرنجية مؤجل
علوش لـ«الشرق الأوسط»: الحريري لن يعلن ترشيح رئيس «المردة» رسمًيا الأحد
يشهد مقر البطريركية المارونية في بكركي٬ شرقي العاصمة اللبنانية بيروت٬ حراًكا لافًتا بعد قرار البطريرك بشارة بطرس الراعي تنشيط الجهود المبذولة لحل الأزمة الرئاسية المتمادية منذ مايو (أيار) ٬2014 تمهيدا لملاقاة ظرف إقليمي مناسب يتيح تمرير هذا الاستحقاق الذي يقر مختلف الأفرقاء اللبنانيين أنه بات مرتبطا بالأزمة السورية وبالتحديد بقرار وقف إطلاق النار.
وبينما تتركز الأنظار على الكلمة المرتقبة لرئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري يوم الأحد في ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري لتحديد المسار الذي قد تسلكه الأزمة الرئاسية٬ استبعد القيادي في التيار الدكتور مصطفى علوش أنُيعلن الحريري خلالها ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية رسميا لرئاسة الجمهورية٬ مشيًرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعطيات المتوافرة لا تشير إلى أي مفاجأة في هذا الإطار. وأوضح علوش «الكلمة ستركز على الوضع الإقليمي ودعم التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بمواجهة إيران وروسيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد٬ وتداعيات هذا المشهد على لبنان وخاصة لجهة استمرار الشغور الرئاسي وإمعان حزب الله في تدمير لبنان». وأردف أن الحريري سيتطرق أيًضا «لمعاني ذكرى اغتيال والده التي تؤكد الأيام أن العملية الإرهابية التي استهدفته ليست إلا جزءا من مخطط متكامل لابتلاع المنطقة من قبل الولي الفقيه».
وبانتظار تحديد الحريري المسار الذي سيسلكه رئاسيا إن كان لجهة تمسكه بترشيح فرنجية أو إمكانية تبني ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون٬ ارتأى البطريرك الراعي محاولة تذليل العقبات التي لا تزال تؤخر إنجاز الاستحقاق الرئاسي وأبرزها الخلاف المستمر بين عون وفرنجية وتمسك الزعيمين بأحقيتهما بالوصول إلى سدة الرئاسة. ففي حين يقول الأول إنه الأكثر تمثيلاً شعبًيا٬ وخاصة في الشارع المسيحي بعد الاتفاق الذي عقده مع حزب «القوات»٬ يعتبر فرنجية أّنه المرشح الذي يمتلك العدد الأكبر من أصوات النواب ما دامت كتلة «المستقبل» تدعمه.
ويبدو أن لقاء عون فرنجية يبقى مؤجلا حتى تحقيق نوع من التفاهم المسبق بينهما حول إمكانية أن ينسحب أحدهما للآخر. وهو ما لّمحت إليه مصادر مقربة من البطريركية المارونية٬ لافتة إلى أن جمع عون وفرنجية في بكركي «أمر وارد ونعمل عليه لكّنه لن يتم قبل التوصل لنتائج ملموسة على صعيد إيجاد مخرج يؤمن عمليا انتخاب رئيس». وتابعت المصادر لـ«الشرق الأوسط» شارحة: «هناك وسطاء للبطريركية يعملون على خط الرابية (حيث منزل عون) بنشعي (منزل فرنجية) كما أن هناك حركة ناشطة في بكركي٬ لكن لا شيء مقرر بعد٬ باعتبار أن اللقاء بين الزعيمين سيعني تلقائيا إتمام اتفاق سيباركه البطريرك بحينه».
واعتبرت المصادر أّنه «رغم كون عون الأكثر حظوظا لتولي الرئاسة حالًيا٬ فإننا نعتقد أن الحل للأزمة سيكون رئيًسا توافقًيا».
من جهتها٬ أشارت مصادر تيار «المردة» لـ«الشرق الأوسط» إلى أفكار عدة وضعها البطريرك لحل الأزمة الرئاسية٬ مستبعدة عقد لقاء قريبُيعقد بين رئيس «المردة» سليمان فرنجية والنائب عون. وقالت هذه المصادر «قد يكون من الأجدى انتظار ما سيقوله الرئيس الحريري يوم الأحد ليبنى على الشيء مقتضاه».
من جهة ثانية٬ في حين تحدث النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم لـ«الشرق الأوسط» عن «خطة» يعمل عليها البطريرك الراعي لحل الأزمة الرئاسية٬ أبلغ رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن «الشرق الأوسط» أن بكركي «تعمل على ترطيب وتلطيف الأجواء بين الأفرقاء المسيحيين٬ وهي لا تزال تشدد على مبدأ التوافق لإتمام الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن.. أما كل ماُيحكى عن تسويق البطريرك اسم شخصية معينة لتبوء سدة الرئاسة٬ فهو عار عن الصحة٬ باعتبار أن لا مرشحين مفضلين للبطريركية كما لا فيتو لديها على أي شخصية يتم التداول باسمها».
هذا٬ ويركز النائب عون وفريقه السياسي حالًيا على محاولة إقناع تيار «المستقبل» بتبني ترشيحه للرئاسة٬ وبقد عمد أخيرا إلى فتح قنوات تواصل جديدة مع النائب سعد الحريري بالتزامن مع تمنيه على بكركي بذل جهود لإقناع النائب فرنجية بسحب ترشيحه. وهو ما لّمح إليه وزير التربية إلياس بو صعب (من كتلة عون) الذي قال بعد لقائه البطريرك الراعي يوم أمس «تمنيت على غبطته أن يقوم بجهد أكبر من أجل حلحلة الوضع في الداخل المسيحي٬ أولاً٬ لكي نستطيع إيصال رئيس للجمهورية يكون الممثل الأقوى لكل اللبنانيين. هذا هو الخلاص الوحيد للأزمة التي نمر بها٬ أكان في الوزارات أو في غيرها».
ولقد لفتت يوم أمس كذلك الزيارة التي قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى مقر إقامة عون في الرابية (شرقي بيروت)٬ وهو قال بعد اللقاء أّنه «متفائٌل بانتخاب الرئيس هذا العام»٬ مشيًرا إلى أن «التفاهم مع عون سهٌل وممكٌن ومحقٌق». وأضاف: «قرار الانتخابات الرئاسية كما قلنا دائما إقليمي وليس محلًيا».